الرابع والثلاثون الجزء الثالث

31.5K 1.9K 392
                                    

للقلب سلطان آخر
الجزء الثالث
       من
أسيرة الشيطان
الفصل الرابع و الثلاثون 
الجزء الثالث
¤¤¤¤¤¤¤¤
تذكير سريع لما مضى من أحداث ، نظرًا للاختفاء الطارئ بسبب عدة ظروف ، أهمهم تسليم العمل الورقي لمعرض الكتاب القريب
وإعداد مفاجأة مميزة للقراء
« خلاف كبير بين رعد وطرب أدى إلى سفر طرب هربا لخارج البلاد بصحبة صديق والدها المتوفي ، وها هو رعد يبحث عنها ليل نهار يأكله الندم ، في آخر مشادة بينه وبين جاسر ، انفعل جاسر وصرخ فيه أنه قتل منير ، وعليه ذهب رعد لقسم الشرطة ليعترف بجريمته »
نبدأ الفصل
_____________
جلس غاضبا في غرفة مكتب الضابط يكاد ينفجر من الغيظ ولده الأحمق جاء لقسم الشرطة ليعترف على نفسه ، يطلب حجزه وإعدامه ... رعد يتصرف كمراهق أحمق يعاني من فرط في إفراز هرموناتها ، انتبه حينُ دق الباب ودخل أحد العساكر يجذب رعد لداخل الغرفة ومن ثم انصرف وغادر وبقي رعد واقفا مكانه ينظر إلى أبيه حاقدًا ... تحدث المحامي المصاحب لجاسر يوجه حديثه للضابط :
-حضرتك الكلام اللي بيقوله رعد بيه دا ، سببه أنه بيعاني من صدمة نفسية بسبب مشكلة حصلت أثرت عليه بشكل سلبي ، إنما هو مالوش أي أساس من الصحة
لم يقتنع الضابط بما يقول المحامي ، فابتسم يسخر منه :
- والله المجانين نفسهم ما بيروحوش الأقسام يعترفوا أنهم ارتكبوا جرايم قتل ، يا متر دا لو محشش ولا رافع مخدرات مش هيعمل كدة
قبض جاسر كف يده يطحن أسنانه غاضبا يحاول أن يهدأ كي لا يزداد الامر سوءً ، ينظر لرعد غاضبا يتوعده على الموقف برمته، نظر لساعة يده يتأفف حانقا لا يفهم لما تأخر خالد ... دُق الباب ليخرج من شروده حين فُتح وظهر خالد أخيرا يبتسم في هدوء ، وجه لجاسر نظرة غير راضية إطلاقا ولكنه حافظ على ابتسامته ، توجه إلى الضابط الذي قام واقفا يصافحه ، طلب منه أن يتحدثا سويا على انفراد ، خرج بصحبة الضابط من الغرفة وقف أمامه يتحدث بهدوء:
-بص يا أبو علي الموضوع فيه سوء تفاهم ، رعد ووالده جاسر في بينهم خلاف كبير ، رعد كان عاوز يعمل أي حاجة عشان يضايق جاسر ، وعليه جه يبلغ عن نفسه ، إنما كل دا ما حصلش ،رعد دا زي ابني أنا اللي مربيه

حرك الضابط رأسه يوافق على ما يقول خالد قبل أن يردف مترددا :
-ايوة يا باشا بس المحضر ...
