20 - إفراط في المشاعر!

3K 288 53
                                    

20 -

"وعناقٌ للروحِ.. يُزيل لوعةُ الشوقِ، ويُشفي ضيقَ الصدرِ."

ارتشفت عنود رشفةً صغيرة مِن كوبِ القهوة الذي صنعهُ لها هاوي، ثمَ وضعت الكوب أعلى الطاولة الصغيرة أمامها، واضعةً قدمًا فوقَ الأخرى بهدوءٍ مُطلق، ناطقةً وهي تنظر لأيلول الواقفة بمقتٍ منذُ أن أتت هي:

- ما تقعدي يا أيلول.. عليكِ ذنب؟

ازدردت أيلول لعابها، تنظر لهاوي وكأنها تستشيره في ما تفعل، فأومأ لها بخفةٍ، ينظر لها بهدوءٍ، لتشعر هي بأنهُ يلمسُ قلبها بعينيهِ ونظراتهُ، أثناء محاولتهُ لطمأنة إياها، رغمَ ما تفعلهُ معه من تناقضٍ في الأفعال، فابتسمت هي بمرارةٍ.. وسحبها هو برفقٍ من معصمِ يدها؛ كي تجلس إلى جواره، ثمَ نطقَ بحدةٍ، محدثًا المدعوة عنود:

- لو أنتِ جاية تقولي كلام ملوش أي لازمة.. أعتقد أنتِ عارفة الباب فين!

ضحكت عنود بخفوتٍ، تتلاعب بخصلاتِ شعرها بابتسامةٍ ماكرة، وطريقتها أزعجت أيلول التي كورت قبضة يدها محاولةً التزام الثبات الانفعاليّ، وعدم الانفعال عليها بطريقةٍ لن تنال إعجابها، فلاحظَ هاوي ذلك.. ليحتضن يدها بقوةٍ، أمام عنود التي نبست بنبرةٍ جعلت أيلول تستشيط غضبًا:

- أنا كنت جاية أصلح إلّي حصل بينا آخر مرة يا أيلول.

ارتفعَ حاجب أيلول، تطالع عنود باستنكارٍ تام، وهي تكبح غضبها داخلها، قائلةً بمللٍ وضيق:
- بس أنا مش عاوزة أصلح حاجة!

ضيقت عنود عيناها قليلًا، تهمهم جالسةً باعتدلٍ، وهي تشبك أنامل يديها ببعضهما، ثمَ أردفت وهي تنظر لأيلول فقط، متجاهلةً هاوي بالكامل:
- لازم تتحدي معايا؛ عشان نرجع عيلة واحدة، وأعوضك عن كل المشاعر إلّي محستيش بيها.

- أنتِ عاوزة إيه؟

نبست أيلول بسخطٍ وهي تسحب يدها مِن بينِ يدِ هاوي، تضم كلتا يديها إلى صدرها، وكأنها تحتضن جسدها في محاولةٍ منها للتخفيف عن روحها، لتتمتم عنود بوقاحةٍ:

- يعني.. بالمختصر، أنا عاوزة أرجع لمحمد، ونعيش من تاني كلنا في بيت واحد، وأعوضكم عن أي حاجة أنا عملتها زمان.

اتسعت مُقلتيِّ أيلول قليلًا، مُدركةً ما تريد عنود، وإلى أي مدى هي تود تخريب عليهم حياتهم جميعًا، فخفقَ قلبها بخوفٍ، تنفي برأسها ما تريد الأخرى، لتسترسل عنود حديثها قائلةً بنبرةٍ تحاول مِن خلالها استدراج أيلول:

- مش أنتِ كان نفسك إننا نبقى عيلة كاملة زي أي عيلة؟ وأهو أنا رجعت.. وناوية أصلح كل حاجة.

- أنتِ ليه مش عاوزة تفهمي إننا معتبرينك ميتة! .. أنا مش عوزاكِ في حياتي، والله ما عوزاكِ، ليه كل ما أحاول أتنفس؛ تطلعي في وشي من تاني، ليه مش عوزاني أعيش حياتي، أنتِ ليه أنانية؟

أيلول Where stories live. Discover now