الفصل الخمسون

1.2K 41 0
                                    

أغلقت الحقيبة الصغيرة التى تحوى ملابسهما معاً ثم استقامت تدور بعينيها خلال الغرفة الفندقية الفاخرة التى قضوا بها الأيام السابقة، توقفت عينيها خارج حدود الغرفة من خلال باب الشرفة المشرع تتوغل منبهرة بتشكيلات السحب الساحرة فى صفحة السماء الصافية

ابتسمت برقة وتركت الحقيبة فوق الفراش وتوجهت بتمهل نحو الشرفة حيث منظر النيل البديع المتلألئ تحت أشعة الشمس الذهبية، سحبت نفس طويل من الهواء النقى يملأ صدرها انتعاش وطمأنينة وأمل قبل أن تطلق سراحه بملامح راضية

مر ثلاثة أيام منذ أن قامت بإجراء العملية واطمأنت لنجاحها وانفرج باب الأمل على مصراعيه أمام عينيها ورغم تكتمهم للأمر وخوضهم هذه المحنة منفردين إلا أن طه كان خلال هذه الأيام نعم الزوج المحب الحنون الذى دعمها وآزرها وتألم مع ألمها ولم يشعرها بأى وحدة أو احتياج لأى شخص سواه

لم يتركها لحظة ووفر لها كل سبل الراحة، قدم الدعم والاهتمام والاحتواء "أهكذا إذن يكون عوض الله الجميل" ابتسمت بنعومة ووجهت مقلتيها نحو السماء ممتنة حامدة آلاء الله عليها

تسلل من خلفها بعد أن خرج من حمام الغرفة ووقف خلفها مباشرة وهى سابحة فى ملكوت الله تسبح بحمده وغافلة عما حولها حتى شعرت بكفيه الدافئين يحتويان خصرها ويجذبها بلطف ليلتصق ظهرها بصدره الحانى، أحنى رأسه قليلاً ليريح ذقنه فوق كتفها بعد أن طبع قبلة رقيقة على وجنتها وقال هامساً

:- بتغازلى السما ولا إيه! .. ما تعرفيش إنى چوزك بيغير عليكِ من السما والشمس وحتى النسيم

اتسعت ابتسامتها حتى أضاءت تقاسيم وجهها وعينيها واندست أكثر فى صدره وكفيها يرتفعان ليتشبثا بذراعيه أما رأسها فمال جانباً ليطالع ملامحه المحببة لقلبها خاصة حين يتخلى عن نظارته الطبية التى تُخفى عينيه الحانية كما يفعل الآن وقالت ممتنة بنبرة حب وغزل

:- كنت بشكر ربنا على الراچل اللى امتلك جلبى وسكن روحى وكان لى عوض عن الدنيا كلاتها

اشتدت قبضتيه على خصرها بتملك وعاد خطوة للخلف ليظلا داخل حدود الغرفة بعيداً عن العيون المتلصصة قبل أن يديرها بين يديه ويحتضن وجهها بمودة يتعمق فى عينيها يتساءل بلهفة :- صُح يا ست البنات .. أنا عوض ربنا لكِ .. والله ديه أحلى كلمة سمعتها اتجالت فى الحب

جذبها إلى حضنه يتشبث بها بقوة، يتوحدا سوياً فى جسد واحد، يحتوى كل منهما الأخر يستمد منه قوته وعزمه، صوته الهامس بحرارة يتخلل أذنها مصرحاً بحبه :- والله ما عشجت فى يوم غيرك يا ريحة الياسمين

عضت على شفتها السفلى ندماً وآسفاَ، كم تمنت أن يكون طه هو أول وأخر زوج فى حياتها ولكن إرادة الله فوق كل شئ ومن المؤكد أن طه الوحيد الذى استوطن قلبها ونثر ضياء الحب فى جنباته

التقينا فأشرق الفؤاد بقلم / إيمان سلطانWhere stories live. Discover now