_٩_( رفضها يصيبنى بالجنون)

5.8K 292 122
                                    

٢٨/٠٤/٢٠٢٣
(رفضها يصيبنى بالجنون)

"أين المفر من حبك ؟ و هل يود المرء سوى حبك"
_غيث الحديدى

______________________________________

فى المشفى ،صوت سيارة الإسعاف يصدح بشكل مرعب و الجميع يهرول لإنقاذ ذلك المريض بأى شكل ،كان محمولًا على العربة المتنقلة ،متجهين به إلى غرفة الطوارئ مباشرة
بينما بالخارج يقف ابنه و التوتر و الخوف يتلاعب به ،لا يفكر فى والده كل ما يهمه ألا تكون هناك أى شبهة جنائية تطيح به و بمستقبله ،ما هذا الجحود ؟
لم يخاطب أبناء شقيقه الراحل ،اراد أن يطمئن على نفسه أولاً ثم يفعل ما يحب فعله فى مثل تلك المواقف
و ما هى إلا لحظات و خرج الطيب و قال بعملية شديدة :
للآسف مقدرناش ننقذ المريض ،البقاء لله
و رحل بمنتهى السهولة ،بينما وقف "عماد" يحلل كلمات الطبيب لكى يطمأن على نفسه
بعد مدة قصيرة كان"أحمد"يهرول بأروقة المشفى مرتديًا ملابسه المنزلية و خفه المضحك ،لم يتسنى له الفرصة للتبديل ،فمجرد أن هاتفه عمه هبط سريعًا غير عابئ بمظهره ،حتى أنه لم يوقظ شقيقته ،خشى أن تصاب بأزمة هى الآخرى من هذا الخبر الكارثى
وقف أمام عمه آخيرًا فقد وحده يجلس على أحك المقاعد منكسًا رأسه للأسفل ،فقال "أحمد" بينما كان يضع كف يده الأيمن على موضع قلبه من شدة إضطرابه :
ها يا عمو ، جدو خرج من أوضة العمليات
لم يكن"عماد" قد أخبره بعد ،حيث فضل أن يعلمه بالحقيقة فى المشفى ،رفع رأسه له و قال :
جدك مات يا أحمد
وقع الخبر عليه كالصاعقة ،سقط على الأرض جاثيًا ، اتسعت حدقة عينه من الصدمة ،و حرك رأسه مرارًا و تكرارًا كتعبير على رفضه لما سمع ،لم يتحدث بل ظل فى حالة الانكار تلك و الصدمة ،بينما حاول "عماد"دفعه للأمام لاكمال الإجراءات و استلام جثة المتوفى ،صدقًا جحود ذلك الشخص يثير الاشمئزاز بجدارة

بعد فترة ،كانت الأجواء مظلمة للغاية فالجميع يرتدى ملابس يغلب عليها اللون الأسود باكتساح و يقف "أحمد" فى بداية الرواق يأخذ العزاء ،عزاء جده الوحيد
كان صامدًا بشكل غريب ،لا دموع و لا شهقات ،بل كان كالتمثال يقوم بدور معين و ينتظر رحيل الجميع لينهار و يزيح عنه كل ذلك الكتمان

كان"غيث" يقف بقربه و يراقبه ،يعلم جيدًا بأنه يعانى ،فقد كان يحب جده بشدة ،فهو من تولى رعايتهم منذ الصغر بعد وفاة أهله ،و الأن خسره هكذا بكل بساطة دون حتى أن يتسنى له فرصة الوداع

بجانبهم و قف "آدم" و من بين الحين و الآخر يطالع صديقه ليتأكد من أنه بخير ،و بجانبه"زين"ذلك الصغير الذى اعتاد على تلك الأجواء ، من كان يظن بأن صغير بعمره يحضر ثلاث مناسبات سوداء كتلك فى فترة قصيرة للغاية

...................................................................

بالداخل فى المكان المخصص لعزاء السيدات ،كانت "ياسمين"تقوم بدورها هى الآخرى ،تتلقى العزاء بوجه خالى من أى تعابير ،حتى أن الجميع ظن أنها لم تكن تحب جدها فهى لا تبكى و لا تصدر أى رد فعل كما هو معتاد عليه فى تلك الأجواء ،لكن لكل شخص طريقة معينة للتعبير عن حزنه

مريض نفسى بالفطرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن