الفصل الواحد والثلاثون

1.5K 130 76
                                    

توقفت سيارة الأجرة أمام البوابة الحديدة الخلفية فنزل أنور أولًا وعاون زوجته بالنزول كانت تمشي بصعوبة فحملها برفق على ذراعيه مثل دمية صغيرة، احتجت رئيفة بتعب:
- نزلني يا أنور حد يشوفنا

دلف بها لداخل المزرعة وأغلق الباب بالمفتاح ثم قرب وجهه عليها قائلًا بزهزقة:
- اللي هيبص علينا قليل الادب واحد شايل مراته التاني زعلان ليه؟! مايروح هو يقلدنا ويشيل مراته

ثم أضاف بمزاح:
- انتِ تقيلة أوي

اختلطت دموع وجعها مع العبارات المتألمة وقالت:
- هي الهدوم الشتوية اللي لبساها كتيرة وتقليلة

خطى خطواته وهو يردد:
- وانتِ يعني اللي كنتي ملفوفة ببطانية؟ طب ماتقلعيهم ونشوف وزنك

همست بقلة صبر:
- يا أنـــــــور أنا في إيه وانت في إيه؟!

فتح باب منزله ودخل بها قائلًا:
- وصلنا البيت يا قلب أنور

صعد بها للطابق الثاني حيث غرفتهما وأراحها برفق ولين على السرير، انقبض جسدها مثل قوقعة حلزون خلع أنور حذائها البمب الأبيض يتراوح طول كعبه من واحد إلى اثنين سنتيمتر، واصل تعرية ساقيها من الجوارب الشفافة وبها حاشية بالدانتيل ثم وقف قاصدًا خزانة الملابس ولكن كانت هي الأسرع بمسك يده، ورأت خدوش أظافرها على ظهر يده همست بتعب:
- أنا آسفة يا أنور

رفع يدها مقبلًا بشرته الملساء واستطرد بعفوية:
- مالك يا رئيفة من امتى واحنا كان بينا أسف؟

قصد الخزانة وأخرج منها ملابسهما الشتوية الثقيلة ووضعهم على حافة الفراش ليعود لها ويرفعها برفق:
- قومي هلبسك هدومك

خلع لها معطفها الأبيض الفرو مواصلًا حتى انتهى وجعلها ترتدي ثيابها المنزلية، مباشرًا هو بخلع سترته الجليدية ذات اللون الأسود وارتداء ملابس ثقيلة مريحة، واقترب بجانبها على الفراش واحس بألمها فاحتضنها وهمس بأنفاسه الحارقة برقبتها:
- حاسة بوجع يا حبيبتي؟

هزت رأسها واهتزت صورته أمامها لكثر دموعها العالقة بأهدابها، جفف العبرات بأصابعه وقبل رأسها ثم أردف يقول:
- سلامتك من الوجع .. هروح المطبخ اعمل حاجة وجاي

برفق أبعدها من حضنه الدافئ وتوجه للأسفل بالمطبخ يعد لها مشروب ساخن وفي أقل من عشرة دقائق عاد لها بكأس حليب ساخن وضعه على المنضدة الليلة التي بجانب السرير، ورفعها يخبرها:
- عملتلك كوباية لبن دافية قومي اشربيها

- مش قادرة

عبست ملامحه وجلس بجوارها ثم قال:
- بلاش دلع يا رئيفة، هشربها معاكي

أمسك الكأس وقال بحماس ليغريها على النهوض:
- ده أنا حطيتلك توت في اللبن .. ريحته حلوة أوي

رسمت بسمة خفيفة على ثغرها واتكأت على صدر أنور وارتشفا سويًا الحليب الدافئ المختلط بحبات التوت، شعرت بحرارته وهو يلف ذراعيه حولها مكررًا كلامه حين رؤية عبراتها مجددًا:
- لسه الوجع شغال؟

زمهرير لهب الصحراءWhere stories live. Discover now