الاربعون الجزء الثاني

32.3K 1.8K 322
                                    

للقلب سلطان آخر
الجزء الثالث
       من
أسيرة الشيطان
الفصل الأربعون
الجزء الثاني
¤¤¤¤¤¤¤¤
وقف نصار صامتا ينظر لجاسر بملامح مبهمة غامضة عقب ما قال ، جل ما فعله أنه ابتسم يصحح له المعلومة الخاطئة :
- بس ابن حازم سليمان كان اسمه شادي مش شهاب
ابتسم جاسر في هدوء شديد ، ركز عينيه على عيني نصار ، قبل أن يرفع كتفيه قليلا يتحدث ساخرا بلامبلاة :
- شادي ولا شهاب هو مالوش قيمة عندي عشان أفتكر اسمه ، بالعكس موته كان مفيد ليا
ومن ثم سكت عقد جبينه قبل أن يسأل متعجبا :
-بس غريبة دي أنت عرفت اسم ابنه إزاي يا نصار ؟
أرتبك نصار للمرة الأولى تقريبا الذي يتحدث هو وجاسر في تلك النقطة ، وربما غضب كثيرا مما قال جاسر فقال ما قال دون أن يأخذه حذره ، ابتسم يرفع كتفيه قليلا يتحدث بهدوء:
- دول كانوا أشهر من النار على العلم مين في مصر ما كنش يعرف حازم سليمان وابنه شادي
ضحك جاسر يومأ برأسه يكمل سخريته :
- صح عندك حق ، خصوصا الاهبل اللي اسمه شادي دا ، كان عارر أبوه الله يرحمه كان راجل طيب ربنا ابتلاه بعيل عاق ، زيي دلوقتي
أحمر وجه نصار غضبا يقبض على الأوراق في يده بعنف ، بإستماتة ابتسم في وجه جاسر يقول بهدوء :
- طب أنا هروح أشيل الورق ، وارتاح شوية وأرجعلك ، خلي بالك من نفسك ولو احتجتني كلمني
ودعه وخرج من المستشفى يتوجه إلى سيارته جلس هنا يغلق النافذة ليبحجب الرؤية عنه ، نفرت عروق وجهه غضبا يضرب المقود بكف يده ، نظر للأوراق التي بحوزته يتوعد للاخير :
- مش كفاية يا جاسر ، أنا لسه هاخد عُمر يوسف ، والاميرة مريم ، أنا هوريك الفاشل هيعمل ايه !
صمت يتنفس بعنف ، أغمض عينيه ليرى أمامه صورة مريم فابتسم ، فتح عينيه سريعا حين ابتسم يقطب جبينه مستنكرا ما حدث ، لما ابتسم وشعر بالسعادة حين مر طيفها أمام عينيه ، من سابع المستحيلات أن يكن أحب إبنة عدوه الذي يسعى بكل الطرق لتدميره ، أدار محرك السيارة ينطلق بها
______________
أوقف سيارته سريعا أمام الشركة التي يعلم أنها ملك لرعد ، نزل من السيارة غاضبا تحرك للداخل بخطى سريعة غاضبا ، توجه إلى مكتبه تلحقه المساعدة تطلب منه أن يتوقف ولكنه أكمل طريقه دفع باب غرفة مكتب رعد ؛ ليقف الأخير من مقعده ينظر إليه محتدا يصرخ فيه:
- أنت اتجننت ياض أنت ، أنت إزاي تسمح لنفسك أنك تيجي هنا اصلا
أقترب ظافر منه ، قبض على تلابيب ثيابه بعنف يصرخ فيه:
- أنت فاكرني خايف منك ، أنا هوديك في ستين داهية ، فين طرب ويونس عملت فيهم ايه ؟! ، المرة اللي فاتت خطفت يونس المرة دي خطفت طرب ويونس
توسعت عيني رعد ذهولا ، نفض يدي ظافر عنه بعنف يبعده عنه يصرخ فيه :
- طرب ويونس اتخطفوا يعني ايه ؟! ، امتى دا حصل وفين ، انطق
ضحك ظافر ساخرا يتهكم منه قبل أن يصرخ فيه يهدده :
- ايوة ايوة أعمل فيها برئ فيها ومش عارف ، طرب ويونس فين يا رعد ، بدل ما أقلب الدنيا على دماغك ، يونس مولود برة مصر معاه الجنسية البريطانية يعني حتى لو أنت أبوه وخاطفه هتروح في ستين داهية
احتدت عيني رعد غضبا كمش تلابيب ثياب ظافر في قبضة يده قربه منه يصرخ فيه  :
- أنت فاكر لو أنا اللي خطفتهم هخاف من حتة عيل ،فاكر أن تهديدك دا هيخوفني يلا ، أنا اللي هدفن حي تحت رجلي لو عرفت أنك أنت اللي أذيتهم ، صدقني مش هرحمك
دخل مساعد رعد سريعا إلى المكتب يفصل بينه وبين ظافر يحاول أن يهدئه :
- يا رعد باشا اهدا ، بدل ما يحصل مصيبة ، حصل ايه بس
ابتعد رعد عن ظافر وقف مكانه يشعر برأسه على وشك أن ينفجر ، من اختطف زوجته وطفله والاجابة تبادرت لرأسه في لحظة بالطبع والده هو من سيفعل ، أسرع يلتقط هاتفه يبحث عن رقم أبيه إلى أن وجده اتصل به مرة بعد أخرى إلى أن أجاب الأخير ليصرخ رعد فيه غاضبا :
- مراتي وابني فين يا جاسر يا مهران
سمع ضحكات أبيه من الطرف الآخر وهو يسخر منه :
- مراتك وابنك ، وأنا مالي ومال مراتك وابنك ،
آه صحيح دول اتخطفوا النهاردة على الصحراوي ، آه أنا اللي خطفتهم وابقى قابلني لو شوفتهم تاني لباقي عمرك
اشتدت يد رعد على الهاتف أحمر وجهه يصرخ بعلو صوته :
- مراتي وابني يرجعوا يا جاسر ، بدل ما صدقني بدل ما هحرق قلبك على الباقي من عيالك
لم تهتز نبرة صوت جاسر للحظة بل بالعكس ضحك يحادثه بهدوء :
- وماله يا حبيبي ، ابقى فكر بس قرب من ضل واحد فيهم وأنا ابعتلك جثة مراتك وبعدها جثة ابنك وأنت عارف إن أنا أقدر أعمل كدة ، آه صحيح أحسنلك تطلق طرب أصل أنا ناوي اجوزها لواحد حبيبي أوي ، بدل ما تجيلك ضرة ، سلام يا حبيبي أشوفك في المحكمة
وأغلق الخط في وجهه لتشتعل الدماء غضبا في جسد رعد ، صرخة عالية غاضبة خرجت من بين شفتيه قبل أن يلقي هاتفه أرضا بكل عنف وغضب ليحدث الأخير دويا عاليا ، وقف مكانه يتنفس بعنف ، ألتفت إلى ظافر يصرخ فيه :
- لو كانت معايا ما كنش دا حصل ، ما كنش خطفها ، عارف لو عمل اللي قال عليه هقتلك وهقتله
توترت نظرات ظافر رعد يبدو غاضبا للغاية ومن مكالمته مع أبيه اتضح الأمر والد رعد هو من اختطف طرب ولكن لما يفعل ذلك ، ما تلك العائلة المختلة التي اقحمت طرب نفسها فيها ؟!
أما ممدوح مساعد رعد وجاسوس نصار في الآن ذاته ، راقب جيدًا ما يحدث لأن عليه إيصال كل ما حدث هنا لنصار
__________
تحركت إلى شرفة منزلها في منزل والديها ، فتحت الشرفة على مصراعيها ، دخلت تقف هناك تغمض عينيها تلتقط قدر كبير من الهواء ، سمعت صوته يهمس باسمها التفتت جوارها لتراه يقف في الشرفة المجاورة لها يتطلع إليها حزينا نادما ، التفتت لتغادر فسمعت صوته يقول متلهفا :
- فاطمة ، عشان خاطري استني ، فاطمة أرجوكِ أنا آسف ، فاطمة ، فاطمة سامحيني عشان خاطر اللي في بطنك حتى أرجوكِ
أغمضت عينيها بسطت كف يدها على بطنها تساقطت الدموع من عينيها قبل أن تتركه وتدخل إلى الشقة أغلقت الشرفة بكل عنف وعادت أدراجها إلى غرفتها جلست على سطح فراشها تضم ساقيها ليها ، تتذكر ما حدث
Flash back
أعدت فاطمة عشاءً لذيذًا للغاية وارتدت ثوب جديد لم تفتحه قبلا وتعطرت و وضعت القليل من الزينة على وجهها تنظر إلى نفسها في المرآة ، تبتسم سعيدة اتصلت بمحمود وأخبرته أنها متعبة للغاية وعليه العودة سريعا ، وها هو على وشك الوصول سمعت صوت مفتاحه والباب يُفتح ومن ثم صوته وهو ينادي باسمها قلقا :
- فاطمة أنتِ فين يا حبيبتي ، فاطمة أنتِ فين
ومن ثم سمعت خطواته تقترب من الغرفة ورأته يدخل ، توقف مكانه حين رآها بثوبها الخلاب ، توسعت عيناه قبل أن يبتسم مدركا أنها قد خدعته ولكنها خدعة أكثر من رائعة
تبسم ثغره وتحرك إليها ينظر إليها تتحرك عيناه على كل تفصيلة بها بتروٍ ، وقف أمامها يبتسم قبل أن يقول متغزلا بها :
- ايه الجمال دا ، يا أجمل ما رأت عيني ، فاطمة أنا بحبك ، بحبك أوي ، يشهد ربنا إني بحبك من زمان ، من وإحنا عيال صغيرين ، رغم كل اللي حصل إلا أن ربنا عوضني واتجمعنا أنا وأنتِ تاني يا طمطم
ابتسمت سعيدة أرادت أن تعانقه ولكنها خجلت ففعل هو لف ذراعيه حولها يضمها إليه بقوة يتنفس عبيرها الأخاذ تنهدت برقة تبتعد عنه بخفة تنظر لعينيه بنظرات ناعسة حالمة ، مدت يدها إلى مرآة الزينة خلفها تلتقط اختبار الحمل ، أرادت أن تعد مفاجأة حول ذاك الاختبار ولكنها لم تعرف ماذا تفعل تحديدا ، مدت يدها إليه بالاختبار ؛ لترى عينيه تشخص بعنف ، مد يده يلتقط الإختبار من يدها ينظر إليها مدهوشا قبل أن يسألها مصعوقا :
- فاطمة ، الإختبار دا بجد ، أنتِ حامل بجد
