39 - مشاعر مختلطة.

1.1K 142 131
                                    

39 -

الحروب ليست مجرد حروبًا دموية، فقد تكون حروبًا للبحثِ عن الإنسانية المفقودة في دواخلنا!

صفعةٌ أقوى من سابقتها استقرت على وجهِ شهد الباكية، بعد أن حاولت الشرح لمحمد، ولكنهُ كان كمَن تجرد من مشاعرهِ الأبويه المُحبة لثلاثتهنَّ، وأصبح كوحشٍ كاسر، لا يرى أمامه سوى أنهُ خُدِعَ!

- عايشة جاسوسة بينا يا شهد؟ مفيش حد سليم منكم؟

تساءل بألمٍ داخلي؛ لشعورهِ بالخيبةِ نحو الثلاث فتيات، ولم يكد أن ينهال بالضرباتِ على "شهد" مرةً أخرى، حتى منعتهُ قبضة صُهيب على يدهِ، يسحبهُ للخلفِ بعيدًا عنها بقليلٍ، وتصدى ثائر لهُ هو الآخر بوقوفهِ كحاجزٍ منيع أمامه، نابسًا بقوةٍ تنافي غضبه على ما اقترفت شهد:

- طيب.. مش كل حاجة بالضرب، أنتَ مش كده يا عمي، دول بناتك!

- لأ، مش بناتي، دول بنات عنود.. نفس خُبثها، نفس كل حاجة.. أنا مخلفتش بنات!

كانت أيلول في عالمٍ آخرٍ من توالي الأحداث الصادمة، غير مدركةً الحديث الأخير الذي نبس به والدها، فقط كانت تتمتم بصدمةٍ بالغة، متذكرةً كل شيءٍ مرت به منذُ عودتهما:

- يعني.. يعني أنتِ اللي كنتِ بتقولي لماما احنا فين؟ يوم عيد ميلادي، والكلام السِم اللي قالتهولي؟ ويوم فرحي؟ ده أنتِ كنتِ بتحاولي تدعميني؟ أنا فكرتك أختي وكنت مضايقة من نفسي.. عشان بحس ناحيتكم بمشاعر وحشة، طلعتوا.. بتلعبوا بينا من الأول؟

بكت شهد وهي تهز رأسها بنفيٍّ، متراجعةً بخطواتها للخلف إلى أن اصطدمت بالجدار خلفها، فنظرت بضعفٍ لأبيها الذي يناظرها بغضبٍ لم تظن أنهُ سيكون موجهًا لها ذات يومٍ، فيما جلست "هانيا" أرضًا؛ تنفي الأمر نفيًا قاطعًا بكلماتٍ هامسة غير مرتبة، متذكرةً هي الأخرى ما حدث بأدقِ التفاصيل المنسية والمفقودة، وكيف أن "شهد" كانت مُصرِةً على الهروبِ من براثن "عنود" التي سمحت لكلتيهما بالمغادرة دون أن تصرخ عليهما.. ويبدو.. يبدو أن كل ذلك مُخطط لهُ منهما؟

شهقت ما إن توصلت لحقيقة الأمر وأدركتهُ جيدًا، واضعةً يديها على أذنيها، تردد كلماتٍ نافية لما ينسجهُ عقلها من أفكارٍ قد تُنهي حُبِها لشقيقتها، هذا حتى أخرجها محمد من دوامةِ أفكارها بقولهِ المُوجه لها:

- وأنتِ كمان معاها وزيهم.. صح؟

اتسعت مقلتيها، تطالع والدها الذي يتهمها الآن بأنها "خائنة" بخذلانٍ دفين، فلم تُعطِ أي ردِّ فعلٍ صريحٍ سوى نظراتها المُعاتبة لهُ بقسوةٍ، فضرب محمد كفًا بالآخرِ، مردفًا بسخطٍ مُوجه لكلٍ من شهد الباكية وهانيا الشاردة:

- هستنى إيه؟ هستنى إنكم تبقوا زيي، وانتم عايشين طول حياتكم معاها؟ .. اخرجوا من بيتي وارجعولها تاني، يلا برة!

أيلول Donde viven las historias. Descúbrelo ahora