السابع والثلاثون الجزء الثالث

25.6K 1.6K 143
                                    

للقلب سلطان آخر
الجزء الثالث
       من
أسيرة الشيطان
الفصل السابع و الثلاثون 
الجزء الثالث
¤¤¤¤¤¤¤
ظهرت ملاك وهي تصرخ وترتجف لا تردد سوى كلمة واحدة :
- ماما ماما ماما
وسقطت أرضا فاقدة لوعيها ، ليهرع يوسف إليها يحملها بين ذراعيه ، يهرول بها إلى أعلى وخلفه الجميع وضعها على الفراش في غرفتها ، يربت على وجنتها بخفة ... نظر حوله يبحث عن مريم ولكنه لم يجدها ، مريم لم تنزل معهم أين هي ؟! ، قام سريعا يهرول خارج الغرفة دخل إلى غرفته القريبة ينتشل زجاجة العطر ومن ثم عاد يركض إلى الغرفة ، لمحت عيناه باب غرفة أبيه مفتوحة ومريم تجلس هناك تتساقط الدموع من عينيها ،ما أن رأته خرجت تركض إلى غرفتها تصفع الباب في وجهه وقف هو مقطب الجبين متعجبا مما رأى ، سيعرف ما بها مريم ولكن عليه أن يطمأن على ملاك ... حين دخل للغرفة وجد أبيه جوار ملاك يرش بعض زخات بسيطة من المياه على وجهها ، إلى أن بدأت الأخيرة تفتح عينيها شيئا فشيء ، تنظر للوجوه حولها تحاول أن تعي ما يحدث ، إلى أن تذكرت ، شهقت بعنف تنتفض جالسة تصرخ مذعورة :
- ماما ، ماما البوليسي قبض عليها ، الحقها يا عمي أرجوك
قطب جاسر جبينه مستنكرا ما يسمع، أمسك بذراعيها برفق يحاول أن تجعلها تهدأ يحادثها مترفقا :
- ملاك اهدي كدة وفهميني براحة يا حبيبتي ، الكلام دا حصل إزاي وامتى
حركت ملاك رأسها للجانبين تهبط دموعها بحرقة تتمتم مذعورة :
- ما اعرفش ، ما اعرفش هي ماما خرجت ولما رجعت فضلت حضناني وتقولي خلي بالك من نفسك ومن طرب وفضلت تعيدها كتير أوي ، وبعدين لقيت البوليس جه وبيقبض عليها ، وبيقولوا أنها قتلت عُدي
انتهت ملاك مما تقول لتنفجر في البكاء ، نظر جاسر إلى رؤى التي اقتربت سريعا من الفتاة تأخذها بين أحضانها تحاول أن تهدأها ، في حين خرج جاسر من الغرفة سريعا يُمسك بهاتفه يطلب رقم أحد أصدقائه ليعرف تحديدا أين توجد كاملا الآن ، خرج من المنزل ليتنفس حسين الصعداء يتمتم :
- الحمد لله يارب اتكتبلي عُمر جديد ، الحق أخلع أنا قبل ما يرجع
________
في منزل رعد
فتحت طرب عينيها قليلا على صوت بكاء تشعر بصداع بشع وكأنها نامت لمئات الأعوام ، حين وضحت الرؤية أمامها رأت رعد يحمل يونس على ذراعه يتحرك به في الغرفة ذهابا وإيابا ، يُمسك زجاجة الحليب في يده ، حاولت أن تقوم لتأخذ الصغير منه ، إلا أن جسدها كان يؤلمها بشكل بشع ، همست باسم رعد ليلتفت إليها يتحدث يطمأنها :
- ما تقلقيش عليه ، ارتاحي أنتِ تعبانة ، أنا أكلته وهينام أهو
حركت رأسها للجانبين بضعف شديد بالكاد تهمس له وبالكاد سمعها :
- طبطب على ضهره براحة وأنت شايله على كتفك ، كدة مش هينام