اومأت برأسها وجهها يكاد ينفجر من الخجل ، رأت عينيه تدمع قبل أن يعانقها من جديد يكاد يعتصرها داخل أحضانه يبكي بقوة يتحدث سعيدا :
- أنا مش مصدق نفسي أنا قلبي هيقف من الفرحة أنا مش مصدق قد ايه عوض ربنا جميل ، أنا بحبك أوي يا فاطمة
بعد لحظات طويلة سعيدة بينهما ، ستفسدها حالا دون أن تعرف ، كانت تجلس أمام على مقاعد قصيرة أمامهم طاولة قصيرة الأقدام عليها أصناف مختلفة من الطعام ، حمحمت تهمس متوترة :
- محمود في حاجة حصلت من فترة طويلة ، بس أنا حاسة بالذنب عشان مخبياها عنك
قطب جبينه قلقا يوجه أنظاره إليها همهم يحثها أن تتكلم ، فركت يديها بعنف متوترة تهمس :
- فاكر لما اتخطفت من المريض اللي اسمه منير
ظهر الغضب واضحا على وجه محمود يحرك رأسه ، لتحمحم هي تهمس متوترة :
- لما فوقت لقيت نفسي نايمة على سرير غريب ولابسة قميص نوم ، والمريض دا قالي أنه استغل إني غريبة عن الوعي ، واعتدى عليا بس أنا مش عارفة دا حصل بجد ولا لاء ، وبعدين وراني حاجات كتير كان بيسرقها من شقتي لما كنت متجوزة نور ، و....
وصمتت حين هب محمود واقفا جسده ينتفض من الغضب ، يصرخ فيها :
- وأنتِ إزاي ما تقوليليش حاجة زي دي من ساعتها ، جاية تقوليل بعد الهنا بسنة ،ازاي تخبي عني حاجة زي دي كل الوقت دا
وقفت فاطمة أمامه تشعر بالغباء الشديد لأنها قالت ما قالت ، مد محمود يده يقبض على عضدها بقوة يصرخ فيها :
- كان لازم تقوليلي يا فاطمة ، كان لازم أعرف ، ما كانش ينفع تخبي عليا كل الفترة دي
دفعها بعيدا عنه وخرج من الغرفة غاضبا لحظات وسمعت صوت باب الشقة وهو يُفتح ويُغلق بعنف شديد ، لتنهار أرضا باكية تندم كثيرا أنها أخبرته ، ساعات مرت عليها وهي فب حالة بشعة من الألم والحزن ، لا تصدق غضبه ، هل أخبرته أنها أقامت علاقة مع ذلك الوغد برضاها مثلا ؟! ، كيف يثور ويغضب وينسى أنها لم تتركه للحظة حين دخل تلك المستشفى ليتعالج ، إنها حاولت نوبات جنونه وغضبه في خضم مرضه وإدمانه ، أيعقل أنه يظن أن الطفل بين أحشائها ليس طفله ؟! في لحظة تحولت الليلة التي كانت تظنها الأسعد إلى أسوء ليلية في حياتها ، في تلك اللحظة تذكرت نور بعد أن كان نسيه عقلها حتى لا تكن خائنة لزوجها ، علاقتها بنور كانت الأسعد لم تعاني بمقادر ذرة كما تعاني منذ بداية علاقتها بمحمود ، محمود الذي ظل يشدو ليل نهار أنه يحبها وأنه ظل يعيش على ذكرى حبها أعوامٍ وأعوام ، محمود لا يستحق أن تظل معه لدقيقة أخرى ، تلك العلاقة من بدايتها كان خاطئة ، وهي كانت الحمقاء حين استمعت إلى إلحاح إخوتها لتوافق عليه ، قامت ضبطت حقيبة ثيابها ، وبدلت ثيابها ولكنها جين خرجت من غرفتها لتغادر رأته يدخل من باب الشقة ، تجمد مكانه مصعوقا حين رآها تحمل حقيبة ثيابها نظر إليها نادما يود أن يعتذر ، رأت ذلك جيدا في عينيه وكأنها لن تقبل ، ولن تستمر لدقيقة أخرى في تلك العلاقة الرثة المهلهلة ، أغلق باب الشقة اقترب منها عدة خطوات حمحم يعتذر كما فعل :
- فاطمة أنا آسف ، أنا انفعلت زيادة عن اللزوم ، على حاجة حصلت غصب عنك مالكيش ذنب فيها ، أنا بجد آسف
ضحكت ساخرة تبتعد عنه ، ألقت الحقيبة من يدها تحرك رأسها للجانبين تصرخ في وجهه بكل بحرقة :
- آسف !! ، بكل بساطة آسف ، لاء يا محمود أنا اللي آسفة لنفسي ، آسفة إني كملت معاك في العلاقة المؤذية الملغبطة ، من أول ليلة لما طلبت منك أنك ما تلمسنيش وقتها لأني بس محتاجة شوية وقت ، رفضت وأصريت وأنا حاولت الاقيلك مبرر ، كنت حاسة بالذنب ناحيتك وأنا ماليش دعوة أصلا ، أنت سافرت وأنا اتجوزت ، ليه بقى أحس بالذنب ناحيتك ، عشان هما السبب مامتك وأخواتي السبب ، اللي فضلوا يحكولي عن حبك ليا أشعار ، وقد ايه كنت منهار لما عرفت إني اتجوزت وأن بس نفسك أن قيس يتجوز ليلى حبيبته ، بس أنا اللي غلطانة ، غلطانة عشان قررت أنسى نور وأفتح قلبي ليك وأحبك ، وبالمقابل إنت لا عرفت تحافظ على الحب اللي عمال تغني بيه ، بالعكس أنت آذتني ، وكل مرة كنت بلاقيلك مبرر ، كل مرة كنت بقول معلش معذور ، إنما خلاص كفاية ، كفاية أوي يا محمود أنا مش هعيش معاك لحظة واحدة كمان ، وورقة طلاقي توصلني بهدوء احسنلك
