٢٦- إله الشّفاء السّقيم

45 4 3
                                    

- جيون جونغكوك..


لقد تخيّلتُ صدى تلك الأغنية يتخبّط بين جدران مسرحٍ فارغ، إلّا مِن ذلك الجسد الرّقيق الّذي انتصفه..

يجلس بالهدوء الّذي اعتدتُ رؤيته في ملمحه، ويستمع بذات الهيئة الّتي يتّخذها بغير عمدٍ في كلّ مرةٍ يكون هذا اللّحن في الجوار. وهذه المرّة لم أراقبه مِن وراء السّتار..

استطعتُ الشّعور بملمس جلده علىٰ جلدي، وصوت أنفاسه، وأدقّ الأصوات الّتي تترك حلقه، حتّى صوت نبضات قلبه الّذي أسكنتُ رأسي إلَيه..

تركتُ أصابعه تعبث بشعري بَينما أوزّع تركيزي بين هدوء الخفقات بَين ضلوعه والحروف الّتي تترك ثغره.

"ماذا عن الافتقاد؟ ما قد يكون لونه؟"
سأل مكملًا الحديث الّذي بدأتُه بسؤالٍ عن إن كان للمشاعر ألوان كما يفترض بحديثه دائمًا؛ لذا خلقت سلسلة أسئلةٍ طويلةٍ كنّا نتبادلها منذ أن بردت أجسادنا.

عدتُ لسؤاله لأهمهم مفكرًا، ثمّ أجيب بسؤالٍ آخر:
"هل تفتقِد شيئًا؟"

"لا أعلم.."
أجاب بنبرةٍ خافتةٍ لأعلم كيف بدأت نفسه تخرج إليّ شيئًا فشيئًا؛ لذلك زفرتُ اسمه مع الهواء ليتنهّد ويعيد تكوين إجابته:

"افتقدتُ دور العرض، ربّما هذا يجعل الافتقاد بلونٍ مخمليٍّ ما.."

لم أرَ وجهه والتّغير الّذي يحدث بملمحه بأثناء حديثه إثر خضوعي لكفّه الّتي تعبث برأسي، لكنّي استطعتُ ملاحظة أدقّ تغييرات نبرة صوته وانتقاء ألفاظه.

وتذكّرتُ كيف قد غاب هذا اليَوم عن العرض كلّه؛ لذلك حدّثته بذات الصّوت الخافت متجاهلًا ذكر تلك الذّكرىٰ:
"وما لون الموسيقىٰ هناك؟"

"ذهبيّ.."
تمتم وكأنّه قد عرف الإجابة قبل السّؤال، ولم أستطِع منع نفسي مِن تخيّل دار العرض بالألوان المخمليّة وآلاتٍ ذهبيّة الأوتار.

"أتريد الذّهاب ثانيةً؟"
سألتُ مرةً أخرىٰ بترددٍ لعدم تأكّدي من استطاعتنا الذّهاب، فالأمر لَيس بيدي في هذا المكان.

"أريد حضور عرضٍ للأغنية الّتي تعزفها.."
همس بترددٍ قابل الّذي أخرجتُه قبلًا لتزداد عدم ثقتي بمقدرتنا علىٰ تحقيق هذا، فلم أجبه هذه المرّة.

رفعتُ رأسي عن صدره لأترك قبلةً علىٰ زاوية شفتَيه ثمّ أضع رأسي علىٰ الوسادة بجانبه متمتمًا:
"سنرى ما يحمله لنا غد"

فرأيتُه يومئ بذات الهدوء قبل أن أشعر بكفّه تحيط يدي، وكأنّ قطع الاتصال بيننا في هذه اللّحظة يؤرقه.

سَديْم - تِ.كWhere stories live. Discover now