الفصل السابع والثلاثون

1.8K 141 145
                                    

بعدما خرج معها من عيادة الطبيب الذي فحصها وأكد على ضرورة إتباع نظام صحي وأدوية خاصة لمعدتها الحساسة أثر جراء عملية تكميم المعدة، قاد ميخائيل سيارته السوداء بعيدًا، فأخرجت دميانة من حقيبتها مستحضر تجميل للشفايف شفاف لا لون له وبدأت تزين به شفتاها، كان هو بين الحين والآخر يلقي عليها نظرات غريبة، فبادرت وسألته عن سبب تلك النظرات:
- مالك بتبُصلي ليه؟

أجابها بملامح منزعجة:
- البتاع اللي بتحطيه على شفايفك ده

- ماله؟!

أنطلق سؤالها بعدم اهتمام، بل قربت مرآة سيارته على وجهها وزادت في وضعه، حتى عاود يقول لها بنفس النبرة السابقة:
- ماتحطهوش تاني

فقالت دميانة مستهزئة منه:
- ليه بتغير عليا؟

خيب ظنها بإجابة خرجت من طرف لسانه وكأنها رصاصة اخترقت صدرها حينما قال باشمئزاز:
- شكله عامل زي الريالة

اتسعت حدقتيها بدهشة، بل صدمة كبيرة ومفاجئة وهي تسمع كلماته الغريبة، وانطلقت توبخه:
- ريالة! الليب جلوس بقى ريالة؟! وانت تفهم في الميك اب من أي اتجاه؟

تدارك نفسه سريعًا وقد عض على لسانه المتهور، فأردف يقول محاولًا تجميل قوله:
- بس شكله حلو تحسيه عسل نحل بيدلدق من بؤك

كررت قوله الذي سيفتك عليها يومًا ما:
- بيدلدق؟!

أضاف ميخائيل مؤكدًا عليها بضحكة مرحة:
- دي الحقيقة يا داندي انتِ عبارة عن كيلو عسل نحل

قبل أن ترد عليه تغيرت ملامح ميخائيل للصدمة ثم الغضب عندما رأى سيارة الضابط موسى أبو الدهب ابن عمه خلفهما وكأنه شك ولو بقليل أنه يراقبهما، فأوقف السيارة في ركن بعيد عن ازدحام الركاب والسيارات، وخرج منها إلى ذلك الوغد الحقير

علم موسى أن ابن عمه لن يترك الأمر بسهولة فأوقف سيارته هو الآخر وقبل أن يخرج منها كان قد سلبه ميخائيل بقسوة من ذراعه وهتف به:
- بتراقبني ليه يالا؟!

تلعثم موسى ونطق بلجلجة:
- آآ.. أراقبك؟! انت اتجننت ولا فاكر الشارع اشتريته بفلوس أهلك؟

- ميخائيل؟!

هتفت بها دميانة بحدة، فالتفت لها قائلًا بلهجة قاسية:
- امشي يا دميانة أنا عايز اتكلم مع ابن عمي

احتجت برفض قاطع:
- بس كده انتوا ممكن تتخانــ آآ

عاود مقاطعتها متصنعًا الابتسام:
- مافهاش خناق

ولم يدع لها الفرصة بالاحتجاج مجددًا، ليوقف لها سيارة أجرة وتركها تستقلها، ثم عاد إلى ابن عمه الذي جلس على سيارته وأشعل سيجارة وهو يقول:
- عايز تقولي إيه يا ابن عمي؟!

وأخيرًا قد سنحت لميخائيل الفرصة على طبق من ذهب في الثأر لكرامته من موسى حينما كسر ذراعه منذ أربع سنين وست أشهر وخمسة أيام، بالطبع كان الضابط ذكي جدًا واستطاع بقراءة أفكار ابن عمه، فنطق بكامل النبرة الباردة كالثلج:
- بتفكر في إيه يا ابن عمي؟

زمهرير لهب الصحراءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن