4 - زعيم مافيا!

3.6K 358 189
                                    

4 -

يُشفي الأمل أحيانا قلوبٍ تحطمت بتوالي السنين، وفي أحيانٍ أخرى تنهار خلايا المرء مِن كثرة الأمل الذي بلا فائدة!

- قايمة، إيه القايمة دي معلش؟

هتفَ هَاوي بحاجبٍ مرفوع بعدَ أن أخبرهُ محمد ببعض تفاصيل الزواج التي يجب أن تُقام، ثمَ نظرَ لأيلول باستفهامٍ، فَعضت أيلول على شفتيها ورمشت عدة مراتٍ محاولةً استدراك الموقف قليلًا، ثمَ أشارت لهُ أن يتدارك هو الأمر بمفردهِ، فلوى هَاوي ثغرهِ بضيقٍ، ثمَ نطقَ بسرعةٍ:

- أه أه، تمام ماشي، أنا موافق على أي حاجة يا حمايا.

- بالنسبة للعفش والبيت وشغلك مستقر ولا لأ، وهتعرف توفر لبنتنا كل إلّي تطلبه ولا؟

هتفَ شُهيب بتدخلٍ في تلكَ الزيجة لأولِ مرةٍ، فأمسكَ هَاوي كوب القهوة خاصتهِ، وارتشفَ منهُ رشفةً صغيرة، ناظرًا لشُهيب بنصفِ عينٍ، ثمَ اعتدلَ في جلستهِ، مهمهمًا بخفوتٍ وسبتَ بثباتٍ:

- بالنسبة للبيت فأنا اتكلمت مع صاحب البيت إلّي في أول الشارع هِنا، واشتريته قبل ما آجي، والعفش لو مفيش عندكم مانع هاخد الآنسة أيلول ونختاره على حسب ذوقها.. وأه شغلي مستقر الحمد لله.

ضيقَ شُهيب عيناهُ قليلًا، فنطقَ ثائر بحاجبٍ مرفوع وتعجبًا:
- ليه، بتشتغل إيه يعني عشان تشتري بيت غالي زي ده بدون نقاش؟

- زعيم مافيا.. واسمي الحقيقي بابلو.

ردهُ هَاوي ببرودٍ وهو يرتشف رشفةً أخرى مِن قهوتهِ، فشهقت أيلول بصدمةٍ، وقدْ اتسعت عيناها وهي تنظر لهُ بغباءٍ، ثمَ ضحكت تنكز أبيها في كتفهِ، وهي تهتف بضحكةٍ صاخبة رغما عنها:
- عسل يا هَاوي، دمك شربات!

رمقها ثائر باشمئزازٍ، في حين همهمت هي، ناطقةً باندفاعٍ وهي تتوعد لهَاوي داخلها:
- كان ماسك سلسلة مطاعم في إيطاليا، ولما رجع قرر إنه هيحول شغله لهنا، وبيدور على مكان كويس يقدر يفتحه مطعم ضخم.. مش صح يا هَاوي؟

أومأ هَاوي دونَ أن ينبس بحرفٍ واحد، فعضت نجلاء على شفتيها وهي تنظر في ساعة يدها الكلاسكية، ثمَ تنهدت وأكملت احتساء الشاي، تحتَ تساءل محمد بنبرةٍ هادئة:

- طب أنا شايف إنك جاي امبارح عشمان أوي إني هوافق، مع إني ممكن أغير رأيي!

نظرت أيلول لهَاوي وهمهمت منتظرةً إجابتهِ بابتسامةٍ خافتة، فنطقَ هو دونَ ترددٍ كبير، ناظرًا لمحمد الذي يحتسي من الشاي بكلِ هدوءٍ وتلقائيةٍ غريبة:

- عشان متأكد إن طالما أيلول سمحت إني آجي، وأقابل حضرتك يبقى في حاجة جواها اتحركت ناحيتي، وأظن إن هي ناضجة كفاية لاختيار شريك حياتها، ومتأكد إن حضرتك مش هترفض سعادة بنتك مع الشخص إلّي هي حابة تكمل حياتها معاه، أنا وهي ناضجين، وعارفين إن مصلحتنا إننا نبقى سوا، عشان كده أنا قاعد هنا مع حضرتك بتفق على ميعاد الفرح!

أيلول Donde viven las historias. Descúbrelo ahora