1 - الساحر بابلو!

10.7K 528 377
                                    

1
« ويشاءُ القدر أن يجمع بينَ نقيضين
فيكونا لبعضهما الروحُ والحُبِ! »

يومًا كباقي أيامِ شهر سبتمر الغريب، الشمسُ محتلة السماء، والسماءُ صافية بشكلٍ مريب، يتخللها بعضُ الغيومِ الداكنة التي تشير إلى هطولِ مطرٍ في وقتٍ لاحق، طقسٌ مضطرب كاضطرابِ القلوب، ولكنهُ معتاد!

والأبناء يجتمعون حولَ طاولة الطعام في حديقة الفيلا، ينتظرون قدوم والد أيلول والذي هو عمَّ الثلاث شباب في ذاتِ الوقت؛ حتى يتناولون طعام الإفطار في هدوءٍ، فَمطتْ أيلول شفتيها إنزعاجا، وهي تفرك في عينينها القهوتينِ، نابسةً بضيقٍ:

- هو بابا إتأخر ليه؟

نظرت بنصفِ عينٍ للثلاثِ شباب الجالسين على المقاعدِ جوارها، فهزَّ الأصغر فيهم كتفيهِ بدونِ إدراك، والذي يمتلك عيونًا زرقاء خلاف أخويه التوأم المتناقض أصحاب العيون السوداء، ثمَ تناول قطعة جُبنٍ، متمتمًا بمللٍ:

- خمس دقايق وهينزل أكيد! .. اتهدي أنتِ بس!

ضيقت أيلول عيناها ترمقهُ بغضبٍ طفيف، تزامنًا مع مجيء رجلٌ موقر، ومنمق الهيئة، يسحب كرسيِّ الطاولة ويجلس بهدوءٍ، قائلًا بابتسامةٍ هادئة:

- صباح النور، إتأخرت عليكم؟

تساءل في نهايةِ حديثهُ، ناظرًا لابنتهِ المُبتسمة بسماجةٍ، فضيقت هي عيناها أكثر، تنظر أمامها بهدوءٍ مُريب، ثمَ حدثت أحدِ التوأم، قائلةً بجديةٍ:

- صُهيب، مش شايف إننا إتأخرنا على الإدارة؟

نظرَ المدعو صُهيب صاحب الملامح الباردة في ساعةِ يدهِ، يعض على شفتيهِ بانزعاجٍ مِن ابنة عمهِ التي تتجاهل والدها منذُ فترةٍ، ثمَ تنهدَ بضيقٍ، وأخبرها ببرودٍ:

- متخافيش، لسه بدري!

همهمت أيلول متلاعبةً في طبقِ الطعام خاصتها، تحتَ نظرات والدها " محمد " المصوبة نحوها، حتى كسرَ هو قاعدة الصمت التي فُرضت عليهم بحكمِ الموقف، وأردفَ بخفوتٍ، وهو يمد يدهِ مُربتًا على كتفها:

- أيلول، أنتِ عارفة إن العلاقة بيني وبين مامتك عمرها ما هترجع تاني، بعد إلّي هي عملته!

كادَ أن يُكمل ما يود قولهِ، لكنها قاطعتهُ بأن تركت المعلقة مِن يدها، تلتفت لهُ بجسدها الرياضي، تناظرهُ بحاجبٍ مرفوع، نابسةً باستنكارٍ حاد:
- فتقوم تتجوز مرات المرحوم عمي؟ .. وتنسى أخواتي يا بابا؟

نظروا الشباب لها بضيقٍ مِن ما تفعل، فتدخلَ توأمِ صُهيب صاحب الملامح الهادئة، ناطقًا بتوضيحٍ للأمر:
- أيلول، إلّي بتتكلمي عنها دي تكون أمي، بعدين أنتِ شايفة يعني إننا مبسوطين بالأمر؟ .. دي حياتهم، وملناش إننا ندخل، أتمنى تفهمي الحوار، ده غير إن أنتِ كبيرة، وعاقلة!

أيلول Where stories live. Discover now