21 - رجفةُ القلب الأولى.

2.7K 264 108
                                    

21-

تُفرض علينا القوانين، ويجب علينا السير على نهجِها.. وإن انحرفنا عن الطريق المُراد، ستكون نهايتنا هي الهلاك!

صفعةٌ قوية استقرت على وجهِ مُهاب، فارتدَّ رأسهُ للجهةِ الأخرى، وغَيْم تقف في الخلفِ تشهق بصدمةٍ مِن ما حدث، فرمقها أحمد بسخطٍ، وهتفَ بنبرتهِ الغاضبة، معاتبًا ولدهِ بطريقةٍ هجومية:

- تساعدها تهرب؟ ده بدل ما تتجوزها، وتحافظ على أملاك عمك!

اعتدلَ مُهاب في وقفتهِ، ناظرًا لوالدهِ بعينينِ حائرتينِ، ولا يعلم ماذا يفعل، صدمتهُ بالصفعةِ تجعلهُ غاضب، ولكن داخلهُ يمنعهُ مِن الصراخ في وجهِ أبيه، فكورَّ مُهاب قبضة يدهِ، ثمَ غادرَ مسرعًا المنزل، خارجًا إلى الحديقة، فيما صاحت غَيْم بمقتٍ:

- أنتَ أكتر إنسان مؤذي أنا شوفته في حياتي.

ولجت إلى غرفتها وأغلقت الباب بقوةٍ في وجههِ، ثمَ تنهدت تكبح عبراتها داخل مُقلتيها، محاولةً التزام الثبات، ومن ثمَ اقتربت مِن شرفةِ الغرفة، ونظرت إلى الحديقةِ متابعةً بعينيها مُهاب وهو يجلس أسفل الشجرةَ الوحيدة المتواجدة بتلكَ الحديقة، ينظر للسماء بعينينِ شاردتين، حتى لاحظَ هو وقوفها تناظرهُ بحزنٍ، فحرَّكَ رأسهِ، ينظر لها بعقدةِ حاجبين، لتتنحنح هي، مشيرةً لهُ بأن يبتسم.. ومن ثمَ دلفت ثانيةً إلى غرفتها، متمنيةً أن يتحقق ما تريد.

وما أريدُ؟
هل سأنالهُ يومًا؟
أم إن دائرة التساؤلاتِ ستدور دومًا؟

○○○○○

شبحُ ذكرى آتي مِن ماضيهِ؛ مُخترقٌ حاضرهُ، ومتسببٌ في صنعِ فجوةً عميقة في عقلهِ، وما بينَ محاولاتٍ مستميتة في التخلصِ مِن ذكراهِ، وبينَ محاولاتٍ أخرى للثأرِ.. كان هو تائهٌ بلا درعٍ حامي لهُ، فانتفضَ صُهيب فزعًا بعدَ أن راودهُ كابوسًا، وافتعلَ صوتُ أفكارهِ ضررًا في عقلهِ!

احتضنَ وجههِ بينَ يديهِ، يستغفر ربهِ مرارًا وتكرارًا، ثمَ نهضَ عن فراشهِ، خارجًا إلى دورةِ المياة الملحقة بالغرفة، يُجدد نشاطهِ بوضوءٍ كما كل صباح وكما اعتادَ دائمًا منذُ صغرهِ هو وأخواتهُ؛ حتى يحفظهُ الله في كلِ خطوةٍ يخطوها إلى أن يعود لمنزلهِ من جديد.

بعدَ ربعِ ساعةٍ تقريبًا، كان يخرج مِن المنزلِ وهو يرتدي ملابسًا سوداء اعتياديه، وأسفلَ قميصهِ يرتدي واقٍ كامل ضدَ الرصاصاتِ؛ تلبيةً لمطلبِ والدتهِ، وعلى رأسهِ قبعةً سوداء تُخفي وجههِ قليلًا من الأعلى بجانبِ الوشاح الأسودِ الذي يضعهُ على نصفِ وجههِ الآخر.. بطريقةٍ تجعلُ عيناهُ فقط التي تظهر.

رفعَ يدهِ قليلًا، ينظر في ساعتهِ بهمهمةٍ خافتة، ومن ثمَ سارَ قاطعًا طريقهُ في ذلكَ المكان الذي هو أشبه بغابةٍ كبيرة، ولكن ليسَ لهُ وجهةً محددة.

أيلول حيث تعيش القصص. اكتشف الآن