الفصل السابع عشر

1.7K 96 71
                                    

رفع حبيب رأسه ببطء وقد توقفت أنفاسه بعدما تصارعت منذ لحظة، مرر أصابع يده وغرزها في شعره يكاد يقتلعه من جذوره، فقد ضربته كلماته المتوحشة وصدمه بالمقت الذي غلف كل حرف منه، لكنه سيط على الشعور المؤلم الذي طعن قلبه وقال بصوت متهدج:
- تقصد إيه باللي قولته؟

أبصر أمين وشاهد حبيب ولمح في عينيه المنهومتين دعوة توسلًا واستعطافًا، أطرق رأسه والعرق البارد يتفصد من جبينه وأجاب وهو يقطب:
- كانت على علاقة بواحد ابن حرام وآآآ

- ماتقولهــاش!

لم يتعجب أمين من ردة فعل حبيب بل تأكد وتيقن أن اسينات تمثل له شيء عظيم، فاستأنف قوله غير مهتم بعصبية خصمه:
- هقول وهعلي صوتي دي قتلت ابن عمي عشان تورثه هي والكلب اللي باعت شرفها في حجره

تغيرت قسمات حبيب للغضب وأوشك على الافتراس به، وتابع أمين باتهام:
- كانت راسمة ومخططة لكل حاجة عشان كده خرجت من السجن بعد أربع شهور، صادق كان حاسس في أواخر أيامه إنها هتغدر بيه فكتب ثروته وأملاكه كلها لجمعيات خيرية ولما الشريفة العفيفة مالقيتش حاجة تسرقها بصمت صادق وهو ميت على ورق .... أنا مش عايز منها حاجة غير فلوسي ترجعلي ورثي اللي سرقته

زفر أمين وهو تابع بجمود:
- دي تاكل مال النبي ومستعدة تبيع نفسها عشان القرش

قال حبيب أخيرًا وهو يقاوم معركة نشبت بصدره:
- اطلع برة

ضيق أمين عينيه، فتابع حبيب بأشد قسوة:
- لو شوفتك في العيادة تاني أو أي مكان اسينات موجودة فيه ماتلومش غير نفسك هقطع من لحمك وارميه للكلاب

هز رأسه نصف إيماءة وقال بلامبلاة:
- بكرا تعرف الحقيقة لما تختم على قفاك .. لكن حقي أنا مش هسيبه وهاخد فلوسي منها على داير المليم

ثم خرج من العيادة ودلف لداخل سيارته وتهالك على المقعد حبيس مشاعر شتى وخلجات كثيرة

- محدش يقدر يقرب منها طول ما أنا عايش

جملة نطق بها حبيب بلسانه الذي رفض إتمام جمل وكلمات كثيرة تجيش بصدره، قضى ساعات الليل بطولها ساهر لا يغمض له جفن، ولكن في كل مرة يتذكر ما مرت به اسينات وعانته في مغيبه غضب وجن جنونه، تمنى لو كان باستطاعته أن يخفف عنها وجعها

زفر على مهل وقام من مكانه مقتربًا إلى درج مغلق بقفل صغير قام بفتحه ومد يده يمسك بالخطاب التي أرسلته منذ عدة سنوات، فتح طياته وقرأ أول سطر ولم يكمل فوضعه مكانه وشرارة الغضب أوشكت على الاشتعال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في ساعة الصباح الباكر لم ينم حبيب طيلة الوقت واستسلم للوسن في وقت متأخر، ولم يستيقظ إلا على صوت ببغائه المزعج، فرك عينيه بنعاس، وشعر بالضجر على قضاء وقته في السهر والتفكير باسينات وعدم حصوله على قسط من النوم الكافي

زمهرير لهب الصحراءWhere stories live. Discover now