الفصل الثالث والعشرون

1.8K 158 95
                                    

مع بدايات نسمات المساء، عند مرور نسيم الرياح المليء بعبير الورد شعرت كاميليا أخيرًا بالراحة فهي انتظرته بعد عناء وتعب الصباح، وقت الهدوء وما أجمل الأوقات التي تشعر فيها بأنها تريد أن تطلق العنان لمخيلتها، وتوجست قليلًا وهي تطلب رقم هاتف، انتظرت بضع دقائق وأتاها الرد:
- الو السلام عليكم

تلجلت في سؤالها:
- جمال!

- مين؟!

قالها بتوتر، فردت عليه:
- أنا كاميليا سالم غريب

تجهمت نبرته وبصرخة واحدة جعلها تصمت:
- أنا ماعرفش حد بالاسم ده! النمرة غلط

ولم يدعها تستفهم منه على شيء آخر فقد قام بإغلاق الخط في وجهها ولما حاولت معاودة الإتصال به لم يرد عليها، ظلت تكرر إتصالاتها الكثيرة وهي تتحدث بعصبية وحدة ظاهرة في صوتها، حتى أنها لم تشعر بزوجها الذي يقف خلفها وقد استمع لمحادثتها

- مين جمال اللي كنتي بتتكلمي معاه؟

همس بها إبراهيم، لتنتفض بحدة وهتفت توبخه:
- خضيتني .. اتعلم لما تدخل البيت تعمل حركة رفقًا بالإنسانة اللي عايشة معاك

أَحدَّ إليها النظر، وتابع بنفس نبرته الهادئة:
- وحد قالك عليا إني عفريت!

التفتت نحوه لتعارضه بعناد، لكنه كان الأسبق في التكلم وهو يرمقها بنفس النظرة العميقة:
- مين جمال؟!

تشجعت وقالت بتوجس:
- اللي كان هيتجوزني

تغيرت قسماته للغضب وبدون قصد هتف من شدة انفعاله:
- وبتكلميه ليه؟؟

طالعته كاميليا بنظرة ما زالت مترددة:
- كنت بسأله لو يعرف مكان بابا وماما يقولي عليه

اقبل عليها بخطوات قوية ونظرات ثاقبة، قائلًا بعنفوان:
- وماقلكيش على عنوانهم؟

هزت رأسها بالنفي مستكملة قولها بخيبة أمل:
- لأ، قالي النمرة غلط

ثم أرادت التهرب منه، ولكنه كان الأسبق بمسك رسغها وهو يقول بجفاء:
- إيـــاكي تتصلي على حد تاني من غير إذني

عارضته بعناد وتحدي:
- ليه إن شاء الله هتتحكم فيا وتبقى وصي عليا؟

اعترض طريقها وقد تحول لشخص آخر وبدا صوته كأنه خرج من الجحيم:
- واتحكم في نفسك الداخل والخارج

سددت له نظرة امتلأت بالحنق قبل أن تشيح بوجهها الممتقع عنه وهي تغمغم:
- مين انت عشان تتحكم فيا؟

أضاف إبراهيم بسخط صريح:
- جوزك اللي مش عارفة تشيلي اسمه

حاصرته بإجابة بدت مقنعة لها:
- طالما انت مش عارف ترجعني لأهلي وبتماطل يبقى من حقي اتصرف عشان ارجعلهم! ويكون في علمك أنا هدور عليهم بنفسي وأول ماوصلهم هسيبك واسيبلك ابنك وارجع لحياتي القديمة

زمهرير لهب الصحراءWhere stories live. Discover now