2 - لِيل

5.2K 349 196
                                    

2 -

« الحياةُ غريبة إلى حدٍ كبير؛ تكون البداية فيها واضحة، ونهايتها غامضة.. كعادةِ الروايات! »

ترجلَ صُهيب مِن سيارتهِ السوداء، ناظرًا للفيلا التي توقفَ أمامها، يهمهم بضيقٍ، مقتربًا مِن بوابتها بهدوءٍ وهو ينظر حولهِ بتفحصٍ دقيق، حتى أوقفهُ أحدِ الجنود، يخبرهُ أن الدخول ممنوع، فارتفعَ حاجب صُهيب، مخرجًا إحدى البطاقات الخاصة به، وأعطاها للجندي، قائلًا بمللٍ:

- صُهيب خالد السلحدار، رائد في الشرطة .. ممكن أدخل؟

استنكرَ صُهيب في نهايةِ حديثهُ بسخريةٍ طفيفة، فأدى الجنديّ التحية العسكرية، وابتعدَ عن الطريق، سامحًا لصُهيب بالدخولِ إلى الفيلا، فَرمقهُ صُهيب بطرفِ عينٍ، ثمَ ولجَ إلى الداخل، يسير بخطى ثابتة، يبحث بأنظارهِ عن شيءٍ مجهول، هذا حتى أصبحَ في الحديقةِ الخلفية للفيلا، فهمهمَ بتفكيرٍ بعدَ أن لاحظَ وجود قلادة نسائية على الأرضِ، ثمَ دنى مِن مستواها بهدوءٍ، ينتشلها مِن على الأرضِ، متفحصًا إياها بابتسامةٍ طفيفة، حتى شعرَ بفوهةِ سلاحٍ مصوبة على مؤخرة رأسهِ، فصكَّ على أسنانهِ، يزفر بضيقٍ، تزامنًا مع قولِ التي تصوب السلاح عليه:

- أنتَ مين يا حلو؟

عضَّ على شفتيهِ، ونهضَ رافعًا يديهِ عاليا حتى لا تتهور هي وتقتلهُ برصاصةٍ طائشة، ثمَ نطقَ وهو يحاول أن يكون هادئًا:
- صُهيب، الرائد صُهيب!

إرتفعَ حاجبها، تسحب سلاحها عن رأسهِ، تهمهم بخفوتٍ، فالتفتَ هو لها، ينظر لها بحاجبٍ مرفوع.. بقى صامتًا لبرهةٍ قصير، يتفحص هيئتها الصارمة، ثمَ تنهدَ بحرارةٍ، نابسًا بحدةٍ:

- وأنتِ مين يا عسل؟

وضعت هي سلاحها في جيبِ بنطالها، وهي تنظر لهُ بنصفِ عينٍ، وضيق، ثمَ أشارت للقلادةِ التي يتلاعب بها في يدهِ، مردفةً بقوةٍ:
- السلسلة دي بتاعتي، وقعت مني.

نظرَ صُهيب للقلادةِ بتفحصٍ دقيق، ثمَ وضعها في جيبِ بنطالهِ بوقاحةٍ، يهتفُ بجديةٍ وفي داخلهِ لا يعلم لماذا فعل ذلك:
- كان ممكن أعطيهالك، بس أنا بحب أسلوب الوقاحة .. عن إذنك، هشوف شغلي!

تركها متفحصًا باقي أنحاء الفيلا، ليشبك خيوط الجريمة ببعضها، تاركًا إياها تحترق من غيظها، وهو غير مبالي بها أو بأي شيء.

هو في الحقيقة لا يبالي بأي شيء، حتى مشاعر مَن يقابلهُ لا يهتم بها، رُبما ذاك الجفاء آتى مِن ما رآهُ حينما كان شابًا، هو فقط ما رأى تلكَ الواقعة التي بثت في قلبهِ رهبةً من التعلقِ بأي أحد، حتى والدتهِ التي هي الملجأ الآمن لهُ بعدَ والدهِ؛ لم يعد يشعر بالاهتمامِ نحوها كالسابق..
فبعضُ الذكريات إخفاءها هو الحل الأمثل للجميع!

○○○○○

- الإدارة العامة.

دلفَ الضابط فتحي وبرفقتهِ المتهمين بِجريمة تهريب السلاح، فَضمت أيلول يديها إلى صدرِها، تهز جسدها بِتفكيرٍ غامض، ثمَ أخبرت إسماعيل بجديةٍ:
- حابة أحقق مع واحد فيهم، ممكن؟

أيلول Where stories live. Discover now