٥٢

2K 53 5
                                    

يحس تغير ملامحه ما يسيطر على نفسه بالذكرى اللي داهمته تقطّع قلبه بوحشيتها ولإنه يعرف بإنها ما تحتاج أسباب لتفجّر عاطفتها هو وقّف يتجّه للمغسلة يمثّل العادية وعدم التأثر رغم عدم شكه بإنها شافته وتتأكد من إن الذكرى داهمته تفتح جراح دنياه اللي ما تُشفى، ما تطيب إنما تحيا به: تجين معي فوق؟
رفعت كفّها لأسفل عنقها تنعدم قدرتها على الرد يُكتم صدرها ويتردد أمام عينها مشهد تحوله يتقطّع قلبها لأشلاء تعجز عن السيطرة على ذاتها، تعجز على تكذيب عينها ومجارات عاديته ينتفض صدرها عذاب لحاله اللي كانت هي كل أسبابه هالمرة .. ألتفت عليها يتجّه ناحيتها، يزيح إتجاه كرسيها من المستقيم لجهة الطاولة إلى جهة وقوفه يوقّفها: بتجين
خللت أصابعها بخصلاتها تمشي معاه بالفعل للأعلى، لمرسمه تتجّه مباشرة للكنبة الوحيدة الموجودة بينما هو إتجه للرف المخصص لأدواته وأثناء بحثه هو أردف: تدرين إن رائد ما يغيب عني .. طاريه فيني ومني فكّي هالعقدة
مسحت على ذراعها فقط ترجّع ظهرها للخلف وأكمل ما يزيح عينه عن أدواته أمامه: معك جوالك؟ إكتبي معي
طلّعت جوالها من جيب بنطلونها وتتبع كتابة نواقص إحتياجات مرسمه إلى أنتهاءه هو تنهّد يتمدد على الأرضية لدقايق إلى أن نشّط نفسه يوقف على حيله مرة أخرى ويأشر لها يلفت إنتباه سهوة ذهنها: بنطلع
هزت راسها بالإيجاب تبعثر خصلاتها من سبق خطوتها تسكّر أنوار المرسم خلفها، الباب تتجّه لغرفتهم تطلّع عبايتها يتآكل قلبها تأنيب ولوم ولإنه ساير العادية ما يترك للفجوة درب بينهم يجبّر التغيّر رغم كامل معرفتها وتيقنها بإن كل المواضيع ممكن تمرّ بعادية وعدم تأثر إلا موضوع رائد ما يقرب العادية ولا يُجرأ فيه لإن الدنيا كلها تشوف التأثر المجنون بمناف فيه .. أخذت نفس ترفع شنطتها وتقرّ بإنها تدفن وضوحها أمامه لإنه يجاهد نفسه وبتجاهد هي إجبارًا رغم التمثيل الحاصل بينهم وبمعرفتهم، نزلت للأسفل تشوف تركه للأطباق بداخل المغسلة وبإنتهاءه هو جفف كفوفه يتجّه لخارج حدود المطبخ يطلّع لها مفتاح سيارته، يتركها بين إيدينها: شغّلي السيارة على ما أبدل
هزت راسها بالإيجاب فقط تتجه للخارج، للسيارة تشغّلها بالفعل ورجّعت راسها للخلف لدقايق إلى نزوله يشدّ أكمام ثوبه الأبيض يركب بجنبها، بمقعد السائق يترك لها العلم: نحيي المرسم .. من فترة ما مليته
ميّلت جهة جلوسها لناحيته تسأل: بترسم؟
رفع أكتافه بعدم معرفة يحرّك لخارج أسوار البيت: ذكّرتيني بروما .. من فترة وقفت الرسم اللي أعرفه
