٣- صندوق باندُورا

233 7 5
                                    

- بعد اثنتَي عشرة ساعة.
- كيم تايهيونغ..


لَم أتخيّل يومًا أن يكون جسدي فاقِد الرّوح بخفّة أن يطفو في صدرِ الفضاء، يتنفّس مِن غُبار السّدم ويتهادىٰ بَين صغارِ القَمر وجوانِب النّجوم..

لَم أعلَم أنّ شعور الهدوء قد يُراودني مِن جديد بهذه الطّريقة، أن ينفُر شعور الازدِحام رُغم خواء جَوفي مُستبدَلًا بحُلو الفراغ بَين جَنبَي، أن أستطيع التّنفس مرّةً أخرىٰ، وأن أكون خفيفًا حتّى اعتقدتُ أنّي أختلِط مَع ألوان سديمي النّقيّة ببعدٍ مِن أبعاد العدَم.

لا أعلَم حقيقة ما حدَث، لا أذكُر إلّا ثقل رأسي وانفِصال واقعي عنّي ككلّ لَيلة، وهذا اللّحن الرّخيم الّذي يوازِن جسدي بَين أغبرة الفَضاء كان يتخلّل مسامعي حينما كنتُ أرتحِل مِن الوَعي لأضدادِه، لكنّي ما زلتُ أسمعه..

يبدو أنّ أبولّو عفا عنّي، ترك النّجوم تعزِف مقطوعاتِها، تركَ لي أنفاسي وأخضَع قلبي لأهازيجِه مِن جديد، كدتُ أنسىٰ كَيف استطعتُ يومًا استشعار نبضاتِه كلّما دقّت معازِف السّماء بقلبِ سديمٍ يمدّني بحُلو الأنفاس..

ومَع ذلك الحزنِ الّذي تغلغل بكيان اللّحن الزّائِر، ما زلتِ أستطيع الشّعور به يستحِل مكان فقيدَتي حتّىٰ اختُتمتْ المقطوعة وتلاشتْ ألوانُ السّدم وضرب صَوت الصّمتِ مسمعي مِن جديد، والآن أرىٰ الخَوف الّذي تجاهلتُه في سبيل تذوّق تلك المشاعِر يجرّني إلىٰ حيثُ اعتدتُ المكوث.

فتحتُ عَيني كما لَو فتحتُ صندوق باندُورا، أُلاقي سوء العالَم الحقيقيّ بناظريّ بَينما أغرق بمقتِ عَودتي مِن ذاك المكان ، أُحاكي الصّمتَ والسّكون نفسًا وجسدًا وأتلبّس هيئة الظّل الّذي لا يُميّز مِن الظّلام.

أستشعِر قسوة قلبي مِن جديد وأتذوّق انعِدام طعم فراغ جوانحِي البارِد، ولستُ في انتِظار أيّ هواءٍ ليملأ جَوفي المُختنِق.

ها أنا هنا ثانيةً، مَن أنا لأصدِق أنّ لمكانٍ كهذا وجودٌ إلّا في بُعد أوهامي؟

ولكِن، أبولّو..
لِم عدتَ للعزفِ حينما كذّبتُ نفسي؟
ألستَ وهمي بعد كلّ شيء؟

استقمتُ تاركًا فراشي الّذي انغرَس فيه جسدي المُثقل خاطيًا نحو مصدرِ الصّوت القريب.

تتلمّس أناملي مقبَض الباب البارِد الّذي ما وطأتُه منذ أوّل قدوم، ليتحرّك الباب قليلًا سامحًا لحُلو الأنفاسِ أن تعود مصاحبةً بتلك الأهزوجة.

ذلك الشّعور مختلفٌ عن حُلمي، يحمِل بعض الحُزن وبضع وخزاتِ الألَم، لكنّي ما زلتُ أستسيغه.

سَديْم - تِ.كحيث تعيش القصص. اكتشف الآن