الفصل السابع والعشرون

1.6K 127 100
                                    

دخلت ڤيڤيان غرفة ابنها بهدوء حذر ومعها صينية عليها الغداء أو ربما الأفطار بل وجبة عشاء الأمس، منذ البارحة لم يتناول شيء وعلى معدة خاوية وضعتها المنضدة الصغيرة التي بجانب فراشه، ثم اقتربت من الشرفة تفتحها لتدع الشمس والهواء يدخلها لتلقي نظرة عليه وهو نائم شعرت بالندم عما فعلته به البارحة لكنه التصرف الأمثل معه فدميانة ليست شقيقته حتى تتحمل استفزازه، هزت كتفه وصاحت عليه:
- قوم يا ميخائيل الساعة عدت واحدة .. يا ميخائيـــــل!

فتح عينيه وحدق بها ليعاود تذكر ما حدث في ليلة الأمس وضجرت ملامحه، فقالت والدته برفق:
- لدرجادي مش طايق تبص في وشي!

اعتدل وسند ظهره ثم أخبرها بعتاب:
- لا يا ماما ماقدرش اقول كده، أنا زعلان منك ومن اللي عملتيه امبارح، بقى تضربيني قدام ايڤا ودميانة اللي مربيهم على إيدي، هونت عليكي تكسفيني قدامهم؟ الكبير يضرب يا امي؟

شعرت بالندم وقد نحر حزن ابنها في قلبها فأردفت على الفور:
- محقوقالك يا ميخائيل بس كان لازم اعمل كده وأنا شيفاك هتكسر عضم دميانة

استمر في تبرير موقفه:
- ويعني يرضيكي هي اللي قالته؟ على فكرة أنا ماكنتش أقصد

أَشارت ڤيڤيان بالحركات وتعابير وجهها بالإيماءت الصامتة ثم أردفت بتأكيد:
- وأنا عارفة إنك ماكونتش تقصد بس دي ضيفة يا ميخائيل

لم يقدر على الابتسامة بل ظل عابس وجهه فلكزته والدته وهي تسأله بمرح:
- انت هتكبر عليا يا ولا .. ده أنا ياما ضربتك وانت صغير

شعر بضرب من الاستياء وقال مصححًا في غلظة ملحوظة:
- يامه انتِ لو ضربتيني بالجزمة على راسي أنا همسك الجزمة وادهالك تضربيني بيها تاني من غير أي زعل .. بس مش قدام حد، ده أنا ابنك الكبير برضو

قاطعته ڤيڤيان بلهجة لينة وتلك النظرة الدافئة تطل من عينيها وهي تقبل رأسه:
- خلاص ماتزعلش مايبقاش قلبك اسود وادي راسك ابوسها يا كبير

على الفور تغيرت ملامحه الغاضبة للابتسام وبادل والدته قبلة على ظهر يدها مجيبًا بتأكيد:
- ابوس إيدك الأول يا ست الكل

قالت بعد زفير متمهل:
- قوم اغسل وشك وافطر، أنا جبتهولك في اوضتك عشان لسه حسابك عسير لما تيجي دميانة

مشيت في خطوات بطيئة لكنه استوقفها مرددًا بتعجب:
- هو لسه في حساب عسير أكتر من كده!

إلتفتت إليه قائلة وهي تؤكد كلامه:
- اومال انت فاكر إيه؟ اصبر بس لما تيجي دميانة وشوفوا انتوا الاتنين هعمل فيكم إيه؟ اوعى ياض تكون فاكرني هبلة وبريالة تضحك عليا! انا فهماكم كويس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مفهوم الحب من ناحيتها كان محدودًا قاصرًا على ما شاهدته في الأفلام وما قرأته في الروايات، لكن معايشته بكافة جوارحها ووجدانها كان للأسف بعيد عنها، لم تنكر أن الجانب السري له يجعلها تشعر أنها ستكون سجينته، زفرت على مهل وإضطرت إلى المكوث معهم حتى تنتهي فترة امتحاناتها وتعاود لعائلتها الصغيرة

زمهرير لهب الصحراءWhere stories live. Discover now