سمع ما قالت ، دقائق قليلة ونام الصغير ... تحرك نحوها ليراها بالكاد تفتح عينيها ، وضع يده على جبينها حرارتها لم تكن مرتفعة ولكنها كانت شاحبة للغاية ، ربما لأنها لم تتناول شيئا منذ فترة طويلة جداا ، خرج سريعا من الغرفة يُحضر لها كوب عصير ، وطبق حساء أعده سلفا لها ، عاد للغرفة ليراها على حالها كما تركها مال بجسده إليها يحاوطها بذراعيه يحاول أن يرفعها عن الفراش ولكن جسدها كان يرتخي منه وتسقط من جديد ، جعد جبينه قلقا يحادثها متوترا :
- طرب ، مالك في ايه ، يلا قومي معايا اقعدي بس عشان تاكلي ، لم تُبدي استجابة ، فما كان منه إلا أن رفع جسدها وجلس خلفها يُسند جسدها المتخاذل على جسده ، أمسك بكوب العصير يقربه من فمها فابتعدت برأسها بوهن ترفض ؛ليتحدث متضايقا :
- طرب مش وقت عِند بالله عليكِ ، أنتِ مش شايفة حالك ، اشربي أنا مش هسيبك كدة
قرب الكوب من فمها مرة بعد أخرى إلى أن رضخت وبدأت ترتشف منه وهو يراقبها قلقا ، عينيه تفصح عما بقلبه من خوف عليها ، بعد دقائق من شُربها كوب العصير بدأت تشعر بأنها أفضل ، أما هو فأمسك بالمعلقة ، يملئها من الطبق يقربها من فمها لتأكل ، كانت تظن أنها ستمقت ما تأكل ، معدتها لن تتحمل ولكنها وجدت نفسها جائعة ، وجائعة للغاية أيضا فلم تعترض بدأت تأكل من يده إلى أن انتهى الطبق ، ولكنها كانت لا تزال جائعة ولكنها لم تقل ، وشعر هو من نظراتها بذلك ليتحرك من خلفها يتحدث سريعا :
- ثواني اجيبلك غيره ، الطبق دا صغير أوي أصله ما بياخدش معلقتين
ابتسمت بوهن ، على الرغم من أن جسدها بدأ يستعيد نشاطه ألا أنها تشعر بالوهن الشديد ، عاد هو سريعا يحمل صحن أكبر في الحجم ، جلس كما كان وعاد يطعمها ، إلى أن شعرت بالشبع ، فتحدثت :
- أنا شبعت
نظر إليها لعدة لحظات قبل أن يتنهد يومأ برأسه موافقا ، وضع الصحن جانبا وتحرك يجلس أمامها يسألها :
- حصل ايه ، وصلك للحالة دي ؟ ، طرب القوية اللي أنا عارفها لازم تكون حصلت كارثة عشان توصل للحال دا
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها تحرك رأسها للجانبين تهمس تتهكم من نفسها :
- طرب عمرها ما كانت قوية ، أنا طول عمري كنت بمثل أن أنا قوية لكن أنا أضعف من جناح فراشة استندت على كفيها تنتصف جالسة نزلت الدموع من عينيها دون أن تدري أن ذلك يحدث تتحدث بحرقة :
- مثلت أن أنا قوية قدام ملاك عشان ما تخافش ، وقدام عُدي وتهاني عشان ما حدش فيهم يأذيها ، قدام نفسي عشان ما اقفش وأعيط كل لحظة على اللي بيحصلي ، لكن أنا مش قوية أنا أضعف مما تتخيل ، أنا كل اللي أنا عوزاه إني أعيش في حالي وأنا محافظة على كرامتي، من غير ما حد يقلل مني ، صعب الطلب دا ، صعب اني أعيش
كاد أن يعانقها ويخبرها أن كل شيء سيحدث كما تريد ، ولكن هاتفه دق والمتصل كان أبيه ، واحتمالية أن أبيه يطلبه في ذلك الوقت بعد ما حدث بينهما لا يدل سوى على شيء واحد حدثت كارثة ، فتح الخط وقبل أن ينطق بحرف سمع ما جعل عينيه تتوسع فزعا الجملة الوحيدة اللي نطقها :
- أنا جاي حالا !!
_____________
في قسم الشرطة هناك حيث توجد كاملا في غرفة الضابط تجلس أمام مكتبه ، هادئة عينيها شاردة ، يمر أمامها مشاهد حياتها سريعا ، اجفلت على صوت الضابط وهو يوجه سؤاله إليها :
- ممكن أعرف ايه الدافع اللي خلاكِ تقتلي المجني عليه اللي أنتِ قتلتيه على حسب ما أنتِ بتقولي ،  عُدي المهدي ؟
نظرت إليه وتحدثت بهدوء :
- قتل جوزي من سنين وسرق ورث بناتي ، وأهانهم ، أنا خدت حق جوزي وبناتي ، أنا ما عملتش جريمة بالعكس انا خلصت العالم من شيطان عشان كدة أنا اللي بلغت عن نفسي
تعجب الضابط من هدوءها ، السيدة أمامه ربما تعاني من علة ما في عقلها على ما يبدو ، كاد أن يُخبرها بمفاجأة ستذهلها تماما حين دُق الباب ودخل العسكري يقدم للضابط ثلاث بطاقات تعريف ، نظر الضابط قبل أن يوجه حديثه للعسكري :
- خليهم يدخلوا
أدى العسكري له التحية وخرج ؛ ليدخل جاسر ومعه محامي كبير  وثالثهم كان رعد !!، قام الضابط يصافح جاسر ، ابتسم ما أن رأى رعد ليتحرك من خلف مكتبه يعانقه يتحدث مبتسما :
- رعد عاش من شافك يا عم ، اومال لو ما كناش أصحاب سنين ثانوي وإعدادي يا ندل
ضحك رعد بخفة يصافح الضابط يردف :
- الشغل يا عم طارق والجواز والعيال ، واكيد إنت نفس الحكاية
ضحك طارق يردف يسأله :
- إيه دا أنت اتجوزت ، مش كنت تعزمنا يا عم على الفرح ، دا كان امتى دا
حرك رعد رأسه يتحدث مبتسما :
- يا عم دا أنا عندي يونس دلوقتي 3 شهور
اندهش طارق يردف متعجبا :
- يا ابن اللذين دا أنت متجوز من مدة بقى ، ماشي يا ندل تاني ، صحيح فاكر الواد عماد كان بيسألني عليك من فترة ، أهو مرزوع في المكتب اللي جنبي روح سلم عليه
اومأ رعد برأسه موافقا قبل أن ينظر صوب كاملا ويعاود النظر إلى طارق الذي أخفض صوته حد الهمس يقترب من رعد يهمس له بشيء ما ، جعله يقطب جبينه ويوجه أنظاره إلى كاملا ومن ثم إلى أبيه سريعا ، تنهد يومأ برأسه يستأذن منهم خرج من الغرفة ليعود طارق يجلس مكانه، ليتحدث المحامي :
- طه القاضي ، المحامي يا افندم
طلب المحامي أن يعرف بالضبط ملابسات ما حدث ليتحدث طارق بهدوء :
- إحنا وصلنا بلاغ من مدام كاملا بتقول أنها قتلت اخو جوزها ، وادتنا عنوانه وعنوانها عشان نروح نقبض عليها ، بعتنا قوة تقبض عليها وروحنا العنوان بتاع المجني عليه زي ما قالت ، بس ما لقناش حد القتيل  ما كانش موجود أصلا ، وأنا كنت لسه هبلغها بالخبر دا قبل دخولكوا 
ومن ثم وجه حديثه لكاملا يسألها :
-حضرتك بتقولي أنك قتلتيه وسيبتيه مرمي في صالة البيت ، فهل دا معناه أن الجثة صحيت ومشيت لوحدها مثلا
شهقت كاملا مذهولة ، توسعت عيناها تنظر صوب جاسر سريعا لتراه ينظر إليها محتدًا وكأن يخبرها أن تصمت ، هنا عاد الضابط يتحدث من جديد :
- مدام كاملا حضرتك بتاخدي أي أدوية أو بتعاني من أي هلاوس ؟!
تحدث المحامي يخرج من حقيبته ورقة بها بعض الأدوية يقدمها للضابط يتحدث :
- ايوة يا افندم ، مدام كاملا بتعاني من صدمة من بعد موت زوجها ، واحيانا بتشوف تهيئات ما حصلتش ، بس حالتها غير خطيرة على اللي حوليها ، ودي روشتة العلاج بتاعها ، من عيادة الدكتور جاسر راضي ، وتقدر حضرتك تتواصل معاه وتتأكد من الحالة
حرك الضابط رأسه للجانبين يأخذ الروشتة من المحامي يتحدث بهدوء :
- لاء مالوش لزوم ، ربنا يشفيها مدام كاملا زي والدتي وعشان خاطر جاسر باشا بس ، أنا هقفل المحضر وتقدروا تاخدوها وتروحوا
قام جاسر يصافح الضابط يحادثه مبتسما :
- متشكر جدا يا طارق
ومن ثم نظر لكاملا يتحدث بهدوء:
- يلا يا مدام كاملا عشان ملاك منهارة من العياط ، وعمالة تقول أنا السبب أنا اللي نسيت أديها الدوا
جعدت كاملا جبينها مستنكرة ما يحدث ، ابتلعت لعابها تتحرك معه للخارج إلى حيث تقف سيارته ، رأت جاسر يقف أمام المحامي يصافحه يقول له شيئا ما لم تسمعه قبل أن يغادر المحامي ويعود ،رأت رعد يخرج من القسم لم ينظر صوب أبيه حتى بل تحرك إليها وقف أمامها يسألها محتدًا :
- طرب راجعة من عندك بتموت حرفيا ، أنتِ قولتلها ايه ولا ايه اللي حصل وصلها للحال دا
توسعت عيني كاملا فزعا ، أرادت أن تذهب إلى ابنتها في الحال وأرادت أن تعرف ما حدث كيف اختفت جثة عُدي ، انهمرت الدموع من عيني كاملا تتمتم بحرقة :
- طرب فهمت غلط أنا ما قولتلهاش الحقيقة عشان ما تمنعنيش من اللي أنا عاوزة اعمله ، أنا قتلته والله قتلته ، بس الظابط بيقول ما فيش جثة ، بس أنا قتلته
وضع رعد كف يده سريعا على فم كاملا يتمتم مستنكرا ما تقول :
- ما خلاص يا حماتي ، أنتِ حالفة تتحبسي ، دا إحنا ما صدقنا خرجتي منها
تحرك جاسر مقتربا منهم ، أعطاه رعد ابتسامة ساخرة يقلب عينيه ما أن رآه ، يتحدث متهكما :
- مش هستغرب أن الجثة اختفت في وجود زعيم العصابة الكبير
احتدت عيني جاسر غضبا نظر لرعد يتوعده :
- حط لسانك جوا بوقك بدل ما اقطعهولك
ضحك رعد ساخرا بعلو صوته يضرب كفا فوق آخر يسخر :
- تصدق خوفت وركبي بتخبط في بعض ، صدقني ضربتي الجاية هتبقى القاضية عليك يا جاسر ، والفلوس والنفوذ اللي أنت متحامي فيهم دول ، هيتاخدوا منك
اشتعل وجه جاسر غضبا رفع يده ليصفعه ليمسك رعد بيده يمنعه من ذلك دفع يده للخلف يتحدث ساخرا :
- ما تحاولش ، سلام يا حماتي
تحرك يغادر المكان ، هنا وقف جاسر إمام كاملا يتحدث حانقا :
- اركبي العربية بنتك هيجرالها حاجة من العياط
جلست كاملا جوار جاسر في السيارة بداخلها ألف سؤال ، كيف علم أنها ستفعل ما فعلت ، وكيف تخلص من الجثة ومتى فعل كل ذلك ، لفت رأسها إليه تسأله :
- هو أنت كنت عارف إن أنا هقتله ؟!
حرك جاسر رأسه للجانبين يتحدث :
- لاء طبعا أنا لو كنت عارف ما كنتش سيبتك تعملي الجنان دا
لم يكن يعلم كيف اذا تخلص من الجثة ، عادت تسأله من جديد مستنكرة :
- إزاي ما كنتش عارف وإزاي لحقت تتخلص من الجثة
زم جاسر شفتيه يدق على بأصابعه على المقود يحاول أن يهدأ قبل أن يصرخ في وجهها بأن تصمت تماما :
- من ساعة ما اتحايلتي عليا عشان اسيبه وأنا حاسس أنك هتعملي مصيبة عشان كدة كنت مخلي واحد من رجالتي دايما ماشي وراكي ، ولما طلعتي عنده وطولتي كلمني ، وأنا قولتله يطلعلك ، وهو طالع لاقاكي نازلة على السلم وبتخبي السكينة في شنطتك ، طلع جري وقالي على المصيبة اللي الهانم عملتها وبعتله رجالتي ولموا الدنيا ، بس أنا ما كنتش متخيل أبدا أنك تبلغي البوليس ، وبعدين ما هو كان تحت أيدي وكان ممكن اوديه ورا الشمس ، استفدتي ايه لما قتلتيه أنا مش فاهم ، غير انك عايزة تودي نفسك في ستين داهية
قبضت كفيها تغرز أظافرها في لحم يديها ، نزلت دموع عينيها تتحدث بحرقة :
-خدت حقي وحق جوزي وحق بناتي ، دا تاري أنا ، وأنا مش ندمانة ، أنت مش متخيل هو أذانا ، كفاية اللي عمله في طرب ، يخليني أموته بدل المرة ألف ، أنا عاوزة أروح لطرب أرجوك
حرك رأسه للجانبين بعنف يتحدث حاقدا :
- أنا مش هدخل بيت الحيوان اللي اسمه رعد دا ، غير لما اطلع عينه وأجيبه راكع ، وهيحصل قريب أوي !! ، وبعدين ملاك منهارة وإحنا الفجر ، ابقى كلميها ولا روحيلها بكرة
__________
في صباح اليوم الذي لم يتنهي بسهولة
السابعة صباحا في شقة محمود وفاطمة ، فتحت فاطمة عينيها تنظر لمحمود الذي يغط في النوم جوارها ابتسمت تقترب بجسدها منه تندث بين أحضانه مما جعله يبتسم يقربها منه أكثر التصقت خصلات شعرها بأنفه ؛ ليداعبها بأنفه فتح عينيه يبتسم لها سعيدا ، يتحدث بنبرة متحشرجة أثر النوم :
- صباح الورد ، حد يصحى على الجمال دا كله
دا أنا أكيد الحجة صفاء دعيالي
ابتسمت فاطمة تحرك رأسها تؤيد ما يقول تتحدث مغترة :
- أكيد طبعا
ضحك بخفة يبعثر خصلات شعرها قبل أن ينهض من الفراش يحرك ذراعيه ورقبته ، توجه إلى المرحاض يغتسل وتوجهت هي إلى المطبخ تُعد له الإفطار ، وضعت البيض المخفوق على النار ، ما أن بدأت رائحة البيض تتصاعد شعرت بالاشمئزاز الشديد ، شعرت بأنها تود أن تتقيأ ، لم تحتمل لحظة أخرى ، هرعت إلى الحوض تتقيأ ، خرج محمود قلقا على صوتها ، أسرع إليها يسألها :
- مالك يا فاطمة بترجعي أوي كدة ليه ؟
فتحت صنبور المياه تصفع وجهها بالمياه الباردة وقفت توجه انظارها إليه تتحدث متعبة :
- مش عارفة يا محمود ريحة البيض قلبت معدتي خالص ، يا نهار أبيض دا بيتحرق
توجه محمود سريعا يُغلق الموقد يُمسك بيدها يُخرجها من المطبخ توجه صوب غرفة النوم يُجلسها على سطح الفراش يحادثها مترفقا :
- طب ارتاحي ، هتلاقيكِ خدتي برد عشان بتنامي بهدوم خفيفة ، سيبك مني أنا هتصرف في الورشة ، أنا بس عندي كام حاجة مهمة هخلصهم على طول واجيلك ولو تعبتي كلميني وأنا اجيلك وفي داهية أي حاجة ،وما تعمليش غدا هجيب وأنا جاي
ابتسمت فاطمة كلماته الحنونة المهتمة تُحلق بها فوق السحاب حرفيا ، لم يغادر إلا بعد أن اطمأن عليها جيدا أنها بخير ومن ثم غادر ، أما هي فتسطحت إلى الفراش تنظر للسقف ترتسم ابتسامة سعيدة راضية على شفتيها ، كلما تذكرت ما عانت ، وما يحدث في حياتها الآن شتان بينهما ، عقدت جبينها فجاءة وهبت جالسة حين تذكرت شيئا ما ، حملها الأول حين كنت متزوجة بنور ، بدأ بنفس الأمر شعرت بالاشمئزاز الشديد من رائحة البيض رغم أنها تحبها في العادة ، ابتلعت لعابها تبسط يدها على معدتها تتسع عينيها ذهولا ، قامت من مكانها سريعا تتوجه للمرحاض لديها إختبار حمل هنا تبتاع كل شهر واحدًا على أي حال ، بعد عدة دقائق كانت تنظر للاختبار في يدها عينيها متستعين ذهولا تضع يدها الأخرى على فمها ، لا تصدق ما تراه عينيها ، لا تصدق أنها أخيرا .... حامل !!
__________
أما هناك في شقة زينب ووالدها
استيقظت زينب صباحا عينيها شبه مغلقة شعرها اشعث مبعثر ، تحركت من غرفتها مجبرة صوب الخارج بسبب إلحاح والدها الذي لم يتوقف عن قول :
- يا زينب، يا بنتي اصحي تعالي عايزك ضروري
خرجت زينب إلى الصالة تتثائب ناعسة رفعت يدها تحك فروة رأسها تتحدث ناعسة :
- ايوة يا بابا في اييه
توسعت عينيها فزعا حين رأت شريف يجلس في صالة المنزل أمام أبيها يتناولان الإفطار ، شهقت بعنف أما هو فضحك بخفة يتحدث عابثا :
- صباح الخير ، ممكن تروحي تلبسي عشان هنروح المطار وبعدين نطلع نختار العفش ، أنا استأذنت عمي ووافق
ظلت تنظر إليه لعدة لحظات في ذهول تفعر فاهها إلى أن أدركت ما هي فيه ، فهرعت تركض إلى غرفتها أغلقت بابها ووقفت خلفه وضعت يدها على قلبها تشعر به يكاد ينفجر ، سمعت صوت رسالة وصلت لهاتفها التقطته تنظر للرسالة لتجدها من شريف أرسل لها
« حلوة أوي البيجامة اللي عليها سلاحف دي ، ابقى هاتي زيها للجواز  »
ضحكت بخفة تحتضن المنامة التي ترتديها سعيدة »
____________
في فيلا جاسر مهران تحديدا في غرفة مريم جلست مريم على سطح فراشها تبكي تتحرك للأمام وللخلف ، أمسكت بهاتفها لأول مرة تطلب نصار من رقمها هي ، ليس من الرقم الذي أعطاه لها ، لحظات وأجاب نصار متعجبا :
- مريم أنتِ اتجننتي من امتى وانتي بتكلميني من الرقم دا ....
قاطعته تتحدث باكية :
- بابا عرف يا نصار ، أنا قولتله امبارح عن اللي بينا كله ، وزعقلي وضربني بالقلم ، أنت قولتلي أنه هيوافق على طول
هنا سمعته يصرخ فيها بعلو صوته :
- الله يخربيت دماغك أنتي ايه اللي خلاكي تقوليله ، هيقول ايه عني دلوقتي كنت بلعب ببنته بخون ثقته ، وطبعا هو مش موافق
قاطعته تقول وهي تبكي :
- لاء ، قالي أنه موافق وأنه عايزك تيجي تتقدملي !!
_______
خلص الفصل

أسيرة الشيطان الجزء الأول + الجزء الثاني+ الثالثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن