38 - ضحايا زواج فاشل!

1.3K 142 107
                                    

38 -

إن كُشفت الحقائق في لحظاتِ الضعف؛ فقد الإنسان قدرتهِ على العيش.

خرج "صُهيب" من غرفتهِ بعد أن تسللت أصوات الضوضاء الصاخبة إلى أذنيه، متجهًا إلى غرفةِ المعيشة؛ حيثُ مصدر الصوت، فاصطدمت عيناهُ برؤيةِ عنود؛ الجالسة ببرودٍ تام، مستمتعةً بغضبِ محمد الجامح! .. ليعقد الأول ما بين حاجبيه تعجبًا، ناطقًا باستفهامٍ:

- في إيه لكل ده؟

تمسكت نجلاء بيدهِ، تمنعهُ من التقدم بخطواتهِ، ثم رفعت رأسها قليلا، تطالعهُ بحيرةٍ بليغة، متمتمةً بصوتٍ خفيض:
- عنود بتقول إنها عارفة مصايب بخصوص أيلول وهاوي! .. وأيلول مش بترُد على اتصالات هانيا، فـ.. ممكن تروح تشوفهم في البيت؟ أصل عمك شايط!

تنهد صُهيب بضيقٍ من تواجدِ عنود، ناظرًا بعد ذلك لمحمد الذي يكاد أن يحترق غيظًا، ثم بدَّل أنظارهِ نحو ثائر السائر ذهابا وإيابا محاولا مهاتفة هاوي، وكذلك هانيا التي تحاول محادثة أيلول.. فهزَّ رأسهِ بخفةٍ؛ يأسًا منهم جميعًا، مغادرًا نطاق الفيلا وهو يضرب كفًا بالآخرِ، مستغفرًا ربهِ.. حتى فقد محمد ذرات ثباتهِ، فصاح في عنود:

- أنتِ جاية توقعي الدنيا في بعضها؟ .. في إيه؟

- لأ أبدًا، جاية بس أقولك حقيقة مستخبية.

نبست عنود وهي تعبث في هاتفها بابتسامةٍ خبيثة، تحت أنظارِ المتواجدين، ثم مدت يدها بالهاتف لمحمد، فعقد هو ما بين حاجبيه، ساحبًا الهاتف منها، مشاهدًا ما فيه بأعينٍ كانت ضيقة في البدايةِ، ولكنها اتسعت تدريجيًا، إلى أن غادرتهُ شهقةً تعبر عن صدمتهِ.. فقالت عنود وهي تنظم ملابسها المنمقة بابتسامةِ كيدٍ واضحة لهم:

- للأسف.. هاوي كان قاتل، اسمه الحقيقي "بابلو"، وأيلول عارفه ده كويس؛ لأن الجوازة من البداية كانت لعبة.

وتابعت قولها باستنكارٍ.. جعل محمد يضع يدهِ على موضعِ قلبه، محاولا التماسك:
- هي دي تربيتك يا أستاذ محمد؟

صدمةٌ قوية في ابنتهِ التي كانت لهُ كل شيء، وكان هو لها العالم أجمع، أن تُطعن في قلبك من الأقربِ لك، وتشهد محاولات الجميع ونجاحهم في صنعِ فجوات عميقة بينكما.. فتتساءل داخلك "هل استحق قلبي هذا من البداية؟"
هل استحق محمد أن يُخذل من فتاتهِ التي قضى معها خريف حياتِها بالكامل؟

- منزل أيلول وهاوي.

طرقاتٌ متتالية على بابِ المنزل.. جعلت هاوي يتململ في فراشهِ بأرقٍ، فاتحًا عينيهِ بذاتِ الشعور، متنهدًا بمللٍ وانزعاج، وما لبث إلا أن هدأ قليلا فور أن أبصر أيلول الساكنة بين أحضانهِ، فابتسم بخفةٍ وحب، ثم ابتعد عنها برفقٍ، ودثرها بالغطاء جيدًا، خارجًا بعد ذلك من الغرفةِ، نابسًا بصوتٍ منزعج:

- جاي أهو! .. مش قاعد ورا الباب أنا!

فتح الباب، مضيقًا ما بين حاجبيه بدهشةٍ، بعد أن رأى صُهيب أمام بابهِ لأول مرةٍ منذُ أن تزوج هو وأيلول، ثم قال: 
- عارف؟ أنا بفكر أنقل من هنا؛ عشان محدش يزعجني تاني!

أيلول Where stories live. Discover now