3 - خير البر عاجله!

3.9K 336 130
                                    

3 -

لم تكن البداية تستحق كل تلكَ المجازفة!

- فيلا عائلة السلحدار، غرفة الاستقبال.

تجلس أيلول على الكرسي المجاور لكرسيِّ هَاوي، تمسك طبق الطعام الخاص بها، وتتناول منه بتلذذٍ ولامبالاةٍ ، تحتَ نظرات محمد التي تكاد تحرقها وهي جالسة في موضعها، في حين يجلس شُهيب وهو يدعو الله أن لا يغضب محمد، ويمر كل شيء في سلام، ويجلس ثائر جوار والدتهِ، يعانقها كالطفل الصغير، ونجلاء تبتسم بخفوتٍ، حتى همهمَ إسماعيل يقطع الصمت المطلق بينهم جميعًا، فعضَّ محمد على شفتيهِ، كاظمًا غيظهِ، وأردفَ بابتسامةٍ سامجة:

- منورين يا جماعة!

- ده نورك يا عمي!

ردهُ هَاوي بابتسامةٍ بلهاء، فرمقهُ محمد بغضبٍ قاتل، ليصمت هَاوي ثانيةً، ينظر نحوَ الأرض متصنعًا التفكير في شيءٍ مهم، ليتمتم محمد موجهًا حديثهُ إلى إسماعيل بتساءلٍ:

- خير يا إسماعيل بيه؟

نظرَ إسماعيل لأيلول التي تضع معلقةً من ما تأكل في فمها دونَ اكتراثٍ لهم، فضيقَ عيناهُ، يتوعد لها في مخيلتهِ، ثمَ نظرَ لمحمد مجددًا.. يخبرهُ بهدوءٍ نسبيّ:

- خير يا أستاذ محمد، أكيد خير بإذن الله.. هي كل الحكاية إني جيت طالب القرب منك!

قطبَ محمد ما بينَ حاجبيهِ، ينظر لإسماعيل تارةً، ثمَ ينظر تارةً أخرى لِهَاوي الذي استرخى في جلستهِ، يضع يديهِ خلفَ رأسهِ، وينظر لسقفية الغرفة بشرودٍ، فمالَ ثائر على شُهيب، يهمس له بضحكةٍ خافتة:

- تعرف؟ يا رب الجوازة دي تتم.. عشان العريس ده شكله هيعرف يتحكم في أيلول، بدل ما هي حرباية كده!

صفعهُ شُهيب على مؤخرة رأسهِ، يشير له بلامبالاةٍ، فمطَّ ثائر شفتيهِ مترقبًا إجابة محمد الذي همهمَ متسائلا بغباءٍ:
- القرب مني في مين معلش؟

- ما هو بديهيًا.. من الآنسة إلّي قاعدة بتاكل مكرونة دي ولا همها يا فندم!

نَطقَ هَاوي باندفاعٍ وملل، وهو يشير على أيلول التي مطت يدها بالطبق لهُ، نابسةً بهمسٍ:
- تاكل مكرونة؟ .. دي عمايل السِت مرات عمي سابقا، وزوجة أبويا مستقبلًا!

نفى هَاوي برأسهِ وهو ينظر لها بإذبهلالٍ خافت، فضيقَ محمد عيناهُ، ينظر لهَاوي بمللٍ، محاولًا كبح رغبتهِ في النهوض، وضربِ ذاك الشاب الذي لا يعلم هويتهُ ذاتا، فنطقَ وهو يهز رأسهِ باستفهامٍ:

- وأنتَ مين بقى يا لطيف؟

- عريس الغفلة أكيد!

تمتمَ شُهيب بها باندفاعٍ، فرفعت أيلول رأسها تنظر لهُ بحاجبٍ مرفوع، ومن ثمَ تركت الطبق مِن يدها، ناظرةً لوالدها ببراءةٍ طفولية مصطنعة، فأشارَ محمد لها أن تتبعهُ نحوَ الخارج، وهو ينهض قائلًا باعتذارٍ:

أيلول Where stories live. Discover now