ومن ثم انحنت تحمل حقيبة ثيابها تتحرك صوب باب المنزل ، انتفض محمود سريعا يلحق بها أمسك بكف يدها يمنعها من الرحيل التفتت له لترى عينيه تملأهم الدموع همس يترجاها ألا تغادر:
- ما تمشيش يا فاطمة عشان خاطري ، أنا آسف اقسملك اني مش هزعلك تاني ، ولو دا حصل تاني هطلقك في نفس اللحظة ومش هتشوفي وشي في حياتك تاني ، أنا آسف يا فاطمة ، عشان خاطري ما تمشيش
ناظرته بقسوة قبل أن تجذب كف يدها من يده بعنف التفتت تفتح باب شقتها وغادرت ، تعود إلى شقة والديها حيث البداية ، ولكن تلك المرة وهي شخصية مختلفة عما كانت لم تعد مشتتة حائرة ، بل تدرك كل ما يحدث ، تدرك أنها لا يجب أن تظل في خانة الضحية طوال الوقت
Back
خرجت من شرودها الطويل تشعر بالدموع تُغرق وجهها ، قامت تتحرك صوب دولاب ثيابها ، بدلت ثيابها بفستان أنيق بسيط من اللون البني وارتدت حجاب رأسها وحملت حقيبة صغيرة ، فتحت باب شقتها تتوجه للخارج ؛ لتبصره يخرج من شقته سريعا نظر إليها متلهفا يهمس باسمها :
- فاطمة ، سامحيني يا فاطمة حقك عليا أنا آسف
لم تعيره انتباها بل أكملت طريقها نزلت لأسفل تتوجه صوب محل صغير ولكنه أنيق في منتصف حيهم ، استطاعت أن تستأجره مؤخرا بما كانت تدخر من أموال ، تعرف أن إخوتها لديهم الكثير من المصائب فوق عاتقهم ولن تجلس هي الأخرى مع تلك المصائب تنتظر دورها حتى يعيروها انتباها ، هي لم تعد طمطم الصغيرة صاحبة الخمس أعوام على أي حال ،
دلفت إلى محال الثياب الصغيرة ابتسمت للعاملة التي تساعدها فيه ، اسمها ثناء فتاة جميلة مهذبة لطيفة للغاية ، اقتربت منها فاطمة تحادثها مبتسمة :
- صباح الخير يا ثناء
ابتسمت الفتاة تحييها ، توجهت فاطمة تجلس عند مكتب صغير ، نظر لمحتويات المحل حولها ، محل ملابس أطفال لا تهدف منه للربح بقدر ما تود فقط أن يضيع اليوم هنا بين الناس بدلا من أن تمكث وحيدة تأكلها الذكريات والوحدة والألم ، تحب النظر إلى الصغار وهم فرحون بالثياب الجديدة ، تنهد تمسح وجهها بكف يدها حين نظرت صوب الباب رأت محمود يدخل إلى المحل ، توجه إلى ثوب أبيض لطفل رضيع أخذه يتوجه إليها وضعه أمامها يسألها في هدوء :
- بكام دا لو سمحتي ؟
الوغد يأتي الآن ويتصرف بكل تهذيب ، أعطته ابتسامة صفراء قبل أن تقول :
- 200 جنية
أخرج من جيب سرواله النقود وأعطاها لها فطلبت من ثناء أن تضع له الثوب في حقيبة صغيرة ، وقف أمامها ينظر إليها بجانب عينيه قبل أن يتنهد يقول :
- على فكرة والدتي هترجع بكرة من العُمرة ، وبتقولي أنها دعتلنا كتير أوي ، فرحت أوي لما عرفت أنك حامل ، أنا بس هيصعب عليا حالها لما ترجع تلاقي الوضع بينا بالشكل دا
أعطته نظرة قاسية قبل أن ترتفع شفتيها بابتسامة باردة تقول :
- الوضع دا أنت السبب فيه مش أنا ، وياريت نقصر على بعض الطرق عن كدة وتطلقني ، أنا لحد دلوقتي مش عاوزة أقول لعاصم أو جاسر يطلقوني منك ، وعايزة الموضوع يخلص بينا
ظل ينظر إليها للحظات طويلة دون كلام ، إلى أن جاءت العاملة وأعطته الحقيبة الصغيرة أخذها منها يوجه حديثه لفاطمة :
- أنا مش هطلقك يا فاطمة ، قولي لعاصم ولجاسر قولي للدنيا كلها ، ما حدش هيقدر يجبرني إني أطلق مراتي أم ابني أو بنتي ، عن إذنك
وترك المتجر وغادر بينما قبضت كفيها تشعر بالغضب والغيظ الشديد منه !
____________
فتح عينيه حين سمع صوت الباب يُفتح ،رفع رأسه قليلا عن الوسادة لا يزال متألما ورأسه يلتف بعنف ولكنه أحسن حالا مما كان عليه ، نظر لمن دخل توسعت عينيه حين رأى مرام تدخل إلى الغرفة تحمل بين يديها باقة أزهار ، تقدمت نحوه تبتسم في وجهه جلست على المقعد المجاور لفراشه تبتسم لحظة اثنتين ثلاثة قبل أن تكور قبضتها غاضبة تصدمه على كتفه بكل غل تحادثه حانقة :
- تعرف أن أنا قولت أن أنا مش هكلمك تاني أبدا ولا هبص في خلقتك ولو شوفتك هشتمك ، فجاءة اختفيت واتصل بيك موبايلك مقفول ومش عارفة عنك أي حاجة ، لولا أن أخوك جالي وقالي أنك عملت حادثة ومحجوز في المستشفى ، وبعدين ثواني إنت مش قولتلي أن أخوك مات ، أنا لما شوفته اتصرعت وهو فضل يقولي والله أنا مش عفريت
ضحك زين رغما عنه ، بسط كفيه على سطح الفراش يعتدل جالسا ، نظر للأزهار قبل أن يعاود النظر إليها ابتسم يعتذر منها :
- أنا آسف ، صدقيني كان غصب عني ، ما كنش نفسي الأجازة تبوظ كدة
حركت رأسها للجانبين سريعا ، على ما يعتذر الأحمق على أن حادث أصابه ، تنهدت تقول :
- ما تعتذرش يا زين ، هو بمزاجك يعني الحمد لله أنك بخير ، أنا ما كنتش متضايقة منك قد ما كنت قلقانة ،كنت واثقة أن في حاجة حصلت ، بس الحمد لله عدت على خير ، بس أنا مش فاهمة هو أخوك عايش إزاي ؟
مرام لا يجب أن تعرف الحقيقة الآن ، الأمر معقد أكثر مما تظن ابتسم يغير دفة الحديث :
- هحكيلك كل حاجة بعدين ، هو أنتِ خلاص هترجعي القاهرة ؟
اومأت برأسها تنهدت قبل أن تقول متضايقة :
- ايوة ، هسافر بكرة جواد عمال يتصل بيا عشان الشغل المتعطل ، وبابا وماما كل يوم يقولولي ارجعي بقى ، محسسني إني مسافرة بقالي 30 سنة
ضحك زين بخفة ، نظر إلى باقة الأزهار مرة أخرى قبل أن يعاود النظر إليها يقول مبتسما :
- من حقهم يقلقوا عليكِ ، على فكرة الورد حلو أوي ، مرام هو أنا ممكن اسألك في سؤال
ضحكت بخفة حين تذكرت تلك الجملة من أحد الأفلام اومأت برأسها لترى نظراته تتوتر ابتلع لعابه عدة مرات يحاول استجماع شجاعته يقول :
- هو أنتِ موافقة تغيري لقبك من الآنسة مرام عمرو ، لحرم المهندس زين عاصم ؟
لحظتين من الصمت توسعت فيهم حدقتي مرام في ذهول ، رمشت بعينيها عدة مرات تحاول أن ترتب ما قال فجاءة دون مقدمات ، دق قلبها بقوة من مجرد صورة عابرة رسمها الذهن سريعا لها وله بفستان أبيض وحُلة سوداء ، شعرت بسعادة لم تشعر بها من قبل حتى مع شريف نفسه ، توترت للغاية شعرت بالخجل يُغرق كيانها ، وهي لم تكن يوما بالفتاة الخجولة ، تخبطت في جلستها قامت من مكانها تتحدث متوترة :
- حمد لله على سلامتك يا بشمهندش
قطبت جبينه متعجبا ما حدث ، أما هي فتحركت سريعا صوب باب الغرفة مدت يدها تفتح الباب ولكن قبل أن تفعل ، التفتت إليه ابتسمت وقالت :
- هحددلك معاد مع بابا يا حضرة المهندس زين عاصم
توسعت عينيه فرحا ، وشقت ابتسامة كبيرة شفتيه يحرك رأسه موافقا سريعا ، رفع يدها يضعها على رقبته يتنهد حالما سعيدا
