الفصل التاسع والعشرون

1.3K 122 102
                                    

على المقعد الخشبي أمام الأوراق التي يجب على أنور أن يوقعها، اقترب رفيقه فاروق يدس له ورقة حتى يدون عليها بسرعة، استطاع أنور قرائتها خلسة وقال له:
- إيه الورقة دي؟

توتر فاروق ورد عليه بتلعثم:
- هه ... تلاقيها ورقة طارت من هنا ولا هنا

قطب أنور وقد تعرف على نوايا رفيقه، ثم قام بطي الورقة بطريقة مبعثرة وقال:
- انت هتهزر، دي مزقوقة بين الورق

جف حلق فاروق مضيفًا بنوع من التهدئة:
- انت مكبر الموضوع ليه يا أنور!

- عشان ده اسمه اختلاس وسرقة

قالها وهو يقذفه بتلك اللفافة في وجهه وهو يغادر المكتب بسخط ويهمس بغضب:
- دي مابقتش عيشة! كل واحد عايز يهبر من لحم التاني

احتدت نبرته بعدما غادر:
- هو فاكر نفسه مين عشان يزعقلي كده؟

لم يتعجب الرفيق الثالث، بل قال بكامل نبرته الفاترة:
- معذور طلق مراته وهيسافر

اغتاظ فاروق من كلام رفيقه قاسم وقال بعدم تصديق:
- انت بتتكلم جد؟ أنور هيسافر؟

جاوبه قاسم بصوت عبر عن سعادته:
- في الصبح سمعته بيتكلم مع المدير على عقد عمل في الكويت

تطلع له وقال بسماجة:
- أنا كنت مرشح على سفرية الكويت ومرتبلها إني هروحها

وضع قاسم محفظته في جيبه ورد عليه بلهجة رسمية:
- ده قبل ما المدير القديم يطلع على المعاش كان شريكك في الاختلاس .. إنما الجديد ماشي قانوني ورسمي

نظر له فاروق بجمود كأنما اعتاد على مثل تلك الإنفعالات الثائرة وأصبح الكثير يعرف عنه الاختلاس فقام يبرر له:
- حتى انت يا قاسم مصدق اللي بيتقال عليا؟ أنا ماختلستش .. لو اتزنقت في فلوس وانت عارفة مصاريف البيت وكنت برجعهم تاني

هز رأسه بهدوء يناقض الثورة الحادثة بداخله:
- رصيد سترك هيتكشف، المرات اللي فاتت والمدير كان بيداري عليك، ومش كل مرة هتسلم الجرة .. الله أعلم المدير الجديد لو عرف هيعمل فيك إيه؟ ولا أنور ده أكيد مش هيسيبك في حالك

بجحود لا يضاهيه نطق فاروق عن ابتسامة شريرة وبكل ثقة دون أن يظهر الندم على تقاسيم وجهه:
- وهو أنور ده فاكر نفسه مدير الشركة؟

- أنا كنت ساكت عشانك يا صاحبي لما قولتلي غلطة ومش هتكررها .. بس انت طمعت

اقترب من الباب وقبل أن يفتحه القى عليه جملة تحذيرية:
- اوعى تفتكر إني سايبك خوف منك! المرادي يا فاروق لو عقلك صورلك إنك تقدر تسرق أنا اللي هبلغ عنك أنور ومش هراعي العيش والملح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لم تعرف رئيفة كيف صمدت فترة النهار وشعرت بسقم الإنتظار لقد طاول وكأنه عام، كانت تنظر من النافذة وشاهدت غروب الشمس، خلف جفن الغروب عين تترقب عودة من تحب، ملأها دمع الحنين لمن تحب

زمهرير لهب الصحراءWhere stories live. Discover now