الفصل الثامن والعشرين

1.2K 40 0
                                    

حالة استنفار اكتنفت مستشفى القرية لاستقبال عدد المصابين فى هذه الحادثة ولسخرية القدر تم نقل عدلى السمرى وعسران أبو إسماعيل فى نفس سيارة الإسعاف ليجتمع المتخاصمان وتتساوى الرؤوس قبل أن يجتمعا أمام العزيز القهار

فى ممر المستشفى كان جاد يجلس مكبل اليدين بضمادة تحيط رأسه المصابة وبجواره جندى قائم على حراسته

عقله ومقلتيه شاردين فى الفراغ وكأن نافذة فُتحت أمام ناظريه يشاهد من خلالها ما حدث منذ ساعات قلائل

كان يعتلى التلة من جهة الغرب ووالده وعمه يقفون فى المنتصف يحيط بهما حامد وحمادة وجابر بأسلحتهم الألية

من موقعه استطاع أن يلمح أحمد السمرى يتسلل داخل المنزل المهجور الذى كان يخص جده جابر أبو إسماعيل فى يوم من الأيام

التزم الصمت، لم ينبث ببنت شفة خاصة أن والده مصر على الثأر بالدم وستفتح أبواب الجحيم خلال لحظات

انحنى على فارس الذى يقف أمامه بتململ، يتحرق للعودة إلى حضن والده وهمس فى أذنه ليستعد للعدو فى اتجاه والده بمجرد أن يعطيه جاد الأمر بذلك

وهذا ما حدث بالفعل، بمجرد أن شهرت الأسلحة حين دس عسران يده فى شق جلبابه ليخرج سلاحه الشخصى وكذلك فعل مجاهد وأستعد أبنائهم لإطلاق الرصاص

حينها أعطى جاد الإشارة لفارس الذى اندفع كالسهم من عقاله نحو والده وفى نفس اللحظة كان يوسف يعتلى التلة برشاقة يُحسد عليها فى اتجاه ابن شقيقته وبمجرد التقائهما حمله يوسف بين ذراعيه وابتعد به عن مرمى النيران

حاول جاد الابتعاد بدوره على قدر خطواته العرجاء لكن قدمه كانت تغوص داخل الرمال فسقط على وجهه وتدحرج لأسفل حتى ارتطم بصخرة كبيرة أوقفت سقوطه وقبل أن يفقد وعيه رأى والده يسقط أرضاً ويتبعه حمادة ثم أظلمت الدنيا أمام عينيه

حين استعاد وعيه على أيدى رجال الإسعاف كان المكان تحول لساحة سيرك، رجال شرطة وإسعاف والعديد من أهل البلدة الفضوليين اللذين قدموا على صوت تبادل إطلاق النيران

تلفت حوله باحثاً عن أسرته، كان جابر مكبل اليدين بين الجنود اللذين ساقوه إلى سيارة الشرطة، عمه بالجوار يضمد يده أحد رجال الإسعاف، حامد يصرخ من الألم وهو محمول فوق محفة نقل المرضى وساقه تنزف الدماء بغزارة، وهناك ... هناك جثة مغطاة موضوعة أرضاً تبين من حذاء الجثة إنه حمادة ابن عمه ... ولكن أين والده، لما لا يظهر فى المكان

دار ببصره كالمجنون بين الوجوه باحثاً عنه، لم يجده وإنما التقط نظره سيارة إسعاف مسرعة عن بعد وخلفها سيارات السمرى

حين وصل المستشفى علم أن الإسعاف حملت عسران والسمرى فى سيارة واحدة وأسرعت بهما لسوء حالتهما وها هو ينتظر بفارغ الصبر وبقلب محمل بالحزن أى خبر عن والده

التقينا فأشرق الفؤاد بقلم / إيمان سلطانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن