الفصل السابع والأربعون

1.2K 39 0
                                    

فى غضون دقائق كان الممر أمام غرفة العمليات يعج بنساء العائلتين، ندى وصفا يجلسون حول أصيلة التى تسبح بمسحبتها الطويلة على يمين الممر، فرح ونسمة حاملة ابنها على ذراعها فى المقاعد المقابلة لهم، أمل بجوار شقيقها الذى جلس فى اضطراب صامت ممتقع الوجه، يحتضن رأسه بين كفيه قلقاً ويتكأ بمرفقيه فوق ساقيه فى انتظار أن يطمئن قلبه على أسرته الصغيرة وأخيراً ياسمين التى حضرت لتوها بعد أن استأذنت من عملها وأتت مسرعة بمجرد أن عرفت الخبر

على مقربة منهم وفى نهاية الممر كان الحاج سليم يجلس بهيبة وشفتيه تتحركان بدعاء خافت ليحفظ الله ابنته وذريتها وبجواره يقف حسام وجلال يتبادلان أحاديث قصيرة لتقضيه الوقت تتخللها فترات صمت مترقب أما أولاد فاروق اللذين أصروا على الحضور وعدم المغادرة مع والدهم ووقفوا أمام النافذة يتأملون الشارع بالخارج فى ملل

فجأة انطلق من الداخل أصوات صراخ طفل تلتها بفارق عدة دقائق صرخة أخرى صغيرة، هب يوسف واقفاً على قدميه مع أول صرخة منطلقة من الداخل وسلط عينيه نحو باب غرفة العمليات بإضطراب ينتظر بنفاد صبر خروج زوجته وأولاده

نهضت أمل تقف بجوار شقيقها ببطنها البارز وربتت على ظهره تطمأنه بهدوء :- اصطبر يا يوسف .. لسه شوية لغاية ما يخرچوا

نظر نحوها بعيون زائغة، يشعر بالضياع وعدم المعرفة، يتحرق شوقاً لرؤية أولاده والاطمئنان على زوجته، زفر بعمق وهز رأسه عدة مرات متفهماً يحاول التحلى بالصبر

ظل على وقفته مضطرب المشاعر، يتحرك جيئة وذهاباً ثم يقف مكانة يراقب باب غرفة العمليات ويعود مرة أخرى للحركة المتوترة بعدها يتوكأ على الحائط وقد تحولت أعصابه إلى هلام

وأخيراً انفتحت الأبواب لتظهر لينا حاملة بين ذراعيها كائن ملائكى صغير وبجوارها ممرضة تحمل أخر، ارتفعت الصيحات والتهليلات فى الممر بسعادة لاستقبال المواليد

أسرعت أمل تتخطى شقيقها بلهفة وتتلقى ابنه فى أحضانها من بين ذراعى لينا وبالمثل فعلت فرح وتلقت الأخر بينما تخطى يوسف الجميع ووقف أمام لينا يتسائل بأنفاس متلاحقة :- شمس عاملة إيه .. كويسة؟ .. طمنينى الله يرضى عليكِ

ابتسمت لينا فى وجهه برقة وحركت رأسها بثقة تجيبه بهدوء :- اطمن .. هى كانت مرعوبة وتعبتنا كتير .. لكن هى كويسة دلوقتِ وبترتاح شوية .. أحنا اضطرينا نديها مهدئ بعد الولادة لأن أعصابها كانت مشدودة أوى ربع ساعة وتخرج .. مبروك

شكرها بغبطة وقد اطمأن قلبه وسكنت روحه المضطربة ثم التفت باحثاً بعينيه عن أولاده اللذان تحلقت حولهما الفتيات، يجرى بعينيه على وجهيهما الصغيرين بلهفة ثم اقترب من شقيقته بابتسامة عريضة وعينيه مسلطة على ملامح الطفل الصغير فى أحضانها وأولادها يحاولون التأثير عليها لحمله لكنها تأبى الاستسلام لهم، رفعت عينيها نحو شقيقها وباركت له باسمة الثغر ثم مدت يديها نحوه ووضعت الطفل فى أحضانه هاتفه :- يتربوا فى عزك يا أخوى .. ربنا يبارك فيهم

التقينا فأشرق الفؤاد بقلم / إيمان سلطانWhere stories live. Discover now