22 - كيف هي مشاعر الحُب؟

3.1K 225 131
                                    

22 -

أتساءلُ كثيرًا.. كيفَ هو شعور الرجفة الأولى التي يُصاب بها المرء ما إن يتلاقى بنصفِ روحه؟

-

ما بعدَ منتصف الليل.

ضحكةٌ صاخبة خرجت مِن أيلول وهي تضرب كفًا بالآخرِ بيأسٍ مِن هاوي الواقف قبالتها، وهو يتمتم مسترسلا حديثًا دارَ بينهما منذُ ثوانٍ:
- وإيه يعني الوقت إتأخر؟ أنا عاوز أعمل بيتزا حالا مع مراتي!

هزت كتفيها بقلةِ حيلة، ثمَ نطقت بمرحٍ وهي تشمر عن ساعديها، تأهبًا لتجربةٍ جديدة معهُ:
- مع إني مش متمكنة من الطبخ أوي، بس معاك يا أبو الهوى!

ضحكَ بخفوتٍ ينقر على أنفها بمداعبةٍ عشوائية، ثمَ سحبها مِن يدها بهدوءٍ؛ لكي تدلف معهُ إلى حجرةِ المطبخ، وهو يردد بحماسٍ كطفلٍ صغير لايزال الشغف جزءًا منهُ:
- هعلمك إزاي تعملي بيتزا إيطالية وتبقي شيف مُبهرة.

همهمت وهي تشير لهُ بإبهامها علامةً بالرضا عنهُ وعن ما نطقَ، فابتسمَ لها ابتسامةً ودودة، وأردفَ موضحًا ما يريد؛ حتى يصنع لهما شيئًا مُحببًا لقلبهِ:

- هنحتاج يا ستي 3 كوبايات دقيق، وربع كوباية زيت، ومعلقة خميرة كبيرة، ومعلقة سكر صغيرة، ورشة ملح زي مفيش، وفي الآخر بقى كوباية ماية دافية؛ عشان العجن وكده.

مع كُلِ عنصرٍ كان يُصرِح عنهُ، كانت هي تحاول مساعدتهِ في إحضارهِ، حتى أحضرا سويًا كُل ما قال، فضربَ كفهِ بكفها، نابسًا بنبرتهِ المُحبة:
- أشطر كتكوت يساعدني.

ضحكت بصخبٍ ثانيةً، ولم تتحدث، متراجعةً للخلفِ قليلًا، ومن ثمَ جلست على كرسيٍّ خشبيٍّ بالمطبخ، تراقبهُ وهو يُجهز "عجينةَ البيتزا" بهدوءٍ واستمتاع؛ حيثُ شمرَّ عن ساعديهِ من جديد، وشرعَ في خلطِ الموادِ الجافة أولا، ثمَ أضافَ الزيت، ومن بعد ذلك سكبَ الماء الدافيء تدريجيًا أثناءِ العجنِ، إلى أن حصل على عجبنةٍ لينة ومتماسكة بشكلٍ متكامل، فصفقت أيلول ناطقةً بتشجيعٍ:

- أيوة يا شيف يا عسل.

نظرَ لها بحاجبٍ مرفوع، ثمَ غمزَ لها لتضحك بخفةٍ ملتزمةً الصمت، فتنهدَ هو، وقامَ بتغطيةِ العجينةَ ووضعها في مكانٍ دافيء نسبيًا، ثمَ نقرَ على سطحِ الطاولةِ، متمتمًا بهدوءٍ وهو ينظر للفراغ بعينينِ شبه مغلقتينِ:

- هنحتاج للصلصة؛ علبة معجون طماطم صغيرة، وواحدة طماطم متقطعة، ومعلقتين زيت زيتون كبار، ونص معلقة سكر، ورشة بودرة توم، ورشة بودرة بصل، وفلفل أسود..

مطَّ شفتيهِ بهمهمةٍ وتفكير، ثمَ التفتَ لأيلول مضيفًا بأمرٍ وهو يُشير لها أن تنهض عن كرسيها:
- تعالي يا أستاذة قطعي الطماطم.

نهضت ببعضِ الضيق المصطنع، ثمَ وقفت إلى جوارهِ، تُمسك السكين وتُقطع ثمرةَ الطماطم ببطيءٍ، وهو يناظرها بنصفِ عينٍ واستنكار، وما لبث إلا أن ضربها على يدها، نابسًا وهو يسحب السكين منها:

أيلول Wo Geschichten leben. Entdecke jetzt