الفصل الأول

6.7K 67 8
                                    

دقات الساعة تُعلن الثانية بعد منتصف الليل، رفع شاب فى أواخر العشرينات عينيه عن مؤشرات ساعة يده وزفر بإرهاق ثم أعاد كفه لداخل جيب سترته الخفيفة لعله يستمد بعض الدفء فى هذا الوقت من ليل الخريف

كان يوم طويل وشاق فى العمل أرهقه نفسياً وجسدياً، فمازال فى بداية طريقه فى عالم الأعمال مع صديقيه المقربين يكافحون لشق طريقهم العملى وإثبات أنفسهم فى عالم التصدير والاستيراد بعد أن تخلوا عن وظائفهم الحكومية وقرروا عمل مشروع خاص بهم

حركته بطيئة بخطى مرهقة وجفون مرتخية بنعاس يهاجم مقلتيه بشراسة، مد بصره يتطلع لنهاية الشارع الطويل الذى يقطن أحد منازله ... يُمني نفسه بقرب الراحة والدفء، ها هو المنزل على بعد خطوات قليلة حيث الاسترخاء بعد يوم طويل شاق

وأخيراً دلف للمنزل وأغلق البوابة الخارجية الحديدية خلفه ثم بدأ فى صعود درجات السلم بتؤده حيث يقطن بالطابق الأخير

"الطابق الأول .. الطابق الثانى .. كدت أصل للثالث" عقله يحدثه ويحثه ليستمر فى الحركة فلو استسلم لرغبة جسده المُرهق سينتهى به الحال نائماً على درجات السلم من فرط التعب والإرهاق

كاد أن يسقط على وجهه فجأة حين تعثر فى شئ ملقى بإهمال على المنبسط بين الدرج أمام أحد الشقق .... فتح عينيه على اتساعهما فى هذا الظلام الدامس عله يتبين ما هذا الشيء الضخم الملقى بمنتصف المنبسط

فالجيران يقومون بإطفاء أضواء السلم عند الثانية عشرة ويضطر هو للصعود فى الظلام كل ليلة أو فى الإضاءة الخافتة المتسللة عبر نافذة السلم من أحد أعمدة الإنارة خارج المنزل

أخرج هاتفه المحمول وأشعل الكشاف الخاص به ثم سلطه على الشئ الذى كاد يُسقطه أرضاً، شئ كبير الحجم يفترش الأرض وما أن سلط الضوء على هذا الجسد حتى تراجع للخلف خطوتين فزعاً.

فتاة !! .. جسد فتاة مسجى أرضاً .. تسمر جسده ومقلتاه مسلطة بذهول على جسدها الفاقد الحركة... عقله عاجز عن التفكير والتصرف ورغم هذا لايرحمه من تدفق العديد من الأسئلة الحائرة "من هذه الفتاة؟ وماذا تفعل هنا؟؟؟ ... هل هى حية أم ميتة؟"

لو كانت حية لنهضت أثر تعثره بجسدها ولكنها لم تأتى بأي حركة، تنفس بقوة فى محاولة لاستجماع شجاعته بعد أن تبخر النعاس من رأسه بفعل الأدرينالين المندفع بأوردته

تقدم ببطء نحوها ثم انحنى فوقها ومد أصابع مرتعشة باردة يلامس عروق عنقها وانتظر لثوانى بترقب

ثم همس بالحمد لله .... حية، سلط الضوء على وجهها وآلاف الأسئلة تصرخ فى عقله "من تكون؟ كيف وصلت لمنزلهم؟

هل هى غريبة عن المنزل ربما أتت لزيارة أحدهم؟ أو ربما فتاة شارع احتمت بالمنزل من البرد ... أو ربمالا يعلم... عقله عاجز عن التفسير .. كيف يتصرف الآن؟

التقينا فأشرق الفؤاد بقلم / إيمان سلطانWhere stories live. Discover now