31 - متى سيأتي السلام؟

1.9K 225 142
                                    

31 -

أنا وأنتِ.. ونبضاتُ قلبي المُحبة لكِ.

أجواءٌ شتوية مليئةٌ بالبرودةِ والصقيع الخافت، ومع سكون الليل الهاديء، وأصوات أنفاس "هاوي" الغاضبة؛ أحكمت أيلول غلق معطفها جيدًا، وهي تتابعهُ بعينيها الحائرتين، تراهُ مستمتعًا وعلى وجههِ ابتسامةً مُحبة.. لكنها تشعر بغير ذلك، إنما تراها ابتسامةٌ مريبة، وصمتهِ منذُ البدايةِ بثَّ في داخلها ريبةً أكثر، كما أنها لا تعلم إلى أين هما ذاهبان، ورُبما.. تكون ضحيةً جديدة له هذه الليلة؟

ابتلعت لعابها بخوفٍ، تنفي ما قفز لعقلها فجأةً، مؤكدةً لذاتها بأنهُ "هاوي" وليس "بابلو" القاتل، فتنهدت متسائلةً بنبرةٍ مَرِحة قليلًا.. تجاهد أفكارها في خلقِ مساحةً أقلُ قلقًا من التي تسكن هي داخلها:

- هتخطفني؟

- أه.

أجابها سريعًا، مؤكدًا لها ظنها بنبرةٍ مشابهة لخاصتها، فهزت هي رأسها بضحكةٍ طفيفة، وضمت يديها إلى صدرِها، قائلةً بحاجبٍ مرفوع، وهي تُكمل معهُ الفرضية التي بدأتها هي:

- السبب؟

نظر لها بطرفِ عينٍ، وابتسم ابتسامةً ماكرة، نابسًا بصوتٍ ساكِن:
- كنت مخطط لكده من مدة، عادي يعني.. حابب أكون معاكِ لوحدنا.

ضيقت عيناها بعدم تصديق، وهزَّ هو رأسهِ بتأكيدٍ لما سبق وقال، فالتفتت لهُ نصفَ التفاتةٍ، وهتفت وهي تضع يدها أسفل وجنتِها، متابعةً إياهُ بعينيها الضاحكتين:

- أنتَ عارف إن الخطف عليه عقاب من القانون؟

أصدر هاوي صوتًا لامباليًا من بينِ شفتيهِ، ونظرَ لها.. غامزًا بعينهِ أثناء تمتمتهِ بغرورٍ مصطنع:
- بس أنا خاطف القانون، والقانون في صفي.

رفعت حاجبها تطالعهُ باستنكارِها المعتاد، ومن ثم ضحكت بخفوتٍ ناظرةً للطريق المُظلم عبر نافذةِ مقعدها، محاولةً الاسترخاء لبعض الوقت؛ لعلَّها تجد الجزء المفقود داخلها، في حين أنهُ أحبَّ مراقبتها بين الحين والآخر، سعيدًا بوجودها، حتى وإن كانت العلاقة مُعقدة بينهما، لكنهُ كما العادة.. يحاول، أليست المحاولة أولى طُرق الوصول؟

توقف عن القيادةِ بعد مدةٍ في طريقٍ خالي من أي أحدٍ سوى سيارتهِ، وسوادُ الليل طاغي.. يُمانع الرؤية بشكلٍ طبيعي، فعقدت أيلول ما بين حاجبيها، وقد عاد قلبها للخفقان بذعرٍ من جديد، ثم التفتت لهُ، تهتف بتوترٍ:

- إيه اللي حصل؟ وقفت ليه؟

- انزلي بس.

ردَّها بهدوءٍ متعجبًا من خوفها البادي له، ثم ترجل من السيارةِ، ففتحت هي باب المقعد بيدٍ مرتعشة، تنظر للمكان من حولها بخوفٍ تيقن هو من وجودهِ داخلها ما إن أصبح أمامها، فمدَّ يدهِ لها، يساعدها على الهبوط من مقعدها، نابسًا بنبرةٍ مطمئنة:

أيلول Where stories live. Discover now