36 - زفاف مُنتظَر.

1.3K 129 175
                                    

36 -

أُمنيةٌ عابرة هي؛
لو تبخر لقاء قلبي بقلبك من ذاكرتي
ولو لم تكن أنتَ الحبيبُ الأولِ!

- بيت المزرعة، غرفة هاوي وأيلول.

أغلق هاوي باب الغرفة بتنهيدةٍ مُرهقة، مقتربًا من موضعِ أيلول الجالسة على طرفِ الفراش؛ تضم يديها إلى صدرِها، متطلعةً إليه بنظراتٍ مُتعبة، فابتسم بتوترٍ جاهد في إخفائه، ولكنه لم يستطع، ثم جلس إلى جوارها، قائلًا باندفاعٍ:

- أيلول، رعد متجوز واحدة من إيطاليا، وعنده ابن اسمه غيث.

جزءًا داخلهُ أراد اخبارها؛ ليمحو أي شعورٍ داخلها نحو المدعو "رعد"، محاولا طمئنة ذاته بأنها تناست، ثم وبقلبٍ مرتجف نظر لها؛ ليرى تعابير وجهها، وما جعلهُ يهدأ هو قولها بلامبالاةِ:

- وأنا مالي؟ براحته.. هو حُر.

الشعور بالأمانِ لكونِ نصفك الآخر مكتفي بكَ أنتَ فقط، هو الشعور المتملك من هاوي الآن، فتنهد بارتياحٍ، وحاوطها بيدهِ أثناء قولهِ:

- عارفة؟ أنا خايف أنسى نفسي وأموته من الضرب في مرة.

- أنتَ ضربته تاني ولا إيه؟

تساءلت أيلول بعقدةِ حاجبين، وهي لازالت بين أحضانهِ، وأتاها الردَّ منهُ بهزِ رأسهِ لأعلى ولأسفل إيجابًا، فغادرتها ضحكةً مستمتعة، واسترسلت حديثها نابسةً بدعمٍ لهُ:

- جدع يا حبيبي.

ضحك هاوي لدعمها لهُ على شيءٍ كهذا، ثم نهض وسحبها برفقٍ لتقف هي الأخرى، ومن ثم أرجع خصلات شعرها لخلفِ أذنها، وهي مسالمةً أمامه كالطفلةِ الصغيرة، قائلًا بصوتٍ هاديء:

- على فكرة قالوا لي أناديلك وننزل؛ عشان هنقعد قعدة عائلية سوا، بس أنا مش حابب؛ عشان اللي اسمه رعد ده.

- ولا يهمني وجوده.. كأنه هوا.

ردتهُ بابتسامةٍ خافتة، وهي تنظم لهُ ياقة قميصهِ، فأسند هو جبينهُ على جبينها، ضاحكًا لتبدلِ حالتها، وضحكت هي الأخرى وهي تدفعهُ برفقٍ عنها، مضيفةً بنبرةٍ جادة أثناء تتظيمها لخصلات شعرِها:

- المرة الجاية يا ريت تكسرله سنانه.

- بقيتِ قاسية كده؟

تساءل هاوي وهو يفتح باب الغرفة، ويشير لها كالأمير النبيل بالخروج، فرمقتهُ أيلول بنصفِ عينٍ، ثم خرجت من نطاق الغرفة، وهي تضحك وتهز رأسها بيأسٍ بليغ منهُ، لكن عيناها اصطدمت برؤيةِ رعد صاحب الوجه المليء بالكدمات، وهو يتجه إلى غرفتهِ المجاورة لغرفتهما، لثوانٍ صغيرة حدث بينهما تواصلٌ بصري حمل الجفاء منها هي، والعتاب منهُ على ذنبٍ اقترفهُ بيديهِ!
ثم وبلامبالاةٍ تامة منها لهُ؛ تمسكت بيدِ هاوي الذي تقدم خطوةً ليقف إلى جوارها، وهبطت بخطى ثابتة للأسفل؛ حيثُ يجلس الجميع، فضغط رعد على قبضةِ يدهُ بغضبٍ، ودلف إلى غرفتهِ، غالقًا الباب خلفه بقوةٍ غاضبة بالكاد استمع لها مَن بالأسفل.

أيلول Where stories live. Discover now