الفصل الأول

12.6K 334 118
                                    

الفصل الأول
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

استفاق من أفكاره الثقيلة المتراكمة على صدره أثر صوت الماشية ألقى نظرة سريعة على الأغنام والمعيز أنها تفضل أكل الاعشاب القصيرة، اللينة القريبة جدًا من سطح الحقل

رفع بصره للسماء وقد اصطبغت باللون البرتقالي معلنة عن غروب الشمس وبداية الليل، زفر ذلك المراهق الممدد على المقعد الخشبي الطويل ثم إعتدل وعاودت ذكرياته لأول يوم اِلتقى بها

كالعادة دائمًا يذهب لمدرسته متأخر غير مهتم بحضور الطابور مع زملائه، عَجْل في قيادة دراجته الهوائية إلى الداخل بسرعة ولم يلاحظ الفتاة التي ظهرت أمامه على حين غرة سارع بالضغط على الفرامل

لكنها لم تقدم شيء فاصطدم بها ووقعا معًا على الأرضية الصلبة وبجانب صدغ الفتاة استقرت على حجر ضئيل في حين خدشت يده بالدراجة لم يكترث ونهض من فوق الفتاة التي أسرعت بالبكاء والعويل، نظر لها وهتف بها بحنق غير مكلف به:
- ما تفتحي بدل ما انتِ ماشية زي العمية! أنا ناقصك مش كفاية متأخر ومالحقتش الطابور

جهر نبرة صوته حينما زاد بكائها خشية أن يلمحه مدرس ويطلق العنان في توبيخه:
- قومي مافيش حاجة حصلت لك

لاحظ دماؤها شقت طريقها لتسيل على صدغها ليبعد هو دراجته بعيدًا عنها وحاول مسك يدها فصرخت به:
- الأعمى ده اللي بيسوق ويخبط في البنات

تجاهل سبها وضغط على رسغه وقال بهدوء عكس غضبه الداخلي:
- وكمان ليكي عين تزعقي وتبجحي فيا! ما تقومي ولا عجبتك الأرض؟

ثم مد يده إليها عازمًا على رفعها وقبل أن يلمس رسغها هتفت هي بحشرجة مقتضبة:
- ما تقربش مني أنا هقوم لوحدي

استقامت تجفف الدماء السائلة من صدغها بواسطة كم ثيابها المدرسية محدجة إياه نظرات غضب والذي منعها من الهتاف به توجعها، لم يكن بحوزته سوى منديل قماش أبيض مزين برسومات أوراق زهور بنفسجية اللون، أخرجه من جيبه وجفف دماؤها

تراجعت للخلف قليلًا وارتبكت وتشوش عقلها والعبرات تنهمر من مقلتيها من شدة ارتطامها، عادت نظراتها الناقمة عليه وهتفت بوجهه:
- طالما ما بتعرفش تسوق بتركبها ليه؟ ده إيه البلاوي اللي بتتحدف عليا دي، والله لقــ ..

لم تستطع إتمام جملتها فأجابها بضيق شديد مكمل إلقاء المنديل على وجهها بغضب وقد كره اليوم الدراسي الأول بالسنة الدراسية الجديدة:
- ما تخرسي يا بت انتِ رغاية وبتحرقي بنزين كتير ليه؟

شاهدهما معلم من فوق الطابق الثاني الشجار القائم بينهما وزاد قلقه على الفتاة التي تبكي والمراهق يقذفها بشيء لم يتعرف عليه فصرخ عليه:
- انت يا حيوان عملتلها إيه؟ محدش يتحرك أنا نازلكم

رفع بصره للمعلم ثم تجاهل انقباض قلبه خوفًا من النتائج المترتبة على معرفة ما سيحدث لم يأخذ ثواني وكان رفقتهما، هتف في وجه الطالب بغضب:
- انت عملت لها إيه؟ حتى البنات ما سلمتش منك ما هتبطلش عمايلك السودة دي أبدًا!!

زمهرير لهب الصحراءWhere stories live. Discover now