_٢٢_ (قُبلة و مجموعة جُثَثٌ)

7.1K 318 145
                                    

١٦/٠٦/٢٠٢٣
(قُبلة و مجموعة جُثَثٌ)

"ما بين الحال و الحال تغمرنى عيناكِ لما هو محال "
_غيث الحديدى

______________________________________

(منزل الطبيب سامح )

أعادت "همسة"ترتيب تلك الأوراق بعد أن مزقت القسيمة بسعادة ،فقد انتهت معاناتها منذ أن قابلت ذلك الطبيب الشاب ،رغم أنها مازالت تأنب نفسها على زواجها من رجل متزوج لكن و لأول مرة باتت أنانية و اختارت سعادتها ،رغم محاولتها فى عدم التأثير على علاقته بزوجته الأولى ،لكنها كانت شبه منعدمة و تأكدت بنفسها من ذلك ،لذلك ألقت بكل حياتها بين يديه ،غافلة عن العديد من الأشياء ،و عن كونه شبيه زوجها الأول و ربما يكون الأسوء ،هناك العديد من الأشياء التى مازالت طي الكتمان خلف قناع الطبيب سامح الحديدى ،أ يمكن أن يخفى المعطف الطبى وحش مفترس ؟

حين نعود للوراء لبعض السنوات العديدة نجد أنه استغل زوجته الأولى ماديًا إلى أن بات ناجحًا حتى و إن عوضها بعد ذلك بالعديد من الأشياء الفانية ،و ها هى الثانية استغلها عاطفيًا غافلًا عن كونها مريضة و تحتاج العلاج ،مريضة عانت من تعنيف زوجها السابق ،ليأتى الثانى و يستغلها و ثم أسرها فى منزله تحت مسمى الزوجة مجددًا ،و بالنسبة لوحيده الذى تركه مع والدة لا تستحق هذا اللقب كى يتمكن هو من خوض حياته براحة ،أ يعد ذلك استغلال هو الآخر أو تقاعس عن أداء دوره كوالد ؟ أو ربما أسوء ،أ يكون مريضًا هو الآخر ؟

...................................................................

(كلية الهندسة جامعة القاهرة )

كانت "ديما " تقوم بعلمها فى الجامعة و لكن بذهن مشغول بوالدها ،فقد راسلها بالأمس يطلب منها بعض النقود دون خجل بعد فعلته الحقيرة ،و ما زَادَ الطِّينَ بَلَّةً أنها وعدته بمحاولة توفير ما يريد ،رغم علمها باستحالة ذلك فهى لا تدخر أى نقود على الإطلاق ،كل ما يأتى معها تنفقه لأجل زواج شقيقتها ،مع العلم أن "أحمد" رفض مساهمتها فى أى شىء و أنه المتكفل الوحيد بالأمر ،لكن مع ذلك أصرت "ديما" على شراء الأشياء الضرورية لأى فتاة كملابس و بعض المقتنيات الهامة بالإضافة إلى رغبتها فى شراء بعض المشغولات الذهبية لشقيقتها ،تريدها أن تشعر بأنها كأى فتاة و لا حاجة لهم لوالد يصرف عليهن ،و ها هى الأن تريد مال لأبيها ذلك ،فما هذا العبث ؟
و بينما هى غارقة فى سحابة تلك لأفكار ،دخل "أحمد" و هتف بمزاحه المعتاد :
معيدتنا الصغيرة بتعمل ايه ؟ سرحانه فى ايه يا ترى ؟
ابتسمت"ديما " بخجل و قالت :
لو حد من الطلبة سمعك هيبقي منظرنا وحش أوى
حرك "أحمد" كتفه بلا مبالاة و سحب مقعد له ليجلس مقابلًا لها و قال :
و أنا يهمنى برده الكلام دا ،أنا كفاية عليا أختك و عمايلها و بهدلتها فيا
طالعته "ديما " بفاه منفغر من الصدمة و قالت بتهكم :
بقي الطيبة الغلبانة دى مبهدلاك ،لا قول حاجه غير كدا ،دى وعد دى نسمة و هى اللى عامله حس للبيت ،من غيرها أصلًا منعرفشى نعيش
تنهد "أحمد"تنهيدة عميقة ثم قال بعد أن وضع كف يده على صدره و كأنه الضحية :
و الله مطلعه عينى ،كل شوية تطلع بحوار شكل ،شوية تغير ،شوية تتعصب ،شوية عايزه تأجل الفرح ،و آخر حاجه اتصاحبت مع بنت عمى و عاملين حزب عليا ،داليدا بقت تراقبنى فى البيت و تقولها بعمل ايه ،متخيله العصابة اللى وقعت فيها ،أختك دى مش هترتاح غير لما تركبنى الحمار بالشقلوب

مريض نفسى بالفطرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن