الفصل الثانى والعشرون

1.1K 38 2
                                    

منذ يومين يعيش في قلق مزدوج أحدهما من عدم إجابة ياسمين حتى الأن على طلبه لها للزواج والأخر من رفض والدته التى التزمت الصمت وتجنبت التواجد معه بمفردهما كأنها تخشى تأثيره عليها أو تخجل من مواجهته برفضها الذى يستشعره من تعبيرات وجهها وكل تصرفاتها

أستغرق فى النوم هذا الصباح حتى وقت متأخر ولما لا فاليوم يوم (الجمعة) الإجازة الأسبوعية الخاصة به، يقضى نصف يومه بصحبة والده بين المسجد والمنزل وأخر النهار يقضيه عادة مع صديقه جلال وياليته يحصل على إجابة شافية تثلج قلبه هذه الليلة

مال برأسه يتأمل أشعة الشمس المتسللة إلى غرفته عبر النافذة محملة برائحة فطائر ومخبوزات شهية داعبت أنفه وتوغلت إلى معدته فأيقظت عصافيرها تزقزق وتغرد طلباً للطعام

نهض من فراشه المتواضع فى غرفته التى تكاد تكون خالية كبقية غرف شقته الخاصة وتوجه إلى الشرفة، فتحها وطل منها نحو فرن والدته الطينى بأحد أركان الحديقة الصغيرة للمنزل يتتبع الرائحة الذكية للخبز

ابتسم بمحبة حين وجد والدته أمام الفرن تقوم بخبز فطائرها الشهية تحت مظلة عريضة من الخشب على شكل هرمي

دلف للغرفة ومنها إلى الحمام وجهز نفسه للهبوط إليها وما هى إلا دقائق حتى كان فى حديقة المنزل الصغيرة يتجه حيث والدته، انحنى يقبل رأسها قبلة دافئة طويلة ثم جلس على كرسى خشبى مرتفع نسبياً بالنسبة لجلستها أمام الفرن على كرسى خشبي قصير

مال بجذعه نحوها وارتكز بمرفقيه على ركبتيه قائلاً بود

:- والله زمان يا أماى ... بجالنا فترة محرومين من الروايح اللى تچوع ديه

رفعت بهية بصرها نحوه باسمة، ما زال كما هو منذ كان صغير يحب الجلوس بجوارها أثناء خبزها، يتناول الفطائر الساخنة بنار الفرن

اتسعت ابتسامتها ومدت يدها نحو فطيرة ساخنة اقتطعت جزء كبير منها وقربتها نحوه قائلة بحنين لطفلها الصغير

:- لساك كيف ما أنت يا طه ... مش هتكبر واصل

التقط قطعة الفطيرة منها وشرع فى أكلها باستمتاع وهى تتفحص وجهه بحب أم لابنها البكرى، أول فرحتها فى الحياة، من وفر لها ولوالده وأشقائه حياة كريمة ورفعهم إلى مصاف علية القوم، تنهدت بخفة مردفه

:- بس أنا كبرت يا طه ومبجتش أجدر أخبز كل يوم

مضغ ما فى فمه وابتلعه سريعاً ليجيبها راجياً الله

:- ربنا يبارك في عمرك ويعطيك الصحة والعافية يا ست الحبايب

ربت على ساقه بكفها المتغضن ثم عادت تواصل عملها، رمقها بمكر وقضم قطعة أخرى يلوكها فى فمه ومقلتيه تتفحصها بإمعان يتلمس رضاها وموافقتها ثم قال مشاكساً

التقينا فأشرق الفؤاد بقلم / إيمان سلطانWhere stories live. Discover now