46 - وهل للنجاةِ طريق؟

1K 123 103
                                    

متنسوش التفاعل، والتعليقات ✨

------

46 -

متى ستصبح قوانين الحياة عادلة؟ هل حينما تنتهي البشرية؟

يُقال أن رياحُ الحياةِ تأتي بما لا تشتهي بهِ السفن، وأن جميع مخططاتنا عادةً ما تُتوج بالفشلِ الذريع في النهايةِ، فنُرغم على تغيير مسارِ حياتِنا لآخرٍ يكون في نهايتهِ الأمل منتصر، وهل ينتصر الأمل؟

بين طياتِ الليل الهادئ، وسكون الفجرِ المحبب لقلوبِ الكثيرين؛ استيقظ محمد أولا قبل أن يتسلل صوت الشيخ الرخيم لأذانِهم أجمعين، فنقر على كتفِ نجلاء بخفةٍ، لتتململ هي قليلا، تهتف بانزعاجٍ:

_ في إيه يا محمد!

_ الفجر هيأذِن، قومي اتوضي.

تلفظَّ بها محمد بهدوءٍ، ناقرًا على كتفِها من جديد؛ حتى تستيقظ، وتؤدي فرضِها كما اعتادا منذُ أن مرض شُهيب، فأدرك الإنسان أنهُ لا يتعظ إلا بعدما يُبتلى فيما يُحِب، يتقرب إلى الله بالعباداتِ، ويدعو بقلبٍ باكي أن يعود كل شيء لما كان في السابق؛ حتى تهدأ عواصف المشاعرِ الهائجة بداخلهِ.. وياليت ما يتمنى المرء يحصل عليه.

غادر محمد الغرفة أولا بعد أن تأكدَّ من استيقاظ نجلاء، فتلاقى بالثلاثِ إخوة؛ يتجهزون للذهابِ إلى الصلاةِ وأدائها في المسجدِ سويًا هذه الليلة، فتبسم لهم بحُبٍ، وقال:
_ خمس دقايق، وجاي.

أومأ صُهيب لهُ إيجابًا وهو يستغفر ربهِ، داعيًا لذاته ولجميع أفرادِ عائلتهِ بالهدايةِ والإصلاح، فيما كان ثائر واقفًا إلى جوارِ شُهيب، يتحدثان قليلا في بعضِ الأمور الدنياوية البسيطة، حتى خرج محمد بعد دقائقٍ قليلة مِن دورةِ المياة، مستعدًا للصلاة، وذاك تزامن مع خروج نجلاء من غرفتِها وهي تتثاءب بنعاسٍ، والتي ما إن وقعت عيناها على أربعتهم؛ تبسمت بحُنوٍ، وقالت بنبرةٍ ساكِنة:

_ ربنا يحميكم، ويحقق أمانيكم.

أمَّنوا جميعًا على دعائها لهم، وغادروا من بعدِ ذلك نطاق الفيلا؛ قاصدين الذهاب للمسجدِ، يستمعون في طريقهم إليه لصوتِ الشيخ العَذب، فرددوا من خلفهِ، يتابعون سيرهم بخطواتٍ ثابتة متناغمة.

نصف ساعةٍ كاملة، أدت نجلاء فيها فرضِها، وأنهت قراءة بعضٍ من آياتِ الذكر الحكيم، كما أنها فتحت بعض النوافذِ؛ ليتسرب بعد قليل شعاع شمسٍ، ويدعو بقية أصحابهِ لإنارة أركان المنزل معًا، تنهدت بارتياحٍ بعد أن أدركت أنها فعلت ما كانت تود فعله، ثم غادرت الفيلا بهدوءٍ، قاصدةً التوجه لمنزل أيلول، وقضاء بعضِ الوقت معها منذُ بدايةِ اليوم.

ولم تكن أيلول في هذا الوقت بهيئةٍ تسمح لها بمقابلةِ أحد، تتململ في فراشِها بوهنٍ، تأِنُ وأنينها القوي استطاع اختراق الجدران، همساتٌ غريبة بداخلِ الغرفة جعلتها مشتتة، وأصوات خطواتٍ رجولية تعرفها أصابت قلبِها بسهمٍ قاتل، وما زاد حيرة عقلِها هو تسلل رائحةِ هاوي المميزة لأنفِها، فابتلعت لعابِها، تنفي برأسِها ما وصل لها، ما هي إلا محاولة خادعة منها لنفسِها، حتى شعرت بأناملٍ خشِنة تمسِّد على خصلاتِ شعرِها بحُنوٍ بليغ، إنها أنامله! هاوي!

أيلول Where stories live. Discover now