_١٤_ (خطوبة و جثة )

5.9K 318 115
                                    

١٦/٠٥/٢٠٢٣
(خطوبة و جثة)

"ظهرت فى مظهر الناجى دومًا رغم كونى الغريق"
_لقائلها

______________________________________

بالداخل كانت والدتها تهم بفتح الباب ،لكنها أسرعت و فتحته هى بعد أن ارتدت وشاحًا خفيفًا لتخفى شعر رأسها
تسمرت"وعد" ما أن رأته ،لكنه لم ينتظر و لو لثانية واحدة و قال مسرعًا:
وعد ،تقبلى تتجوزينى ؟
و قبل أن تجيبه "وعد" ،هتفت والدتها متسائلةً بحدة :
مين حضرتك ؟
حمحم "أحمد" قائلًا بخجل شديد :
أنا آسف جيت من غير ميعاد ،بس أنا محتاج أتكلم مع حضرتك شوية بعد اذنك
رمقته"الست فاطمة" بنظرات متفحصة بينما كانت تعقد ذراعيها أمام جسدها ،ثم قالت و هى تفسح له الطريق :
اتفضل يا ابنى
دخل "أحمد" بهدوء بينما كان يخفض رأسه للأسفل بخجل ،التفت" الست فاطمة" لابنتها و قالت بنبرة جامدة لا تقبل النقاش:
أدخلى جوا يا وعد

جلس "أحمد"على الأريكة التى أشارت له بالجلوس عليها ،ثم قال و هو يفرك كلتا يديه بتوتر ملحوظ :
أنا يمكن طريقتى غريبة شوية ،بس أنا طالب ايد بنت حضرتك على سنه الله و رسوله
ردت"الست فاطمة" عليه متسائلةً بإقتضاب:
ليه ؟
رفع رأسه و قال سريعًا دون أن يهندم ما يقول :
و هو الانسان بيتقدم ليه ؟ مش عشان يكون أسرة و بيت مستقر و يكمل نص دينه
لوت ثغرها و هى تهتف متسائلةً بجدية:
أنت شايف أنك هتقدر تكون أسرة و بيت مستقر ؟
لم تعجبه طريقتها ،فهتف قائلًا بتهكم :
حاسس أنك بتتريقى؟ هو مش حاسس أنا شبه متأكد
حركت "الست فاطمة"رأسها نافيةً ثم قالت بتوضيح :
لا إطلاقًا أنا بسألك جد ،هتقدر تأسس بيت مبنى على أسس اسلامية صحيحة ،هتقدر تكون زوج صالح لبنتى و تحتويها ؟ هتقدر تكون أب حنون يراعى أطفاله و بنتى قبلهم و يهتم بيهم ،الجواز مش مجرد اتنين بينهم علاقة ،الجواز حياة يا ابنى ،حياة مشتركة بين جسدين و روحين عايزين يتحدوا لروح واحدة
صمتت للحظات ثم قالت بشكل عفوى :
الموضوع مش مجرد اتنين بينهم انجاذب ،اللى يتجوز وعد بنتى لازم يكون دايب فيها عشان يستحملها ،و إلا هيطفش و يسبلها البيت من أول أسبوع
ابتسم "أحمد"رغمًا عنه على آخر حديثها ،ثم قال بجدية :
هو أنا نسيت أعرفك بنفسى و دخلنا جد علطول
أنا دكتور أحمد ،معيد فى كلية هندسة جامعة القاهرة ،بقالى تلت سنين بدرس لبنت حضرتك و دى تعتبر السنة الرابعة دا غير أن مديرها فى الشركة اللى بتدرب فيها حاليًا ،و قبل كل دا أنا يتيم أهلى كلهم اتوفى متبقاش ليا غير أختى و اتنين صحابى و عيل صغير مطلع عنينا و ظهر على الخط دلوقتى بنت عمى ،و بالنسبة لعمى فهو رامى توبتى من زمان ،و الإحساس متبادل بصراحة مقدرش ألومه
كان يتحدث و يراقب ملامح وجهها خائف من أن تكون كلماته غير مناسبة ،فهو لم يحضر له ،يقولها بمجرد أن تأتى على طرف لسانه ، أنهى حديثه و لم يسمع أى رد ،فقال بهدوء:
أنا عارف أن حضرتك منفصلة أنتِ و والد وعد ،لكن معرفشى مكانه عشان أكلمه ،و فضلت أجى لحضرتك الأول و بعدين أجيب أختى و صحابى لو وافقتى مبدئيًا يعنى
ابتسمت "الست فاطمة"حين ذكر ذلك ،فقد كانت خائفة من أن يؤثر طلاقها على نظرته عن ابنتها ،لكنه طمأنها بكلماته التالية :
و كمان ،أنا عايز أعرف حضرتك على حاجه ،بنتك مطلعة عينى بقالى تلت سنين و مستحملها عادى ،فأظن دا شىء يضاف لصالحى
لاحظ "أحمد" حالة الهدوء و الصمت التام التى عمت الأجواء ،فقال بينما كان ينهض و يعيد غلق أزرار بذلته:
الخميس الجاى مناسب ؟
عقدت "الست فاطمة "ما بين حاجبيها متسائلةً بتعجب :
مناسب لايه؟!
رد عليها سريعًا بينما كان يشير للغرفة التى دلفت لها "وعد"منذ لحظات :
أجى اتقدم رسمى و أشوف دماغ الله جوا دى ،هتوافق و لا هتوافق
أومأت برأسها و قالت :
تمام يا ابنى ،ربنا يسهل
ابتسم "أحمد"بإقتضاب ثم اتجه للباب و لحقت هى به ،لتودعه كنوع من اللباقة ،لكنه قبل أن يغادر استدار لها و أعطاها حقيبة بلاستيكية كان قد  نسى أمرها تماما ،ثم قال :
تمام عن ،اذنك ،معلشى أدى دى للى جوا
و بمجرد أن غادر ،هتفت" الست فاطمة "بصوت عالى كى تسمعها ابنتها :
تعالى يا بنت بطنى
خرجت "وعد"من مخضعها و تظاهرت بالغباء و هى تقول :
عايزه ايه يا ست الكل ؟
رمقتها والدتها بنصف عين ثم قالت بحدة:
سؤال واحد و مش هسأل غيره
ايه الانطباع اللى أدتيه للشخص اللى جاى يتقدملك لدرجة أنه يجبلك سندوتشات شاورما ؟
سحبت منها تلك الحقيبة و قالت بينما كانت تلتهم ربع الشطيرة حرفيًا:
أنا داخله خارجه مبكلشى غيرها ،أنتِ رفضتى صح ؟
حركت والدتها رأسها سريعًا بالنفى ،ثم قالت بتعجب :
لا طبعًا ،هو أنتِ عايزانى أرفض ؟!أنا فكرت أن فى بينكم حاجه عشان الطريقة اللى دخل بيها دى
اتسعت حدقتي "و عد "و قالت دون أن تنتبه لمجرى الحديث كعادتها:
حاجه ايه ؟ دا احنا مبنطقش بعض ،دا رخم و غلس ،و شايف نفسه أوى ،محسسنى أن مفيش أحلى منه ،ماشى عنده غمازات و طويل و مسمسم شوية ،بس دا ميدلوش الحق أن ياخد فى نفسه مقلب
ابتسمت والدتها بخفة على ابنتها الواضحة للغاية و الغارقة بشدة ،ثم قالت بينما كانت تتجه للمطبخ :
جاى الخميس الجاى يا وعد ،جهزى نفسك
و ما أن اختفت والدتها من أمامها ،حتى قالت محدثة نفسها بشر :
ما يجى ،و هو أنا يعنى هخاف منه ،و الله لأطلع عليه القديم و الجديد معيد الندامة دا

مريض نفسى بالفطرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن