الفصل الثلاثون

1.5K 130 101
                                    

تشكل على ثغرها ابتسامة بعد تفوهه بما برد نار قلبها، ثم سألته بهمس:
- طب والبوسة؟

وضع أنور يديه في جيبي بنطاله ليقول بتمهل ليجعلها تغتاظ:
- الله! ده انتِ ماصدقتي اقولها، جاية على هواكي

عضت على الشفة السفلية لفمها بحرج، فواصل أنور الكلام:
- لما نتجوز، دلوقتي ماليش مزاج ابوسك

قست نظراتها ناحيته كنيران تأكل حطب وسألته:
- يعني اعتبره وعد؟

ثم توقفت برهة قليلة وحدثته مرة أخرى ولكن إشراق وجهها وعودته للحياة جعله يبتسم لها وهي تقول:
- وعد مني يا أنور مش هضيعك مني تاني لآخر العمر .. انت أحلى حاجة في حياتي

نظر مباشرة في عمق عينيها لتشعر هي بنظراته الدافئة تحتل كيانها بلا مقاومة منها خاصة عندما صاحب ذلك قوله الهادئ:
- وأنا عايشها عشانك

كانت فرحتها كبيرة وتمتمت:
- أنا آسفة كانت غلطة ودفعت تمنها غيابك وندمي .. أنا بحبك وماقدرش على زعلك وهجرك ليا، كنت بحلم باليوم اللي تيجي فيه وتقولي سامحتك بس انت طولت أوي

قرب وجهه من وجهها وقال بصوت هامس للغاية:
- كان ليه وقتها يا رئيفة وكنت محتاج وقت انسى واصفالك

في تلك اللحظات العاطفية الخاصة، دلفت إليهما خضرة وحانت نظرة عليهما وهما مقتربان ببعض بحرارة، والضحكات العفوية تملأ وجههما، لاحظ رئيفة وهي مبتسمة، فالتقط أنور نظراتها السارحة فيه، ووجلت واستدارت محدقة أمامها وهي تشعر بدقات قلبها تعلو وترتفع حتى كاد ضجيجه يصم آذانها، فسألتهما خضرة باهتمام:
- مالكم واقفين هنا ليه؟

رفع أنور بصره وقال ببسمة جملت وجهه:
- ماتسمعينا زغروطة يا حماتي بالليل الساعة تمنية بالدقيقة هجيب المأذون ونرجع لبعض

بالكاد منعت نفسها من النظر إليه وكأن العين لم تعد ترتوي بما يطفئ لهيب الظمأ فيها إلا برؤياه، انسحابه التكتيكي كان ضروريًا قبل أن تنجرف مشاعره التهور ويفعل بها شيء يجعله يندم طيلة حياته

صفق الباب خلفه بهدوء، وتنهدت خضرة بعمق، ثم استدارت تنظر لوجه أبنتها الرقيق، لانت ملامحها وأطلقت زغرودة خفيفة لفرحة أبنتها

- ماتفهموني صوت الزغاريط ليه؟

صدحت ابتسامة سرور على وجه رئيفة وتلاشى هذا التجهم ثم ركضت بدلال لغرفة خالها عازمة على اخباره ما حدث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

- هتردها لذمتك؟!

قالتها ثريا بعدم اقتناع وهي تقف من مجلسها بحدة، نهض أنور مثلها ورد على والدته بشيء لا يحمل رغبته في النقاش:
- آه، عندك اعتراض يامه؟

حدقت به ولم تقدر على إفصاح سرها في عدم موافقتها لرأيه ولكنها فضلت السكوت ليواصل الكلام:
- أنا شرطت عليها ماتجيش عندكم لحد اما النفوس تهدى .. ومن هنا لحد ما النفوس تهدى أنا مش عايز اسمع كلام عن الخلفة

زمهرير لهب الصحراءWhere stories live. Discover now