الفصل السابع

1.8K 45 0
                                    

مع خيوط الشمس الأولى وصلت لينا إلى فيلا السمرى وعلى ملامح وجهها الرقيق
تجلت علامات الإجهاد والسهر
ألقت التحية على عمها عدلى ووالدها الذين عادوا للتو من صلاة الفجر
قبل أن تتقدم لتلقى بجسدها المنهك بجانب والدها على الأريكة
التفت صلاح لابنته يضم كتفيها بحب وهمس بشفقة
:- شكلك مرهق أوى ياحبيبتى ... وأخرتها فى شفتات الليل ديه
ابتسمت برقة فى وجه والدها الحبيب فهو يخشى عليها كثيراً ويظنها مازالت طفلة صغيرة
رفعت قبضتها لتظهر عضلات وهمية بذراعها ورددت بحماس
:- أنا قدها وقدود يابابى ... وبعدين شفتات الليل بقدر أركز فيها فى البحث بتاعى
عشان أقدمه وأتخرج بقى
أراحت رأسها على كتف والدها بإنهاك فمد كفه ومسح على رأسها بحنو مردداً
:- ربنا يوفقك ياحبيبتى
تدخل عمها عدلى فى الحوار بلهجة صارمة فهو لم يعتاد هذا الدلال علناً حتى
ولو بين أب وابنته فقال متذمراً
:- بس بردك أنتِ بنت ومايصحش كل يوم تباتى بره الدار إكده
اعتدلت لينا فى جلستها ورمقت والدها بارتباك قبل أن تجيب بهدوء
:- أنا دكتورة يا عمى وديه طبيعة شغلى وحضرتك بتبعت العربية تجبينى وتودينى للمستشفى
نهض من مكانه بتذمر وتقدم بخطوات ثقيلة ضارباً بعكازه على الأرض بقوة وهو يتمتم بحدة
:- بنات آخر زمن
أحنت رأسها بتأسف فعقلية عمها تختلف تماماً عن عقلية وتفكير والدها المتفتح
الذى تلقى تعليمه بالخارج وعاش معظم سنوات عمره خارج البلاد ...
وليس عمها فقط بل أن رجال هذه البلدة مختلفين عن كل من قابلت من الرجال
مسد والدها على ظهرها برفق ليواسيها من كلمات عمها اللاذعة وعقلها
يعيد عليها حوارها مع جلال، التفتت لوالدها فجأة وسألته باهتمام
:- بابى ليه الناس بتخاف من عيلتنا وتكرهنا
جعد مابين حاجبيه وتسائل باهتمام
:- ليه بتقولى كده ... فى حد ضايقك
تنهدت بخفة وهزت رأسها نافية ثم أجابته بجدية
:- لاء أبداً ... بس بحس أن معاملة الناس بتتغير لما يعرفوا اسم عيلتى
وبشوف خوف وقلق فى عينيهم
اتكأ صلاح بظهره على الأريكة ومسح بكفه على وجهه وقد عاد بعد عدة سنوات إلى منبته ليجد الحال نفس الحال ... وضح بجدية
:- عيلتنا لها قوة وسطوة فى البلد عشان كده الناس بتحترمنا وتقدرنا ...
(تنهد بضيق مردفاً) وللأسف يابنتى عيلتى بتؤمن بالتار زى عائلات كتير فى الصعيد
وعندهم عصبية وحمية لأى حد يمس شئ يخصهم ....
وده بيخلى الناس تخاف تتعرض لهم بأى شكل
هزت رأسها بعدم فهم وتسألت :- يعنى إحنا علينا تار
تفحص ملامحها جيداً بحيرة ... لقد مرعلى تواجدهم فى البلده أكثر من شهرين
فما الذى حدث حتى تسأل هذه الأسئلة الأن ... عبر عن حيرته فى تساؤل
:- أنتٍ مهتمة كده ليه!!
أخفت اهتمامها وتصنعت اللامبالاة قائلة ببساطة
:- أبداً .... بس بفهم من حضرتك
احتواها بذراعه فى حنان موضحاً :- شوفى يابنتى ... أنا طول عمرى كنت بعيد عن البلد
... سافرت واشتغلت بره مصرعشان مش موافق على حكاية التار ديه .....
بس اشتقت لبلدى وقررت أرجع وأكمل باقى عمرى هنا جنب أهلى ...
لكن لو أنتِ مش مرتاحة هنا نرجع القاهرة فوراً أو سافرى لوالدتك فى ألمانيا لوتحبى
رفعت كفيها لتحتضن وجه والدها الحبيب وابتسامة تزين ثغرها قائلة بتأكيد
:- يابابى أنا مبسوطة هنا جداً وكمان المستشفى محتاجة لدكاترة كتير
وأنا حاسة أن رسالتى هنا فى علاج الناس هنا فى بلدى
جذبها لأحضانه بحنان يمسد على ظهرها قائلاً بلين
:- خليكى فاكرة وقت ماتحبى نرجع القاهرة أو تسافرى ألمانيا ...
أنا معاكِ فى كل اللى تقرريه
شددت من احتضانه بدورها هامسة بحب صادق
:- ربنا يخليك ليا يابابى ياحبيبى

التقينا فأشرق الفؤاد بقلم / إيمان سلطانWhere stories live. Discover now