15 - الرقصةُ الأولى.

3.1K 365 214
                                    

فصل هدية؛ بسبب إنكم حققتوا الطلب، ويا رب تتفاعلوا!
استمتعوا 🦋

°°°°°°°°°


15 -

يُخفي الفراغات التي بينَ أصابعي، ويُشبك يدهِ في يدي..
أملًا في أن لا نفترق أبدًا!

ترجلَ صُهيب مِن سيارتهِ، متنهدًا بحزنٍ وهو ينظر لمنزلِ إسماعيل، يشعر أن هناك لعنةً أصابت البيت وجعلتهُ يُرى بتلكَ الحالة الغريبة التي وصلَ لها، وأغصانُ الشجرِ التي تميل عليهِ، وتحتضنهُ؛ أصبحت أوراقها ذابلة، وكأن مَن كانت تُضيف الحياة رحلت، فبكى كل شيءٍ حزنًا على فراقها.. وما أصعب الفراق الذي يأتي دونَ سابقِ إنذارٍ!

سحبَ صُهيب نفسًا عميقًا، ثمَ اتجهَ نحوَ بوابةِ البيت الخارجية، ودفعها برفقٍ، ثمَ دلفَ بخطى هادئة، مبتسمًا تلقائيا فورَ أن تسللَ لأذنيهِ صوتُ إسماعيل الرخيم أثناء تلاوتهِ لبعضِ آياتِ الذكر الحكيم، فنطقَ بصوتٍ مرتفع نسبيًا، ولكنهُ هاديء:

- إسماعيل بيه، ممكن آجي؟

- تعالى يا صُهيب، تعالى البيت فاضي عليا، ومفيش غير أنا والورد بنشارك همومنا مع بعض.

أتاهُ صوت إسماعيل الحزين مِن زاويةٍ ما بالحديقةِ، يتوارى في جلستهِ خلفَ المنزل، فارتسمت ابتسامةً حزينة على شفتيِّ صُهيب، واتجهَ ناحيةِ الصوت، ثمَ جلسَ قبالة إسماعيل الذي يروي الورودَ؛ حتى لا تذبل كزهرتهِ التي ذبلت، وتركتهُ في عالمهِ وحيدًا!

- كانت بتحب الورد، ومن بعدها الورد مبقاش له معنى!

- الآنسة روان؟

تساءل صُهيب بهدوءٍ، وهو يروي معهُ الورود ويشاركهُ ذات الشعور بالحزن الدفين، فنفى إسماعيل برأسهِ، وتمتمَ بصوتٍ مختنق:
- لأ، أقصد حنان مراتي.. ماتت وسابتني تايه في الدنيا، وحيد وبيفكر هيكمل إزاي! .. أصل الإنسان لما بيفارق وَنس حياته؛ روحه بتموت يا صُهيب، بس أنا كملت عشان بنتي مش أكتر.. وهي كمان سابتني وحيد، قولي بقى دلوقتي هقدر أكمل إزاي؟

كيفَ يستطيع المرء التأقلم مع شعورِ الوحدة الذي يتغلغل إلى روحهِ؟
فإن طبيعةَ الإنسانِ تدفعهُ صوبَ التعايش في مجتمعاتٍ، حتى وإن كان انطوائيًا، لكنهُ سيظل في حاجةٍ لوجودِ شخصٍ يشاركهُ ما يشعر بهِ.. فما هو حال مَن كان يعيش في ضوضاءِ العائلة، ثمَ تختفي تلكَ الضوضاء فجأةً، ويبقى بلا أملٍ، وبلا حياة.. وحيدًا تائهٌ دونَ وجهةٍ محددة!

- آسف يا فندم بجد، أنا.. أنا لو كنت سمعت كلام عاصم، وخرجت.. كـ

تحدّثَ صُهيب بنبرةِ ندمٍ، وكأنهُ هو السبب الأول والأخير في موتها هي، يضع اللوم كُله على عاتقيهِ؛ لأنهُ هو الناجي الوحيد، وجميعهم فارقوا الحياةِ.. وهل هذا سببٌ كافي ليجعلهُ مُتهم في عينِ نفسهِ؟

أيلول Where stories live. Discover now