٢١- رَسول الإيمان

41 4 1
                                    

- جيون جونغكوك..


مِن قلب جميع الهوّات الّتي ذلّت قدمي علىٰ جرفها وانزلقتُ هوايًا بها، إلّا أنّ هذه كانتْ هوّةً جديدةً لم أقع بها مِن قبل.

مبهمةٌ ويزِن بها جسدي أكثر مِن المألوف، ولشدّة عمقها لا يستطيع الضّوء وصول قاعها، وبذلك إن انزلقت قدمي عن ذاك الجُرف فلن أعلم إلىٰ متىٰ قد أظلّ أسقط قبل الوصول لنهايتها.

وبالرّغم مِن كلّ هذا، فأنا لا أعلم حتّى إن ما زلتُ علىٰ الجرف أم أنّ جسدي الآن يهوي بغير درايةٍ منّي.

لقد غفوتُ لبضع ساعاتٍ بعد الحفل، وعدتُ فجرًا أجلس بجانب قدميّ إيروس في انتظار استيقاظِه للسؤال عن حالِه واختلاق أيّ حديث، لكنّه بقي علىٰ ذات الحال حتّى استيقظ جيمين، وأعرف كيف بدت تنهيدتي منزعجةً مِن نفسي الّتي تملّكها بعض الإحباط، ومع ذلك بقيتُ أنتظِر، حتّى لمحتُ عينيه أخيرًا بطريقها للتعافي.

بقيت بغرفته أترقّب نهاية اليَوم لأعود حاملًا الأغنية الجديدة الّتي سأقضي اللّيل أحاوِل إتقانها، وبالرّغم من صعوبة استخراج النّوتات كنتُ أشعر بالامتلاء، وأنّ لوجودي ملمسٌ ماديٌّ يُشبه المخمل، وكان ذلك غريبًا وصاخبًا بعدما اعتدتُ أن تستشعر أناملي الهواء بلفظ الوجود.

أبقيتُ عقلي منشغلًا بمهمّة إنهاء الأغنية غير عازمٍ علىٰ النّوم، كنتُ أحاوِل جاهدًا عدم إعطاء حديثه باللّيلة السابقة حيّزًا مِن رأسي، لكن سريعًا ما باء الأمر بالفشل لأنّه كان يجلس بجواري ويبتسِم بعدها بدقائق قليلة.

كانت تُصيبني خشية أن يبدو التّشتت جليًّا بين تقاسيم وجهي بكل مرّةٍ يحدّثني بها أو ينظُر إليّ بذاك اللّين الّذي تحمله عيناه، وبقيتُ أردد كثيرًا بأنّه يُشبه الغيث الّذي يملأ فراغ السّماء والأرض وما بَينهما، وعليّ ألّا أختبئ منه، لكنّي فعلتُ في النّهاية..

أطفأتُ الأضواء واختبأتُ أسفل الأفرشة حينما بدا شيءٌ من النّعاس يلوح أمام عيني، وقد تمسّكتُ به هاربًا مِن ذاتي في انتظار بقيّته لأترك النّوم يغلبني، لكنّي علىٰ عكس المراد بقيتُ أفكّر..

وبقيتُ لدقائق أتأمّله، أردتُ رؤية تعابير وجهه بينما يحتضن الصّندوق الصّغير بسكون، وربّما تدوينها لاحقًا، لكنّي لم أعرِف كيف أستمع إلىٰ صوته غير المنطوق وسط أصوات تمزّق نفسي الصّاخبة.

كانت أجزائي تنفصِل، جزءٌ يدّعي ألّا شيء تغيّر، وآخر يُدرك ما يحدث وليس لدَيه العلم إن كان حقيقةً أم أنّ الأوهام ما زالت تُداهمني، وأخيرٌ يحمِل مِن الحقيقة ما يكفي ليُصمت كلّ جزءٍ آخر.

سَديْم - تِ.كWhere stories live. Discover now