الفصل الثاني

3.6K 225 114
                                    

وسط الظلام المعتم ثلاثة شباب حبيب التميمي وميخائيل أبو الدهب ورفيقهما الثالث إبراهيم زيدان واقفين أمام قبر رفيقهم المتوفي الطبيب سراج عبد الله الذي مات لتعرضه عدوى من ڤيروس كورونا أثناء تأدية عمله بالمستشفى، كان رفيقهم يخاف من الظلام ولديه رهاب الأماكن المغلقة عندما كان يتحدث معهم قبل موته، وإرادة الله فوق كل شيء لقد مات ونال لقب الشهادة

لماذا يا صديقي لماذا ذهبت بهذه السرعة؟، لحظات وكأنك لم تكن هنا، كأنك لم تأتِ ولم أعرفك، وكأنّك لم تدخل إلى هذه الدنيا، آلمني فراقك يا غالي، كل ليلة تأتيني ذكرياتك، في لمح البصر تمر كل المشاهد دفعة واحدة، ولا أدري هل تتسابق لتواسيني، أم أنها تخشى من أن تطول لحظات الألم فتقتلني

لمدة ساعة واحدة ظلوا على قبره وغادروا بسيارة إبراهيم البيضاء حبًا بلون فريقه الكروي الملكي .. إبراهيم عبد الرحيم زيدان الضلع الثالث للمثلث في مثل عمرهم كان يسكن بنفس الحي ولكن بعمارة تبعد عنهم بشارع

تربى وعاش وكبر معهما، تخرج من كلية الطب البشري بتفوق وله ثلاثة فروع لعيادته الرئيسية غالبًا يرجع سبب تفوقه لإصرار والدته على الجد بسبب وفاة والده وهو في الشهور الآخيرة من حمل والدته به

لربما أرادت أن تثبت للجميع أن أولادها الأفضل دومًا وأن لم يكن زوجها معها ومع أولاده وهي التي اعتنت به وبشقيقيه، في نهاية رحلته تزوج قسرًا بدون قصة حب أو تعارف سبب الظروف الغامضة التي كانت تحيط بهما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على الطريق كان يقود سيارته وبجواره حبيب وميخائيل بالخلف، صمت هادئ، فاتر يحوم حولهم جميعهم شاردين بمخيلتهم

أمسك إبراهيم هاتفه الذكي وقد بدأ بالرنين بنغمة هادئة ثم نظر للشاشة المضيئة وحين رأى اسم زوجته تركه بحدة خفيفة يكمل قيادة سيارته السوداء ذات الماركة العالمية الشهيرة، ولكن الرنين لم ينتهي بل زاد وكثر، وبحركة ضائقة رد عليها على مضض:
- خيـر؟

ردت عليه وهي تعابته بخفوت:
- أنا زعلانة منك

استمع لما تقوله ما إن انتهت حديثها بتوبيخ خافت، قال:
- ما قولتلك هبقى مشغول وما هقدرش أروح معاكي للدكتور .. مين راح معاكي؟

همست بضيق من نبرته الفظة:
- زيدان

تجهمت ملامح إبراهيم فور سماعه لقول زوجته وصاح بقوة جعلت رفيقاه ينتبهان لنبرته الغاضبة:
- وزيدان يروح معاكي بأي حق؟

أطبقت أسنانها وشدت عليها غيظًا وغضبًا قائلة:
- الكلام مش بالعصبية يا إبراهيم من فضلك كلمني براحة زي ما بكلمك

زفر بقوة وقد سمعت أنفاسه تكاد تحرقها ثم كبت عصبيته بداخله واستطرد بهدوء عكس سخطه الذي تملك منه:
- طيب أنا هديت اهو .. ممكن أعرف زيدان يروح معاكي للدكتور ليه؟ وليه أمي ومايسة محدش منهم راح معاكي؟

زمهرير لهب الصحراءWhere stories live. Discover now