قاطعه خالد قبل أن يُكمل يتحدث مبتسما :
-ما تشغلش بالك بالمحضر أنا هتصرف ، سيبني بس معاهم خمس دقايق عشان أشد ودان الواد دا ما يكررهاش تاني
حرك الضابط رأسه يوافق عاد خالد أدراجه إلى غرفة التحقيق ، ينظر إليهم حانقا قبل أن يوجه حديثه للمحامي:
-معلش يا متر ، تقدر تستنى جاسر برة خمس دقايق وهيحصلك
قام المحامي سريعا وخرج من الغرفة يغلق الباب عليهم ... تحرك خالد صوب جاسر تنهد يتحدث بهدوء يطمأنه:
-ما تقلقش خلصت ، تقدر تاخده وتمشي
ابتسم جاسر يتنفس الصعداء ، قام من مكانه يعانق صديقه يشكره ؛ ليسمعا معا صوت رعد يتهكم منهما معًا:
-لا رُجل أعمال ولوا شرطة شرفاء فعلا
عض خالد على شفتيه غاضبا ، في حين قبض جاسر كفه يمنع نفسه من أن يكلم ولده الأحمق الوقح ، ربت خالد على ذراع جاسر يتحدث حانقا :
-خد ابنك يا ابني وامشي من هنا ، أنا كفاية عليا ولاد الكلب اللي في البيت مش هتبقى أنت وهما عليا يا جاسر ، يلا لو سمحت
نظر جاسر إلى ولده غاضبا فهو يعلم أن خالد يكره أن يقلل أحد من نزاهته في عمله ولو مقدار ذرة واحدة ، أعتذر من صديقه وتوجه نحو رعد قبض على ذراعه يجذبه معه إلى خارج القسم ، لم ينطق بحرف فقد دفعه إلى السيارة ، يجبره على الدخول .. يقود هو ، تحرك بالسيارة مسرعًا الغضب بلغ به مبلغه ، توقف بالسيارة فوق قمة جبل المقطم في منطقة فارغة ، يلف رأسه إلى رعد يردف بكلمة واحدة :
- انزل
ابتسم رعد ساخرًا وفتح الباب المجاور له ونزل ، لحق جاسر به وقف على بعد عدة خطوات أمامه يكتف ذراعيه يتنفس بعمق يحاول أن يهدأ دون فائدة يشعر بنيران تتأجج داخله ، نيران انفجرت دون سابق إنذار حين تحدث رعد يسخر منه :
- ايه جايبني هنا ليه ، عايزني أقتل حد تاني
تحرك جاسر ناحيته يقبض على تلابيب ثيابه يهزه بين يديه يصرخ فيه ، قد فاض الكيل مما يفعل رعد :
- أنت عاوز ايه بالظبط ، أنا خلاص قرفت منك ، أخوك الصغير بيتصرف بنضج عنك ، إنما أنت عايشلي في دور العيل الصغير اللي كل كلمة يتقمص وعايز الكل يراضيه ، يا يغضب ويثور ويكسر ، أنت اللي ضيعت مراتك من إيدك ، لو أنت عاقل كنت سمعتها وصدقتها ، هي ما أذنبتش في حقك هي كانت بتحميك ، وكان دا جزائها وزعلان أوي من رد فعلها ، أنا لما خبيت عليك اللي أنت هببته مع منير ، عشان أحميك من التخلف اللي أنت لسه عامله دلوقتي ، رايح تبلغ عن نفسك برافو عليك ، ما أنا بقولك أنت عيل حتى أخوك الصغير بيتصرف بعقل عنك ، روح هبب اللي تهببه أنت قرفت منك، أنا كنت بحاول أعوضك عن ذنبي في حقك ، بس أنت اتماديت يا رعد ، اتماديت أوي ، واضح أن أنا كان لازم
أفضل أعاملك بنفس الطريقة عشان تفضل ماشي مظبوط ، اكبر بقى وبطل تعيش في دور الضحية
ودفعه بعيدا عنه ينظر له حانقا يكاد ينفجر منه غيظا ، لا يصدق أن الأحمق جره إلى الأقسام بعد منتصف الليل ، أما رعد فكام يقف صامتا ، صامتا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وجهه جامد ، والده محق في كل كلمة يقولها ، محق فهو أحمق أبله ، يفكر بعقل طفل ليس بناضج
محق ، والده محق ومخطئ في الآن ذاته ، ظل ينظر لأبيه مطولا قبل أن يلتفت ويتحرك يغادر يمشي بهدوء ، يغادر المكان قطب جاسر جبينه مستنكرا ما فعل صرخ باسمه :
-رعد ، اقف مكانك رايح فين
ولكن خطوات رعد الهادئة لم تتوقف ، لم تتحرم رقبته حتى وينظر لأبيه بل أكمل سيره في الطريق المعاكس ، المعاكس لكل شيء بداخله ، للقيم والأخلاق والمبادئ
سيبدأ من جديد ، سيبدأ من الإتجاه المعاكس للجميع
___________
بعد مرور عام !!!
استيقظت صباحا في تمام السابعة والنصف ، فتحت عيناها تنظر للقطعة الصغيرة النائمة جوارها ، اقتربت منه تضمه لأحضانها تشتم رائحته الخلابة ، يونس طفلها الصغير صاحب الأربعة أشهر ، نظرت استندت إلى راحة يدها تنظر لوجهه وهو يغط في النوم كملاك صغير ، ملاك صغير لا ينام الليل بأكمله وتظل تلتف به حول نفسها إلى أن تنهار باكية ، تحركت عيناها على قسمات وجه الصغير ، يُونس يشبه صورة رعد وهو طفل ،صورة أعطتها والدة رعد لها ، تخبرها أن تنظر إليه دوما حين تحمل في طفل حتى تنجب طفل صغير يُشبه أبيه ، ولكن دون النظر لأي صورة يونس قطعة مصغرة عن رعد ، رعد كم تشتاق لرؤياه لم يتوقف قلبها عن الصراخ بإسمه ، منعت نفسها مئات المرات من أن تدهس على قلبها وتأخذ أول طائرة عائدة لأرض الوطن وترتمي بين أحضانه تخبره أنها تحبه وتسامحه تحلم به كل ليلة هنا يعانقها يعتذر منها يحتضنها يخبرها أنه يحبها ، عقدت ذراعيها خلف رأسها تفكر شاردة ، عام كامل عام مر بسرعة البرق تغير فيه الكثير ، كمال صديق والدها ملاك أُرسل إليها ليساعدها ، استطاع بعلاقاته أن يجلب لها نسخ من أوراقها الشخصية ،وباتت تعيش بهويتها الأصلية ، طرب جلال المهدي وليست إبنة كمال الميتة ، حياتها اختلفت كثيرا لم تعد تشعر أن من حولها ينظرون إليها ويتهامسون ساخرين ها هي راقصة الملهى الليلي ، لم تستطع أن تؤسس لنفسها مشروع خاص لأنها ما أن تقرر أن تسحب من البنك ، سيصبح مكانها مكشوفا أمام رعد وأبيه ، عرض عليها كمال شاكرا أن تعمل معه ووافقت فباتت مساعدته الخاصة وذراعه الأيمن الذي يرتكز عليه ، كمال يعاملها كوالدها يعشق يونس الصغير ... نظرت للساعة تأخرت كثيرا هبت سريعا تتوجه إلى المرحاض
حين خرج وجدت يونس قد استيقظ وها هو يشرع في البكاء ،توجهت إليه تحمله بخفة تهدهده بين أحضانها :
- بس يا يونس ، بس يا حبيبي ، ماما عاوزة تلبس عشان تاخدك وننزل عند جدو
بدلت ثيابها بمعجزة حرفيا نزلت لأسفل تحمل الصغير على ذراعها الأيسر تنزل لأسفل وجدت كمال ينتظرها على طاولة الطعام ، رافضا الأكل قبل نزولها ، ابتسم سعيدا ما أن رآها يحادثها :
- يلا يا طرب عشان نفطر ، هاتي حبيب جدو دا
ابتسمت طرب بخفة تُعطي الطفل الصغير لكمال ليأخذه من بين ذراعيها يحتضنه يقبل يديه الصغيرين وجبينه ، جلست طرب مكانها تبادلت هي وكمال نظرات طويلة شعرت خلالها بتوتره وأنه يود قول شيئا ، فابتسمت في وجهه تتحدث :
-حضرتك عاوز تقولي حاجة ومتردد
ابتسم كمال يحرك رأسه بالإيجاب،طرب ذكية سريعة البديهة عالية التركيز ، ابتلع لعابه يتحدث متوترا :
-لماحة كعادتك ، بصي يا طرب من غير مقدمات مالهاش لازمة ، أنا لازم انزل مصر ضروري ، هنزل لوحدي مش هننزل كلنا ، أنا بس مش عاوزك تضايقي ، مش هطول

أسيرة الشيطان الجزء الأول + الجزء الثاني+ الثالثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن