16 - عودة الوصال.

3.3K 292 230
                                    

16 -

إنها لَمعادلةٌ حياتية صعبة، يجد المرءُ فيها أنهُ محاطٌ بدائرةِ مشاعرٍ مُعقدة، وهو مَن وُجِبَ عليه تحليل كُلَ شعورٍ، والانسياق خلفَ ما يريد قلبه.. والقلبُ كعادتهِ لا يعترفُ سوى بعاطفتهِ الفيَّاضة، مُتخذًا من الحُبِ شعارًا لهُ!
فلا يدري العقل ما هو الصواب؟ وما هو الخطأ؟ فقط يسير مع تيارِ رياحٍ هائجة، ويحاول تفسير شعورًا غريب اختارهُ القلب دون أن يُعطيه خَيارًا.

- منزل هاوي، الشُرفة.

سكونَ الليل الطاغي على الأجواءِ، والصمت الذي خَيَّمَ على كليهما كانا كافيان لبثِ بعض التوتر إلى روحِ أيلول الخائفة من هدوءِ هاوي المُريب.. تخاف مِن أن تعلم عنهُ ما يجعلها تنفر منهُ، وتخشى التواجد معهُ في ذاتِ البيت، وتحت سقفٍ واحد!

فَلوت ثغرها وهي تهمهم عاقدةً خصلات شعرها للخلفِ بعشوائيةٍ، في حين تنهدِ هاوي الجالس جوارها، ومن ثم ارتشف رشفةً كبيرة مِن كوبِ القهوةِ، محاولا إخفاء ما يشعر بهِ خلفَ قناعِ الهدوء المُزيف.. وهو إن عبَّرَ عن ما بداخلهِ سيكون لها كطفلٍ صغير تائة!

مدت أيلول يدها تُمسك كوبَ العصيرِ الذي قد صنعهُ لها، ونبست بصوتٍ هاديء قبل أن ترتشف رشفةً منهُ:
- لو مش حابب.. عادي!

نظرَ لها بطرفِ عينٍ، ولم يُبدي عليه أي انزعاجًا، ثمَ تركَ الكوب مِن يدهِ، وسحبَ الحاسوب اللوحي من جوارهِ، مُعطيًا إياهُ لها، قائلًا بهدوءٍ:
- إلّي هتقرأيه دلوقتي خاص بـ "بابلو" أنا حاليا هاوي، أعتقد أنتِ هتبقي متفهمة شوية!

ازدردت أيلول لعابها، وهي لا تعلم كيفَ سيكون مدى تقبلها للأمر، لكنها أومأت لهُ بتأكيدٍ على أيةِ حالٍ، فابتسمَ هاوي لها بهدوءٍ، يربت على رأسها بحنانٍ، ثمَ التفتَ التفاتةً خافتة نحوها، وأسندَ جسدهِ ضدَّ الحائط خلفه ببعضِ الاسترخاءِ، مترقبًا أي ردِ فعلٍ منها، وسيكون متقبلًا لما ستقول.. بينما نظرت هي لهُ بريبةٍ، ثمَ فتحت الملف الخاص بهِ بيدٍ ترتعش، لا تعلم لِمَ؟ ولكنها تخشى أن تعلم ما لن يُعجبها؛ فتبتعد!

أغمضت عيناها مهمهمةً، بعدَ أن تركت الكوب مِن يدها، ثمَ فتحتهما مِن جديد، تقرأ ما كُتبَ أسفل إحدى صورِ هاوي:

« الاسم: بابلو فرويد الكابر.
اللقب: الساحر بابلو.
السن: واحد وثلاثون عامًا.
محل الميلاد: مصر
محل الإقامة: إيطاليا
العمل: قاتلٌ متسلسل مأجور، يعمل في تهريب المخدرات، وتسهيل الأمور الغير شرعية، زعيم إحدى العصابات.. وفي ذات الوقت هو الذراع الأيمن لزعيم عصابة AB »

رفعت أيلول رأسها ناظرةً لهاوي بريبةٍ لم تغادرها منذُ أن أصبحَ الحاسوب بين يديها، وهي تتمتم بصوتٍ مهتز من شدةِ خوفها الداخلي الذي لا تعلم مصدرهُ:

- أنا عارفة كل ده.. بس خايفة أكمل الباقي!

تصنَّعَ ضحكةً خافتة، ومن ثمَ أشارَ لها بهدوءٍ أن تُكمل، وهو يحتسي القهوة بتلذذٍ، فتنهدت أيلول بحرارةٍ، وصوبت أنظارها على شاشةِ الحاسوب، تقرأ ما كُتبَ بعينيها، وقلبها يطرق الطبول داخلهُ:

أيلول Where stories live. Discover now