تفهم إن رسمه المعتاد يكون للوحات عشوائية غير مدققة وما تكون ترمز للواقعية وإنه يعتاد رسمها بروما، بمرسم روما ومحلّه يرسم شعوره، يرسم كل ما يطري على ذهنه من أحداث وأساطير خيالية وما تمد للواقع بصلة لكنه يفضلها، يفضل الخيالي الغير ممتد للواقع واللي يطير فيه للا محدود، للمدى الواسع يكون له حرية التحكم فيها ولإن "ذكرتيني بروما" كانت تشير لإن كامل دهشتها بمرسم روما لإن رسمه الحالي ما يقارب رسمه السابق، وكأنه رسّام آخر .. رجّع راسه للخلف يلفّ نظره ناحيتها لثواني بتنهيدة: إيه؟
رفعت أكتافها بعدم معرفة لإنه يشير لرفض هالسكوت: قلت نجلس سوا بس الغيد غيّرت الخطة كلها
هز راسه بالنفي: وما جلسنا؟ من الصباح؟
رفعت حاجبها بعدم تصديق تنفعل: يكفي يعني؟ حلو نزّلني ببيت أبوي
إبتسم يردّ جسدها للخلف لإن أنفعالها أدى لتقدمها: إركدي
كشّرت تصدّ عن جهته لإنه ما يأكد لها الخلاف ولإنها كفّت الصمت منه ولإنه هو يعرف، يميز خاطرها يكشفه أمامه ما شح بضاحك نبرته: تدرين العمر كلّه ما يكفيني معك .. ما أقول لك أبيك بين ضلوعي وما يكفيني؟
كان منه تكرير ذات جملته ورغبته الدائمة بإنها تسكن أضلعه بين حنايا صدره ويطلب الأكثر، ما يكتفي بهالطلب يبي المستحيل فيها تسكنه وتقربه بروحه ما يخاف الزمن فيها، ما يضرّه شيء فيها وهي أكثرهم معرفة فيه، تعرفه وتعرف صدقه لكن داهمها توقيته تعجز رد الفعل بركن سيارته أمام المركز المختص يسكّر السيارة، ينزل وتنزل هي بجنبه تمرّها ذكرى أيامهم بالديرة، قبل سنة ونصف مرّ بينهم شديد الحوار تُحرق أعصابه فيها، يُجن كله من حوارهم اللي يجرّح روحه وكانت المرة الأولى اللي تشهد فيها غضبه، المرة الأولى اللي تشوف لهب عينه وكل رعبها وخوفها كان من ردة فعل الجنونية بتحطيم كل أركان غرفته، بتكسّيره لفرش رسمه يتكسّر قلبها أضعاف .. قُطعت ذكراها بفتحه للباب تدخل بهدوء، تشوف واسع أركان المركز الهادئ والخالي تمامًا من المشترين والأنس عامة بإستثناء العامل الوحيد على صندوق المحاسبة، إتجهت خلفه بين أرفف المكان تتأمل الألوان، الفرش، اللوح وأدوات لأول مرة تكتشفها تفهم إن المركز يخص الفنّ فقط وغير ذلك لا يُقبل لإن أدواتهم عالية الدقة، شديدة الحرفة يعجزها غير المحترف، رجّعت عينها لإختياراته بين أحجام اللوح، يختار عدد خيالي يتركهم أسفل العربية ويكمّل خطاه يتقدّم لقسم الألوان وكشّرت لإنه يختار أغمق الدرجات، الأسود بكثرة وقليل زاهي الألوان وما كان منها الرضا تتجّه للجهة المقابلة تختار هي زهوة الألوان، طاقة الحياة فيهم تتركهم بالعربية وعقّد مناف حواجبه يناظرها: وش له هالألوان؟
رجعت لذات الرف يُلفت نظرها من لوح ألوان يختص بدرجات الوردي: لك، ناوي ترسمني بالأسود وتلوني بالرمادي؟
رفع حاجبه بعدم توقع وما تركت له الفرصة تضيف كمّ من ألواح الألوان المشعة بالحياة تتركهم إجبارًا بين أدواته واِستكمل خطاه بهدوء فقط ما يعقب على فعلتها بشيء ..

كل الغرام اسمك، كل الصور في ناظري رسمكWhere stories live. Discover now