الفصل العاشر

2.1K 182 46
                                    

كان الثلاثة معًا جالسين على الأريكة وحبيب في الوسط بينهما، هتف على مضض كأنه يتحدث مع طفلين مدللين:
- يعني الخناقة دي كلها عشان لايك على الفيس؟

عقب عليه أنور بتأكيد:
- شوفت حاجة تافهة .. أمك اللي بتعمل من الحبة قبة

سألته رئيفة بعينين تدوران عليه بشك:
- وهي تعملك لايك على صورتك ليه؟

نطق حبيب فلم يعد قادرًا على الصمود من شدة تفاهة الموقف:
- انتوا مش عاملين لي حساب ليه؟ أنا لو بكلم عيال كانوا اتصالحوا ... انتوا عديتوا الستين سنة

لوت فمها بضيق وقالت:
- لم نفسك يا حبيب أنا لو صبغت شعري ابقى أصغر منك

ثم همس لوالده بمرح:
- الستات مهما يكبروا برضو داء النكد فيهم

ثم سألها بنبرة مرتفعة:
- انت تعرف الست دي منين يا بابا؟

برر أنور موقفه بتلقائية:
- كانت زميلتي في الشغل قبل ما اطلع على المعاش ويا في سنك يا أكبر منك بكام سنة، أكيد يعني مش بعد العمر ده كله هبص لعيلة من دور ابني! ولا هي هتحب راجل قد أبوها!

رد عليه حبيب دون تفكير:
- ده لو كان راجل غيرك يا أبو الشباب

يا لك من محتال يا حبيب هكذا همس بها والده وهو يرفع صوته:
- انت كده بتشعللها يا ابن الكلب، أبقى شوف مين هينفعك في النصايح اللي عايزها

هز حبيب رأسه وبعينين مترجية وهو يطلب من والدته:
- أنا جوعت حضري العشا وبعد الأكل ابقى أصالحكم

نهضت رئيفة ودلفت للمطبخ وقبل أن يلتفت لوالده كان أسبق بصفعه على مؤخرة رأسه، تجهم وجه حبيب وهو يسأله:
- إيه يا بابا!

رمقه أنور بعينين حادتين وقال بغضب:
- شغال تلف وتدور عليا وكلت دماغي إنك هتصالحنا .. حبكت دلوقتي الأكل يعني؟

تفوه بتلقائية:
- جعان يا أنور

أعرض عنه متمتمًا بضجر واستهزاء:
- ويا ريته بيبان عليك بيروح فين الأكل ده!

ابتسم حبيب ما أن سأله والده بعفوية فرد عليه ببشاشة:
- يعني هيروح في جيبي مثلًا؟ ما بيروح في الحمام

اشمأز وتابع قوله بضيق وهم يرد عليه، ولكن خرجت رئيفة من المطبخ ممسكة صينية عليها جبن ومربى وخبز وضعتها على المائدة وجلست بصمت، أسرع حبيب بالجلوس بجوارها وباشر في تناول طعامه بشهية مفتوحة، همس لوالدته بنبرة لعوبة:
- يا سلام على المربى طعمها حلو أوي وانتِ كمان يا ماما حلوة أوي خسارة إنك متجوزة

احتقنت ملامح أنور وصاح يسأله وهو يضغط على أسنانه:
- بتقول إيه يا حبيب أبوك عليّ صوتك

كانت قسمات وجه أنور ستفتك به، فأجاب والده:
- أبدًا يا بابا بقولها الأكل حلو

أيده القول وهو يلطف من حدة كلامه:
- ده عشان هي حلوة تعدل المزاج المخلع

زمهرير لهب الصحراءWhere stories live. Discover now