واصل صعوده على الدرج بخطوات متريثة، وكأنه يتعمد التباطئ في خطواته من شدة خجله أو تهوره في الكلام مع رفيقه ليلة أمس، ولج إلى العيادة الطبية حيث مليئة بالمرضى وجلس على المقعد وفي خلال دقائق أخرى صدح صوت رجل ما يقول:
- حبيب أنور التميمي!رفع بصره وقال:
- أيوة- دورك يا باشا
أومأ رأسه وهو ينهض ويتوجه إلى الغرفة الطبية، رأى رفيقه مصرف ظهره عنه ويسأله:
- بتشتكي من إيه!- قلبي
تعرف بسرعة على نبرة صوته فالتفت موبخًا رفيقه:
- وجع قلبك جاي ليه يالا؟حدق فيه بثبات وهو يرد بتهكم:
- جاي اتأسفلكرد عليه بصلابة كالصخر الجامد:
- أسفك مرفوض وامشي اطلع برة من غير مطرودجلس حبيب على الفراش واستطرد بقلة صبر:
- يا إبراهيم ماقولتلك آسف ماتبقاش قماص بقى!نظر إبراهيم إليه بأعينه المحتقنتين وهو يرد بعصبية قليلة:
- يا حبيب انت طَلّعت عقدك الناقصة علياابتسم ساخرًا:
- ما انت كمان طبشت في الكلام وقولت عليا إني اتسجنت لما مضـقاطعه إبراهيم بحسم قبل أن يكمل رفيقه عبارته الأخيرة:
- طب ما دي الحقيقة اتسجنت عشان مغفل وهفأ لما مضيت على قايمة بـ اتنين مليون جنيهالتوى ثغره بابتسامة ضائقة حينما عادت إلى ذاكرته تلك الذكرة المخزية التي على أثرها كان سيقذف في السجن، وتمتم بحرج كبير:
- أهو اللي حصل وهو أنا كنت عارف إنها هتطلع بنت ستين **** هي وأمها!اغتاظ من رده المستفز ليفصح له عن مدى سذاجته:
- لا كنت عارف بس انت اللي كنت مطنش ومنفض، وآخرتها كنت هتقضي سنتين من عمرك بين أربع حيطاناختنق صدره وفاض به الكيل وهو يحترق على أعصابه:
- ما كفاية يا إبراهيم هو أنا جايلك عشان تبكتني؟! هتبقى انت واسينات عليا!سأله ببرود:
- حصل إيه آخر مرة؟ضغط حبيب على أصابع يديه بعصبية، وقال من بين أسنانه:
- سابت الشغل ورفضتني وقالتلي إني مش وش جواز وسافرت الإسماعيليةرفع عينيه عنه فجأة قائلًا بعفوية يدمحها:
- والله بتفهماقترب منه هاتفًا بصرامة:
- انت هتعوم على عومها!رمقه بنظرة منزعجة من أسلوبه المستفز وهو يرد:
- ما دي الحقيقة يا حبيب انت مش بتاع جوازوأضاف إبراهيم بطيف من السخرية:
- وهتوافق عليك ازاي وانت رد سـ آآأجابه باقتضاب:
- رد سجونثم رفع بصره عليه وهو يضيف بتنهيدة عميقة حملت بها ثقال عانى لها:
- تفتكر هتوافق عليا لو عرفت إني اتسجنت!
أنت تقرأ
زمهرير لهب الصحراء
العاطفيةسنبرم مبارزة على حلبة الهوى ومن يربح الهيجاء يحق له أن يظفر بقلب الآخر. بقلم/ فاطمة الزهراء عرفات