الفصل السابع والعشرين

1.1K 41 0
                                    

تحرك الجسد الصغير فوق الفراش بثقل، رفرف أجفانه بتكاسل ونادى بخفوت على والدته قبل أن يفتح جفنيه ويحرك رأسه فى محتويات الغرفة الغريبة عليه

أعتدل فوق الفراش يتجول ببصره بهلع يتزايد داخل نفسه وبدأ يتنفس بصعوبة وهو يغالب بكائه وقد تذكر فجأة ما حدث

كان يقف أمام كشك الحلوى يشترى "سكر النبات" للفرسة عزيزة بعد أن وضعت مُهرها الجديد وما أن تناول الحلوى فى يده وابتعد خطوتين حتى وجد نفسه يرتفع للأعلى، شخص حمله من الخلف وألقاه على كتفه وفر به إلى سيارة أجرة

وما أن دلف السيارة حتى كتموا أنفاسه بمنديل مبلل بمادة مخدرة فغاب عن الوعى من فوره

أخذ ينهج أنفاسه كاتماً بكائه خوفاً من مصير مجهول ينتظره، نزل من على الفراش نحو نافذة مغلقة بأحكام بقضبان حديدية، حاول دفع خصاص النافذة بكل قوته لكن ذراعيه الصغيرين لم يستطعا حتى تحريكها قيد أنملة، يبدو أنه تم تثبيتها بطريقة ما حتى لا تنفتح أبداً

وقف يلصق ظهره إلى الحائط خلفه يذرف الدمع الحزين وفجأة انفتح باب الغرفة ببطء ودلف رجل نحيل الجسد ذو عرج واضح فى ساقه

لم يمهله فارس الوقت إنما اندفع بكل شجاعة ليتخطى الباب فضرب أثناء اندفاعه جسد الرجل بقوة بغير قصد فاختل توازنه وأستند إلى الباب خلفه

للحظة ساد الذهول على ملامح الرجال المجتمعين فى الصالة وفارس يمر بينهم وعينيه تدور بحثاً عن باب الهروب

لم يتوقع أحد أن صغير مثله قد يقوم بمحاولة الهرب بهذه الجرأة والشجاعة والاندفاع أيضاً

اندفع حامد خلفه وكبل حركته بغل وفارس يطلق صوته فى الهواء يستغيث ويستنجد بالناس، كتم حامد أنفاسه بغيظ وسحبه بعيداً عن باب الشقة بينما وقف عسران والد حامد يتأمل الصغير الشجاع بإعجاب واضح، لوى فمه بابتسامة بسيطة مادحاً

:- بينك واد مچدع ... خسارة أن دمك دم السمرى

شدد حامد قبضته على الصغير الذى تألم بصوت مكتوم وهتف بحقد

:- مچدع إيه يا أبوى ... ده ولد عفاريت وغرجان فى فلوس أبوه

أفاق جاد من ذهوله ثم تقدم نحو حامد ومد كفيه يبعد كف حامد عن فم الطفل وحاول تخليصه من بين يديه هاتفاً

:- بَعد يدك يا حامد .. هتخنج الواد

دفع حامد كتفه فى صدر جاد بخشونة ليصد محاولته فى تخليص الصغير الذى هتف بعد تحرير فمه مُهَدداً

:- أبوى هيجتلكم كلاتكم ... رچعونى لأبوى أحسن لكم

ضحك الجميع من حوله ما عدا جاد الذى لم يتوقف عن محاولة تخليصه من يد حامد حتى نجح فى ذلك وضم ظهر الصغير لصدره

التقينا فأشرق الفؤاد بقلم / إيمان سلطانOù les histoires vivent. Découvrez maintenant