الفصل الخامس والثلاثون

1.3K 107 75
                                    

نزلت اسينات سعيد زهران من الاتوبيس ممسكة حقيبتها العصرية وسارت في طريق جانبي كانت تمشي بنشاط وحماس، وقفت أمام مبنى مكون من طابقين وعلق عليه لافتة كبيرة مكتوب عليها بالخط العريض "مركز غوث لتأهيل ذوى الاحتياجات الخاصة"

رسمت هي ابتسامة كبيرة على محياها، وزفرت أنفاسها بارتياح، وكأن طاقة القدر فتحت لها، دخلت المبنى وقابلت السكرتيرة التي توفر كافة سبل المساعدة والدعم لجميع الأقسام، أردفت قائلة بسرور:
- صباح الخير، أنا اسينات سعيد زهران اللي كلمتكم بخصوص الشغل

سألتها باقتضاب:
- معاكي الدوسيه والورق المطلوب!

هزت اسينات رأسها وأخرجت من الحقيبة الملف البلاستيكي وبعض من الورق العشوائي أمامها، لتنهرها الفتاة الأخرى بحدة خفيفة:
- انتِ هتنقطيني ورقة ورقة؟ طلعيهم كلهم

تحاملت على نفسها ولم تحبذ أن تتهور في الرد عليها، ثم أخرجت بقية الورق، لتلحقها بسؤال آخر:
- سبق واشتغلتي في مراكز تانية؟

استطردت بنبرة مفعمة بالحماس:
- كان عندي مركز في الإسماعيلية قبل ماجي القاهرة

سألتها بشك:
- وسبتيه ليه؟

حمحمت اسينات وقالت بحرج طفيف:
- أسباب خاصة

أَحد إِليها نظرة احتقارية من رأسها إلى أخمص قدميها وأمعنت النظر بها، فتاة تتميز ببشرة بنية فاتحة تشبه لون القمح تقريبًا والشيء الذي يميزها بها عن غيرها هو النمش المنثور على وجهها

تناولت سماعة الهاتف وقالت به:
- اسينات سعيد زهران اللي كلمتنا من النت موجودة يا دكتور

ثم أغلقت الخط وقالت لها بجفاء:
- اطلعي الدور التاني وأول مكتب على إيدك الشمال ادخليه

أومأت برأسها وانطلقت تسير، إلا أن الموظفة أوقفتها بسخط خفيف:
- هتطلعي من غير ورقك!

خبطت جبهتها بيدها الناعمة على سذاجة عقلها، وعادت تأخذه وتصعد درجات السلم الرخامي....
داخل مكتب المدير، استطاعت أن تقرأ اسمه المدون على لوحة المكتب الصغيرة "وحيد بشار"، ليقرأ اسمها من الورقة بصوت عالي:
- اسينات سعيد زهران

- تحت أمرك

فسألها بتلقائية:
- ليكي خبرة في الشغل؟

بكل ثقة وصدق أجابته:
- أنا كنت معيدة في الجامعة واشتغلت سنة في مركز خاص، ده غير إني كنت بطلع الأولى على دفعتي

أعجب بنجاحها وهو يتحدث معها:
- كويس أوي، تقدري تبدأي من أول الشهر اللي جاي، بس خلصي ورقك الأول

وبدأ يوقع على أوراقها، لتختلس النظر لملامحه، كان وحيد بشار في منتصف الأربعينات وشعره الأبيض اكتسح فودتيه وشعر لحيته، استفاقت على صوته الرخيم:
- امضي هنا

زمهرير لهب الصحراءWhere stories live. Discover now