6 - سِتة.

3.5K 319 179
                                    

6 -

أن يأتي أحدهم ويخبرك أنكَ لا تستحق كُل تلكَ السعادة التي تمتلكها، وأنكَ لا شيء.. فقط نكرةً لا يحق لكَ أن تطالب بلحظةِ سعادةٍ واحدة حتى، فما هي إجابتك؟

اضطربت أنفاس هانيا، وقلبها يعلو ويهبط بخوفٍ قاتل قد تسللَ إلى روحها فورَ أن رأت والدتها، فلاحظت شهد ذلك، لتساند شقيقتها، وهتفت محدثةً ثائر الأقربُ لها:

- ثائر معلش، ممكن تجيب البخاخة بتاعة هانيا مِن الشنطة بتاعتي؟

أومأ ثائر، مهرولا نحوَ الداخل حتى يجلب جهاز التنفس الخاص بهانيا، بينما سحبَ شُهيب كرسيًا مِن خلفهِ، ووضعهُ خلفَ هانيا بسرعةٍ، فأسندتها شهد حتى تجلس على الكرسي، ونظرت لوالدتها قائلةً بقوةٍ بعدَ أن خيَّمَ الصمتُ على الجميعِ فجأةً:

- جيتِ ليه يا ماما؟

ضحكت عنود ناظرةً لشهد بسخريةٍ، وتجاهلت حديثها وهي تقترب منهم جميعًا عدة خطوات، وتحديدًا مِن موضعِ أيلول، فسحبت أيلول نفسًا عميقًا، وقدْ تجمعت العبرات داخل مُقلتيها؛ تأبى الهطول حتى لا تُظهر ضعفها أمام تلكَ المرأة التي لا تفكر سوى في ذاتها فقط!

أعطى ثائر الجهاز بسرعةٍ إلى شهد وهو يفرك في خصلاتِ شعرهِ بِيدٍ مُرتعشة، حتى اطمئن على كونها بخيرٍ، فزفرَ بحرارةٍ، ثمَ نظرَ لعنود قائلًا بسخريةٍ:

- بسمع عن البجاحة كتير، أول مرة أشوفها..

كادَ أن ينفعل، ولكن نجلاء قد دفعته برفقٍ للخلف، نابسةً بتحذيرٍ طفيف:
- ثائر، بلاش!

لوى ثائر ثغرهِ بضيقٍ، ونظراتِ عنود المستهزءة تتفحصهُ مِن إخمص قدميهِ حتى آخرِ خصلةِ شعرٍ يمتلكها، ثمَ صوبت أنظارها مجددًا إلى أيلول، مداعبةً خصلات شعرِ ابنتها بطريقةٍ جعلت أيلول تغمض عيناها، وهي تتذكر معاملتها القاسية لها، وما لبثت إلا أن أبعدتها عنها، ناطقةً بصوتٍ مختنق:

- إيه رجعك يا عنود هانم؟

- جاية أحضر فرح بنتي، بس شكلي اتأخرت!
سبتت عنود وهي تحاول احتضان أيلول، فأبعدتها الأخرى عنها، نابسةً بقوةٍ:
- ابعدي عني.. أوعي تلمسيني!

ضيقَ هَاوي عينيهِ، وأخرجَ عُلبة الثقاب مِن جيبِ بنطالهِ، ثمَ سحبَ منها عودًا ووضعهُ في فمهِ، محاولًا التزام الهدوء، ومن ثمَ أمسكَ أيلول مِن معصمِ يدها، يسحبها لهُ وهو يتمتم بخفوتٍ:
- تعالي يا لِيل..

- دي بتقول جاية أحضر فرح بنتي! .. بنتها؟

صاحت أيلول ضاحكةً بإذبهلالٍ، ناظرةً في عمقِ عينين والدتها صاحبة الملامح التي لا تحمل أيةَ تعابيرٍ واضحة! .. فسحبَ هَاوي زوجتهِ بعيدًا عن والدتها، وهتفَ محدثًا عنود ومازال عود الثِقاب في فمهِ:

- لو حضرتك بتعتبريها بنتك أوي، فياريت بلاش التلاعب العاطفي بتاعك ده..

- وأنتَ مين بقى يا أستاذ، عشان تكلمني كده؟

أيلول Where stories live. Discover now