8 - الأستاذ هوهوز

3.6K 348 215
                                    

8 -

لم يكن البوح أفضل طريقٍ للنجاة!

- المشفى، غرفة شهد.

دلفت أيلول بخطى متسارعة إلى غرفةِ شقيقتها، تكاد تتعثر وتقع، لكنها تتماسك، حتى جلست على الفراشِ جوارها، فأمسكت يدها بخوفٍ، مرددةً بلهفةٍ:
- شهد.. أنتِ كويسة؟ حصلك إيه؟

فتحت شهد عيناها محاولةً الاعتياد على ضوءِ الغرفة بعدَ أن كانت على وشكِ النوم ثانيةً، ثمَ همهمت وحاولت أن تعتدل في جلستها، ولكن جرحِها منعها مِن ذلك، فربتت أيلول على خصلاتِ شعرها، مضيفةً بهدوءٍ:
- بس بس.. أنتِ لازم ترتاحي.

غمغمت شهد ببعضِ الألمِ، ناظرةً لسقفيةِ الغرفة بصمتٍ قاتل، حتى شعرت بدخولِ هانيا وشهقاتها تخترق الآذان.. فنظرت شهد لها بِضعفٍ، قائلةً بابتسامةٍ خافتة:
- بلاش تفقدي ثباتك.. أنا قوية متخافيش!

حاولت هانيا التخلص من رعشةِ جسدها، وارتجافها.. ولكنها لم تستطع، فاقتربت مِن فراشِ شهد بخطى بطيئة، وهي تنظر لجسدها بأنفاسٍ متسارعة، ثمَ جلست على طرفِ الفراش جوارها، نابسةً ببعضِ التلعثم:

- نوح.. نوح رجع مِن أمريكا!

نظرت أيلول لكلتيهما بنصفِ عينٍ وريبةً، في حين ازدردت شهد لُعابها بخوفٍ، متخذةً مِن الصمت وسيلةً لإخفاء ما حدثَ لها.. تحتَ خوفِ شقيقاتها!
هذا حتى استمعوا لدقاتٍ متتالية على البابِ، تبعها دخول كلا مِن محمد ونجلاء الممسكة بيدِ شيماء، وخلفهما ثائر وشُهيب وهاوي، بالإضافة إلى نوح المُبتسم بسماجةٍ، والذي هتفَ فورَ أن رأى ملامح شهد الباهتة:

- شهد.. حبيبتي!

إرتفعَ حاجب محمد ينظر لهُ بغضبٍ قاتل، فتخطاهُ نوح واضعًا باقة الزهور جوارها على الفراشِ، لتنظر شهد لهُ بمقتٍ ينضحُ مِن مُقلتيهِا، فتلاعبَ بحاجبيهِ مشعلًا غيظها دونَ أن يراهُ أحد، ثمَ اعتدلَ في وقفتهِ متمتمًا بحزنٍ مصطنع:

- كنت بتمنى آجي وألاقيكِ في كامل صحتك.. بس القدر بقى!

نظرت هانيا لهُ بضيقٍ ومقتٍ موازي لمقتِ شهد، في حين أضافَ هو:
- أنا عمومًا هاجي أزورك تاني، بس دلوقتي..

نظرَ في ساعةِ يدهِ الكلاسيكية، واسترسلَ بنبرةٍ هادئة وهو يشير لها بوداعٍ:
- عندي شغل مهم، هبقى أتواصل معاكِ، سلام.

صافحَ محمد في نهايةِ حديثهُ، ثمَ غادرَ دونَ أن ينظر لأحدٍ آخر، فنظرَ محمد ليدهِ التي صافحهُ بها، ثمَ لوى ثغرهِ بغضبٍ طفيف، أثناء قولِ هَاوي المنزعج:
- يخربيت سماجة أهلك يا أخي! .. آنسة شهد، لو سمحتِ أنا مش موافق إن اللازقة ده يبقى نسيبي!

ضحكت هانيا رغما عنها مؤيدةً حديث هَاوي، فنظرت شهد لسقفية الغرفة بصمتٍ، ليتنهد محمد، وجلسَ على الكرسي المجاور لفراشِ ابنتهِ، مُربتًا على خصلاتِ شعرها، قائلًا بهدوءٍ:
- حصل إيه يا شهد؟

أيلول Where stories live. Discover now