أما في الخارج فجلس عمار جوار عاصم يتأفف متضايقا ، والده يلتصق به كالعلكة يتبقى فقط أن يدخل معه إلى المرحاض ، تلك المشاعر الأبوية الحنون التي يصر عاصم على أن يحيطه بها تجعله في ضغط نفسي بشع ، تجعله يشعر بالكثير من المشاعر المبعثرة السيئة وخاصة الندم على كل ما فعل ، تذكر ما عاش عليه لسنوات ، واحتاجه بشدة الألم هو علاج الندم الوحيد ، يود أن يشعر بالألم والآن
قام من مكانه ليقطب عاصم جبينه يسأله :
- رايح فين يا عمار ؟
تأفف في نفسه التفت ينظر إلى أبيه يقول :
- رايح الحمام ، عن إذنك
وتحرك من أمامه سريعا يبتعد عن محيط هالته التي يصر على أن يلفه بها ، سرق مشرط طبي من إحدى الغرف وتوجه إلى المرحاض ، دخل هناك ينظر حوله من الجيد أن المرحاض فارغ لن يستغرق الأمر لحظات معدودة لن يحتاج لأن يغلق الباب عليه ، نظر لانعكاس صورته في المرآة لاول مرة ترتجف يده وهو مقدم على ما اعتاد فعله لسنين وسنين ، الأمر أشبه بحقن الجسد بجرعة مخدر فاخرة ، أغمض عينيه بقوة قبل أن يحرك المشرط على ذراعه شعر بالألم في بداية الأمر ولحظة وشعر بحرارة جسد جواره واختفى الألم ويد شخص ما وضعت على ذراعه ، فتح عينيه سريعا لتجحظ عينيه ذهولا حين رأى عاصم يقف أمامه وأن المشرط جرح كف يد أبيه ، انتفض يلقي المشرط من يده ينظر للجرح الذي سببه على كف عاصم مذعورا ، رفع يديه يشد على خصلات شعره يصرخ فيه :
- أنت ايه اللي جابك ورايا ، أبعد عني وجودك جنبي هو السبب ، وجودك هنا بيأذيني ، أخرج من حياتي أبوس إيدك أبعد عني
لم يهتم عاصم بما قال بل أقترب منه ، مد يده يقبض على عضده ليصبح جرح ذراعه قريب منه نظر إلى الجرح ، يزيح قميص عمار لأعلى لتظهر الكثير من الآثار توسعت عيني عاصم ذهولا أثر ما رأى يصرخ فيه :
- أنت بتعمل في نفسك كدة ليه ، أنت مش عارف أنك هتتحاسب على اللي أنت بتهببه دا ،بتأذي نفسك ليه انطق
نزع عمار ذراعه من يد عاصم ابتعد عنه عدة خطوات للخلف ارتجف جسده ثارت دموعه يصرخ بحرقة :
- بسببك ، أنا كنت بطلت أعمل كدة ، إنما وجودك جنبي بيفكرني بكل القرف والأذى اللي أنا عملته ، الندم بينهش فيا ، الندم ما يقتلوش غير الألم أنا صاحب المذهب دا ، أبعد عني بقى ، وجودك بيأذيني اخرج من حياتي
اقترب عاصم من عمار يزيح أكمام قميصه رفع يده ودون مقدمات لكمه بعنف ، ترنح عمار للخلف ينظر إلى عاصم مصعوقا ليقول الأخير :
- عايز تحس بالألم ، غالي والطلب رخيص
اقترب عاصم من عمار قبض على تلابيب ثيابه رفع يده يود صفعه ؛ ليغمض عمار عينيه بعنف يشهق في البكاء كطفل صغير خائف يهمس يتوسله :
- ما تضربنيش زيه ، أرجوك
تجمد جسد عاصم يشعر بالألم يجتاحه ، نظر إلى عمار الذي ينتفض أمامه ، شده إلى أحضانه يعانقه بكل قوته لأول مرة يتمسك عمار به ، لأول مرة ينفجر عمار في البكاء بين ذراعيه ، وهو يردد جملة واحدة :
- أنا خايف ، خايف يا بابا !!
شدد عاصم على عناق عمار يمسح على رأسه ، يربت على ظهره وكأنه يعانق طفل في السابعة يهمس مترفقا بحاله :
- أوعى تخاف يا عمار ، أنا جنبك مش هسيبك تاني ، صدقني هدفعه تمن اللي عمله فيك غالي أوي ، بس عشان خاطر زين ما تأذيش نفسك تاني
تمسك عمار بثياب أبيه يستشعر منه الأمان، ظلا هكذا طويلا قبل أن يبتعد عمار عن عاصم ،  رفع عاصم يده يمسح الدموع عن وجه عمار ليرى عمار كف يد عاصم وهو يغرق في الدنيا بفعل الجرح الذي سببه له ، انتفض يبتعد عنه يشير للجرح يتحدث بحرقة :
- مش قولتلك ابعد عني أنا مؤذي ، شوف بسببي حصلك ايه
نظر عاصم لكف يده قبل أن يعاود النظر لعمار يقول مبتسما :
- صحيح زي ما عورتني تعالجني ، اتفضل
مد عاصم يده صوب عمار الذي وقف مترددا لعدة لحظات قبل أن يتوجه سريعا يغسل كف يد عاصم من الدماء ، رفض عاصم تماما تدخل أي من الممرضات وأوكل المهمة إلى عمار الذي جلس أمام عمار يطهر له جرح كف يده قبل أن يلف الضماد عليه ، نظر إلى عاصم يعتذر منه :
- أنا آسف ما كنش قصدي آذيك
ابتسم عاصم ، رفع يده يربت على وجه عمار برفق ، توتر عمار يسأله :
- هو أنت مش ناوي تسافر ؟
حرك عاصم رأسه للجانبين كتف ذراعيه أمامه يحادثه ساخرا :
- أولا اسمها حضرتك مش أنت ، ثانيا لاء مش هسافر أنا عجباني القاعدة هنا ، مش هسافر غير لما اشوف عيالك ، ما قولتليش صحيح لسه مش عايزني أكلم أبو رقية ، هخلصلك الحوار وأنا هنا باين أنك بتحبها قول ما تتكسفش
ضحك عمار رغما عنه يحرك رأسه يائسا !!
____________
لا تعلم كم مر من الوقت عليها وهي تغط في نومٍ مزعج ملئ بالكوابيس ، ولكنها في خضم تلك الكوابيس البشعة كانت تشعر بيد أحدهم تربت على رأسها وصوت دافئ يهدئها ، فتحت عينيها فجاءة تنظر حولها لحظة واثنتين وثلاثة إلى أن تذكرت أنها في غرفة حسين في منزل خالها عاصم ، وها هو حسين ينام مجاورًا لها ، ليس نائما هو فقط يتمدد جوارها عينيه مفتوحة ينظر إليها ، ابتسم في وجهها ما أن استيقظت ، انتصفت جالسة في صمت ، ضمت ركبتيها إليها حاوطتهم بذراعيها تنظر أمامها في الفراغ انهمرت الدموع في لحظات من عينيها ، انتفض حسين يجلس جوارها ، جذبها لأحضانه لم تقاوم فقط استندت بجسدها إلى صدره  وبكت ، وظل هو يهدئها بكلمات لا جدوى منها ،  تمسكت به تتحدث بحرقة :
- أنا مش مصدقة أن رعد عمل كدة يا حسين ، أنت ما شوفتوش وشه وهو بينادي على يوسف قبل ما يضربه بالرصاص ، ويوسف عمره ما آذاه ، بالعكس دايما كان بيدافع عنه ، لما بصله ، بصله وهو مديله الأمان ، نظرة الألم اللي كانت على وش يوسف ما كانتش من الرصاصة قد ما كانت من الصدمة أن رعد هو اللي ضرب الرصاصة دي ، أنا مش مصدقة أن رعد وصل بيه الحال لهنا ، أنا بقيت خايفة منه ونفسي انتقم منه على اللي عمله ، أنا مش عايزة أرجع البيت يا حسين مش هقدر والله ما هقدر
ظلت بين ذراعيه وهو يتذكر الحكمة التي تقول رب ضارة نافعة ، ولكنها لن تكن نافعة في حالتها تلك ، ظل يهمس لها بكلمات من قبيل أنه جوارها ولن يتركها وأن كل شيء سيصبح على ما يرام ، حين هدأت قليلا دُق باب غرفتهم تركها حسين وقام يفتح ليرى مراد أمامه يغمغم سريعا مذعورا :
- استر نفسك بسرعة عمك جاسر جاي على الأوضة أنا حاولت أخره
نظر مراد إلى حسين من أعلى لأسفل قبل أن يقول ساخرا:
- حسرة قلبي عليك وأنا اللي كنت فاكرك  بتجيبلي عيال رزلين شبهك يقولولي يا عمو ، على العموم عمك جاسر جاي ورايا
تنهد حسين ساخرا يصدم مراد على رأسه الوغد سيلقنه درسا ، رأى جاسر يقترب منهم أشار إلى حسين ليتنحى عن الباب يوجه حديثه إليه :
- سيبني مع چوري شوية لوحدنا
ومن ثم دخل إلى الغرفة حيث ابنته ، يغلق الباب في وجه كل من حسين ومراد ، ضحك مراد ينظر لحسين يتشمت به :
- دا أنت هيطلع عين أهلك لما يبقى حماك رسمي
ابتسم حسين يكتف ذراعيه ينظر لشقيقه ساخرا يتهكم منه :
- دا على أساس أنه مش هيبقى حماك إنت كمان
أصفر وجه مراد وتوسعت عينيه فزعا نظر إلى شقيقه يتمتم مذعورا :
- دا هيعملني ممسحة مطبخ ، يا ليلة بيضا دا ما بيطقنيش لوحده ، ما أنا ما كنش ينفع أروح أكل فطاره كل يوم !!
_______________
في المستشفى .. في غرفة يوسف ، لم تفارق ملاك يوسف ولو لحظة رغم محاولات جاسر لإقناعها ، واتصالات والدتها التي صرخت فيها مرارا وتكرارا أن عليها أن تعود ولكنها لم تستمع ظلت جالسة جواره ، رغما عن الجميع تنظر لوجهه وهو غائب عن الوعي ، إلى أن رأته يتأوه متألما ، انتفضت قلقة أما هو فحرك جفنيه المغلقين شيئا فشيء إلى أن فتح عينيه أخيرا ، شقت ابتسامة كبيرة شفتيها حين رأته قد استيقظ رفع يده السليمة إلى رأسه يتأوه متألما ، نظر حوله ليدرك أنه في غرفة مستشفى ، وجهها وابتسامتها كانوا أول ما رأى ، ابتسم متعبا منهكا فتح شفتيه يعتذر منها :
- سامحيني يا ملاك ، أنا آسف ، أنا بحبك أوي والله ، بحبك أكتر مما تتخيلي...
أغرقت الدموع عينيها تُحرك رأسها بالإيجاب ، تقاطعه قبل أن يكمل تقول سريعا :
- أنا مسمحاك يا يوسف ، وكل اللي فات هننساه كأنه ما حصلش ، أنا كنت هموت من الخوف لما شوفتك واقع على الأرض غرقان في دمك ، حسيت إني هبقى يتيمة تاني من غيرك يا يوسف
ابتسم لها سعيدا ، مد ذراعه السليم إليها يطلب منها مساعدته :
- طب ساعديني عايز أقعد
اقتربت منه تحاول أن تساعده ، أراد أن يدفع جسده بقدميه ولكن قدميه لم تستجب له !! ، توسعت عيناه ذعرا ينزع ذراعه من كف يدها يحاول أن يحرك قدميه لا شيء ، قدميه ترفض الاستجابة ، نظر إليها مرتعبا قبل أن يتمتم منهكا مذعورا :
- ملاك أنا مش عارف أحرك رجليا الاتنين ، ملاك رجليا ما بتتحركش
توسعت عيني ملاك قبل أن تصرخ مذعورة مما جعل تلك الممرضة التي تقف عند باب الغرفة تحمل في يدها مصل به سُم أعطاه نصار إليها ليتخلص من يوسف عقابا لجاسر على ما قال ، ترتبك بشدة ابتعدت عن الغرفة تتوجه إلى مرحاض بعيد ، أخرجت هاتفها تطلب رقم نصار تحادثه متوترة :
- الحق يا نصار باشا الولد اللي اسمه يوسف ، تقريبا حصله شلل مش عارف يحرك رجليه الاتنين وعمال يصرخ ، أعمل ايه دلوقتي
تعالت ضحكات نصار العالية ، لا يصدق تسير أفضل مما يتصور ، يوسف الشوكة الذي كان يخشى منها انكسرت على ما يبدو وجاسر سيعيش المرار والألم والقهر وهو يرى ولده قعيد لا يقدر على الحراك بفعل من ، ولده الآخر يالها من لعبة مسلية تُلعب لصالحه وجه حديثه للممرضة يردف ضاحكا :
- لالا مش محتاجينه خلاص ، ارميه دا كدة الموضوع أحسن بكتير ، هبعتلك باقي فلوسك سلام يا حلوة
___________
في منزل نصار أغلق الخط مع الممرضة يضحك بعلو صوته سعيدا ، التف حول نفسه ينظر لحوائط الغرفة حوله التي تحوي صور الجميع ، ها هي خطته تسير لصالحه ، تبقى فقط مريم لم تكن ضمن الخطة ولكنه يبدو أنه أحبها ، والحياة معه ستكون أفضل بكثير من حياة القحط التي على وشك أن يلقي جاسر فيها هو وعائلته ، أما الصغيرة مريم فستصبح دمية لطيفة في فراشه ، رن هاتفه تلك المرة برقم ممدوح مساعد رعد ، فتح الخط ليجد ممدوح يغمغم سريعا :
- ايوة يا نصار باشا ، جاسر مهران خطف مرات رعد وابنه ، ورعد شايط وواضح أن اللي حصل دا مش هيعدي على خير
ضحك نصار منتصرا جميع خيوط اللعبة في يده الآن وهو المنتصر ، أغلق الخط مع ممدوح يتصل بجاسر يقول له :
- ايوة يا جاسر ، جاسر أنا عاوز اتجوز مريم ، أنا خلاص ما بقتش قادر أعيش من غيرها، أنا عارف أنك هتشوف كلامي دا وقاحة ، بس إحنا أصحاب وأنا دايما صريح معاك قولت ايه
- النهاردة الخميس ، الخميس الجاي فرحكوا مبروك يا نصار !
__________
خلص الفصل

أسيرة الشيطان الجزء الأول + الجزء الثاني+ الثالثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن