السابع والثلاثون

26.4K 1.6K 203
                                    

للقلب سلطان آخر
الجزء الثالث
       من
أسيرة الشيطان
الفصل السابع و الثلاثون 
الجزء الأول
¤¤¤¤¤¤¤
- نورتي بيتك يا حبيبتي
ابتسامة نصار التي ارتسمت على شفتيه لم تكن مريحة للداني والقاصي والمسافر البعيد ، ولكن مريم رأتها إبتسامة لطيفة مُحبة !! ، مد كف يده لها يساعدها على النزول من السيارة ، وضعت كفها الصغير داخل كفه ، فأمسك بكف يدها وجعلها تتأبط ذراعه ، يتحرك معها في أنحاء الحديقة يشير إلى كل جزء فيها يعرفها ببيتها :
- دا البول وفي واحد ورا more privacy عشانك ، وشايفة المورجيحة دي ، أنا عاملها عشانك مخصوص ، تعالي معايا ندخل جوا عشان أفرجك البيت من جوا ، أنتِ جيتي مع جاسر قبل كدة بس كنتي متوترة بسبب الحيوان اللي اسمه مراد
ابتلعت لعابها وتلك النغزة التي لم تتوقف لحظة عن وخز قلبها حين يُذكر اسم مراد ، تنهدت تحاول أن تبتسم تومأ له ، تحركت معه لداخل البيت ؛ لتقف عند التمثال الذي رأته في المرة الأولى تمثال المرأة العارية التي تحاول تغطية جسدها بقطعة قماش ، ملامح الذعر التي ترتسم على وجه التمثال تشعر بها وكأنها هي من تشعر بالذعر ، ابتلعت لعابها متوترة انتفضت حين حرك يده أمام وجهها يحادثها :
- ايه يا بنتي سرحانة في اي ، المرة اللي فاتت بردوا لقيتك واقفة قدام نفس التمثال ، لو مضايقك أنا مستعد ارميه حالا ، هو أصلا جايلي هدية من صديق من برا مصر
حركت رأسها إليه ابتلعت لعابها تتمتم متوترة :
- لاء ، هو غريب ومخيف بس حلو
ابتسم يحرك رأسه يوافقها ،  أمسك بكف يدها يجذبها خلفه إلى غرفة الصالون هناك حيث ترك يدها ، يخبرها أنه سيُحضر لها العصير ، جلست هي على أحد الارائك تُفكر قلقة فيما تفعل ، وهل ما تفعله صائب ، بالطبع لا أليس كذلك ؟!
عاد نصار بعد دقائق قليلة وضع أمامها على الطاولة صينية عليها كوبي من العصير ، أمسك أحدهم يعطيها إياه يسألها قبل أن يجلس على المقعد المقابل لها :
- اشربي ، مالك يا حبيبتي سرحانة في ايه
توترت تبلع لعابها وضعت الكوب من يدها تسأله قلقة :
- نصار إنت متأكد أن بابا هيوافق على جوازنا ، أنا خايفة يرفض عشان يعني عشان .....
قام من مكانه تحرك يجلس مجاورًا لها ، وضع يده بخفة أسفل ذقنها يرفع وجهها ليقابل وجهه ، ارتسمت على شفتيه ابتسامة لطيفة هادئة يردف:
- عشان فرق السن الكبير اللي بينا ، دا اللي أنتِ عاوزة تقوليه ، أنا هحاول أقنعه يا مريم ما تقلقيش ، وبعدين والدك بيحبك وأكيد عايزك سعيدة ومبسوطة وأنتِ سعادتك معايا ، وبعدين لو ما وافقش في طرق تانية نقنعه بيها
عقدت جبينها حين لم تفهم جملته الأخيرة ، رددت جملته مرة أخرى ولكن بنبرة استفهام تسأله عما يقصد :
- طرق تانية ، طرق تانية زي ايه ؟
طرق خبيثة دنيئة لن تصل لعقلها بتلك البساطة ، رفع كتفيه لأعلى قليلا يردف يصحح ما قال :
-أنا قصدي يعني أننا أكيد هنلاقي طرق تانية نقنع بيها جاسر يوافق ، بس أنا عاوزك تسمعي كلامي وتعرفي إني عمري ما هضرك ، وأي حاجة هنضطر نعملها هتبقى عشان نبقى مع بعض دايما يا حبيبتي ، ماشي يا مريومة
ابتسمت قلقة لعدة لحظات قبل أن تحرك رأسها موافقة ؛ لتتسع ابتسامة نصار الخبيثة
ابتسامة رأتها مريم لأول مرة ، دبت الذعر فيها
أشعرتها بخوفٍ لم تشعر به يومًا ، شعرت في لحظة أنها تجلس أمام شيطان ، تدارك نصار نفسه وبدل ابتسامته سريعا بابتسامة أخرى حانية لطيفة يمد يده لها بكوب العصير ، يريدها فقط أن ترتشف القليل ، وسيعمل المخدر الذي وضعه فيه على جعله يحقق ما يريد ، أخذت منه الكوب تقربه من فمها ولكن قبل أن ترتشف منه ، سمعت دقات على باب المنزل وصوت والدها يأتي من الخارج :
- أنت فين يا نصار مختفي ليه ، افتح يا ابني عاوزك في موضوع مهم
هبت واقفة تشهق مذعورة وقع الكوب من يدها وانكسر وضعت يدها على فمها تكاد تبكي من الذعر ، تشير إلى باب المنزل يكاد يُغشى عليها من الخوف ، أخفض نصار صوته حد الهمس يحاول أن يهدأها :
- ما تخافيش ، تعالي معايا هخرجك من باب الفيلا اللي ورا
أمسك بكف يدها يجذبها خلفه سريعا إلى الباب الخلفي لمنزله يطلب أحد حراسه يطلب منه أن يقف بسيارة أجرة عند الباب الخلفي للحديقة ،أوصلها نصار إلى باب السيارة يحادثها برفق شديد :
- ما تخافيش يا مريم ، إحنا ما حصلش بينا حاجة غلط ، وأنا هكلم جاسر خلاص ، ما ينفعش الموضوع يفضل في السر أكتر من كدة
فتح لها باب سيارة الأجرة ، دخلت سريعا تبتلع لعابها مذعورة تلتفت حولها يمينا ويسارًا ، تشعر بالاشمئزاز من نفسها ، من هروبها من بيت نصار بذلك الشكل المهين ، شعرت أنها دهست كرامتها واحترامها لذاتها وثقة والديها في لحظة
أما في بيت نصار ... فتح نصار الباب لجاسر يبتسم في وجهه ابتسامة كبيرة للغاية يعتذر منه :
- معلش يا جاسر كان معايا تليفون رخم ما كنتش عارف اقفل معاه ، ادخل ادخل دا بيتك ،
يا باشا خد نسخة من المفتاح ، ما ينفعش أنت تقف على الباب
ضحك جاسر بخفة رفع يده يربت على كتف نصار ، تحرك معه إلى غرفة الصالون يتحرك صوب الأريكة التي كانت تجلس عليها ابنته منذ قليل ، ما أن جلس هناك قطب جبينه ينظر لبقايا الكوب المحطم والعصير المسكوب منه ، رفع وجهه إلى نصار يسأله:
- أنت كان عندك حد ولا إيه ، أصل بما أنهم كوبيتين واحدة اهي على الصينية والتانية مكسورة اهي
صمت نصار متوترا لأول مرة يشعر بذلك الكم من التوتر ، ألا إن جاسر طلب منه :
- هاتلي ورقة جرنان كبيرة
تحرك نصار يتنفس الصعداء من الجيد أن جاسر لم يسأل من جديد ، بحث عن جريدة إلى أن وجد واحدة أعطاها لجاسر ليراه يلملم بقايا زجاج يضعها داخل الجريدة ، يُغلق الجريدة عليها جيدا طبقة تليها الأخرى ، ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيه حين تذكر ما حدث قديما قبل أن يتحدث :
- رؤى اللي عملتني الحركة دي ، أني لما يتكسر مني حاجة ازاز ألفها كويس أوي جوا الجرايد عشان ما تأذيش عُمال النضافة ولا الحيوانات
أعطاه اللفافة في يده يطلب منه أن يلقيها في سلة المهملات ، قبل أن يعود إليه هنا تحدث جاسر غاضبا :
- شوفت اللي حصل ، رعد بيه اللي أنا شاريله الشركة بفلوسي رايح يتفق مع المنافسين عايز يغرق أبوه ، أنا اللي غلطان لما سمعت كلامك لما قولتلي سيبه يعبر عن غضبه وهو هيلف ويرجعلك تاني ، أهو اتهبل خالص أنا كنت ماسكه بالحديد والنار
اقترب نصار من جاسر يربت على كتفه مترفقا يحاول أن يهدئه :
- يا جاسر اهدا ، دا ابنك بردوا ، وبعدين هي مش مراته رجعت الحوار كله كام يوم وهيرجعلك تاني
هب جاسر واقفا يحرك رأسه للجانبين ينفعل غاضبا :
- أنت مش فاهم حاجة ، رعد اتجنن دا عاوز يرفع قضية حجر عليا ، قضية حجر على أبوه ، أنا هوريك يا رعد أنا هرجعك راكع تطلب السماح
_________
عند شريف وزينب
يجلسان سويا في أحد المطاعم ، يحاول شريف جاهدا أن يجعلها تهدأ ، تتوقف عت البكاء لبضع دقائق ثم تعود لنتذكر ما حدث من جديد ، لتعاود البكاء من البداية ، مد يده يربت على كف يدها برفق يحادثها برفق :
- يا زينب ارحمي نفسك يا ماما ، كدة هيجرالك حاجة بجد ، قومي يا زينب اغسلي وشك قومي يلا تحبي جاي معاكي
وقفت عن مكانها تتحرك صوب المرحاض دون أن ترد بكلمة تنهد يزفر أنفاسه ، رفع يده يمسح وجهه بكفه لا يعرف حقا إلى أن يأخذه التيار بعلاقته بزينب ، يود بشدة أن يُحبها ويشعر بالغيظ حين يتذكر ما حدث له بسبب فؤاد ابن خالتها ، وبين هذا وذاك تقف مرام في المنتصف حاجزا بينهما ، أزاح يده من على وجهه لتقع عينيه على مرام تدخل من باب المطعم بصحبة صديقتها تبتسم تحادثها وهي تضحك ، تلاقت عينيها بعينيه في اللحظة التالية وتوقف كل شيء حين تذكرا ما حدث بينهما ، ولكن الغريب في الأمر والذي تعجب منه حد الذهول ، أن ذاك الشعور الذي كان يشعر به حين يرى مرام اختفى ، حين نظر إليها لم يشعر لا بالحب ولا بالاشتياق ، فقط تذكر ما حدث بينهما وشعر باللاشيء تحديدا ، ذلك هو أدق وصف لما شعر به ، هو اللاشيء
قام من مكانه حين رآها تقترب من طاولته تبتسم في هدوء مدت يدها تصافحه :
- إزيك يا شريف عامل إيه ؟
ابتسم بدوره يمد يده يصافحها يبتسم لها :
- بخير يا مرام الحمد لله ، مبروك صحيح سمعت أنك بقيتي فوتوجرافر هايلة
ابتسمت تشكره :
- الله يبارك فيك شكرا ، عن إذنك عشان معايا صاحبتي
اومأ برأسه لتتحرك مرام بصحبة صديقتها ما أن ابتعدت من أمامه رأى شريف زينب تقف بعيدا تنظر له بحرقة ، النظرة في عينيها وكأنه غدر بها وهي رأت خيانته بالجرم المشهود
ابتلع لعابه متوترا ، يشعر بالضيق لتلك النظرة في عينيها ، تحركت زينب إليه تلتقط حقيبتها سريعا ، ألقت عليه نظرة عتاب أوجعته ، قبل أن تتحرك لخارج المطعم ، حرك رأسه يائسا يضع النقود على الطاولة ؛ ليتحرك سريعا يلحق بها ، رآها تقف بعيدا قليلا تشير إلى سيارة أجرة هرول إليها يُمسك بيدها يجذبها رغما عنها إلى السيارة ، ما أن جلس جوارها التفت لها يحادثها متضايقا :
- ايه لزوم اللي عملتيه دا يا زينب ، في الأول وفي الآخر دي بنت خالي وجت تسلم عليا ، أنتِ ما خرجتيش لقتيني واخدها بالحضن مثلا
عشان تحسسيني إني خاين وتتصرفي بالدراما دي
نظرت إليه لعدة لحظات بقهر شديد بداخلها الكثير والكثير من الصراعات والمشاعر السلبية والكلمات المختنقة داخل قلبها ، رفعت يديها تضعهم على أذنيها تصرخ كما لم تفعل يوما في حياتها :
- بس اسكت أنا مش عاوزة اسمع حاجة ، أنا عارفة أنك ما بتحبنيش والله العظيم عارفة ، وعارفة أنك مجبور على الجوازة دي عشان سمعتك ، ما حدش أصلا في يوم كان هيفكر يبص لزينب ، أنا من الناس اللي بتعيش وتموت على هامش الحياة ، كل اللي بيعدي في حياتها بيبقى عايز يأذيها عشان بتسكت وبتخاف تتكلم ، أنا عارفة أنك بتحب مرام ، مرام أحسن مني ألف مرة هي بلوجر مشهورة ، حلوة وعندها ثقة في نفسها ، حتى لما بعدت عن حياة البلوجر بقت مصورة معروفة ، من حقها تسافر وتروح وتيجي وتعمل كل اللي نفسها فيه ، أهلها بيحبوها وبيثقوا فيها ، إنما أنا أمي كانت ولازالت بتكرهني حاولت تموتني ، على طول شيفاني خاطية وذنب ، أنتوا الاتنين شبه بعض يا شريف ، أنا مش شبهك ، أنا نكرة في الحياة ، طلقني يا شريف
أخرجت كل ذلك وانفجرت في البكاء ، وهو ينظر إليها مصعوقا لا يصدق أنها تحمل كل ذلك القدر من الألم والخذلان داخلها ، شعر بحرقة وألم كل حرف نطقته ، شعر بالشفقة والألم على حالها ، ربما تلاقت طرقهم لأجل ذلك ، لأجل أن يعوضها عما لاقت من قسوة حتى لا تشعر أنها " نكرة " في الحياة ، مد يده يضعها على كتفها برفق ؛ لتزيح يده بقوة تبتعد عنه ، زفر أنفاسه يحادثها مترفقا بها :
- زينب اهدي عشان خاطري ، أنا آسف بجد آسف إني انفعلت عليكِ كذا مرة النهاردة ، المشكلة مش عندك يا زينب أنا اللي مشتت بقالي فترة ، ممكن تبطلي عياط وتسمعيني أنا عاوز أكلمك بصراحة ، أنتِ مراتي ومش هلاقي أحسن منك افضفض معاه
الماكر! ، جملته الأخيرة جعلت رعشة قوية تعصف بها ، ابتلعت لعابها متوترة رفعت يديها تمسح دموعها قبل أن تنظر إليه ، تنهد يتحدث بتروٍ :
- عارفة يا زينب الفترة اللي فاتت كنت متغاظ منك جداا يمكن عشان كدة كنت بخلي علاقتنا رسمية ، أنا شخص بيكره السوشيال ميديا عنده تروما منها ، بحاول أبعد عنها بكل شكل ، وفجاءة ألاقي نفسي ترند في فضيحة كبيرة بسبب ابن خالتك القذر ، دا أنا مسحت بيه بلاط السجن كله ، كنت متغاظ أوي ومتضايق حتى بعد ما الموضوع اتحل ، أنا ماليش دعوة أنا ما شوفتش البنت دي غير مرة ولا اتنين ليه بسببها ألبس في فضيحة زي دي ، أنا عارف أنك مالكيش ذنب والله عارف ، بس غصب عني وحقي كنت متضايق أوي ، عشان كدة كنت بحاول دايما أتجنب الكلام معاكي ، عارفة لما كلمتيني وقولتيلي أن الكلب دا اتحرش بيكِ، في اللحظة دي تحديدا ما كنش في دماغي أي حاجة غير شعورك بالرعب بسبب الكلب دا وأنك أكيد دلوقتي بتعيطي وخايفة ، واستغربت جداا منه ، عشان كدة زعقتلك

أسيرة الشيطان الجزء الأول + الجزء الثاني+ الثالثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن