الفصل الثالث : ارجوك ! "الجزء الاول"

837 23 3
                                    

"امل"
كنت استعد في غرفتي وقمت بكي زيي الابيض والتحضر جيدا ، فهذا هو اول تدريب عملي فعلي لنا ، وسنعيش اليوم ولمدة شهرين من الان ، في بيئة اردت ان اجربها طيلة فترة دراستي ، خرجت من المنزل بعد سماع دعاء الوالدة لي بالتوفيق ، وتمني كل من والدي وزيد لي بالتوفيق ،اما وليد فانا نسيت ان اخبركم بانه قد عاد الى مكان معيشته منذ اسبوع انقضى .
خرجت وعلى عاتق افكاري بانه يجب علي ان انجح مهما كلف الامر ، صعدت الى السيارة وفتحت احدى قنواتي الموسيقية الخاصة ، وبدات ادندن ، محاولة تغيير مزاجي .
في الحقيقة انا اليوم مزاجي معكرٌ صفوه كثيرا ، فانا مزاجية الى ابعد الحدود ، وهذا هو احد الايام الذي سيظهر فيها مزاجي السيء ، لذلك احاول قدر المستطاع باقناع نفسي بانه يوم جديد وعلي التفاؤل به .
ركنت السيارة في احد اركان موقف السيارات وترجلت منها ، حملت الزي ومعصمي الايسر يحتضن بعض الكتب الثقيلة كعادتها ، وانظر الى ساعتي وامضغ بعض اللبان لاذهب عني بعض التوتر ، تبقى نصف ساعة على موعد الالتقاء ، جيد هناك وقت لاراجع بعض المواضيع ، رفعت راسي لاستمر بالسير بشكل افضل ، وانا اسير متوجهة الى بناء المشفى ، وجدت شخص ملقى على الارض بين سيارتين ، بدات يداي بالارتجاف ، فانا احاول السيطرة على افكاري ومشاعري منذ الصباح ، توجهت له وانا ممتلئة بالخوف ، تقدمت من الشاب وانا كلي تساؤل " هل هذا سيكون اول شخص ساعالجه ؟ ، هل ساعالجه هنا وفي هذا المكان ؟ ، هل هو ميت ؟" ، تقدمتُ منه وانا على عجل ، يبدو شاحباً مصفراً ، امسكت بمعصمه وحاولت جس نبضه ، كان غير منتظم بتاتاً وانفاسه متقطعة وعرقه يتصبب من على جبينه ، ضربته على وجهه عدة مرات ليستقيظ ، لكن لا فائدة ترجى من ذلك ، بدات دقات قلبي تتراقص بشكل جنوني ، قلقت عليه ، وانا لا ادري ما الذي علي فعله ، عقلي مغلق تماما ، وكانني لم ادرس مثل تلك الحالات عشرات ، بل مئات المرات ، بدات دموعي تنحصر على مد جفوني ، وانا ارفض استسلامي لها واحول بين فيضانها ، بدا صوتي يخرج متقطعا متوترا واصارخ " يا شاب ، استيقظ ، هل تسمعني ، حرك احدى يديك لتعلمني ان كنت تشعر بوجودي" ، مسكت هاتفي النقال واردت الاتصال على احد قد يكون الان في بناء المشفى ويساعدني على ادخاله ، فلا فائدة ترجى من النداء عليه "ساتصل الان على احد ما ، ربما يوسف" ، قلت ذلك بصوت يدل على العزم لاخفاء التوتر ، وما ان مسكت هاتفي النقال ، حتى شعرت بقبضة اشبه بقبضة افعى ملتفة على فريستها حول معصمي ، نظرت متوترة للشاب " لا تتصلي ، اتركيني لوحدي " ، سمعته يقول هذه الجملة وهو يحاول النهوض والتركيز " هل انت بخير ؟ هل تشكو من شيء ، هل اصابك مكروه ؟" وبدات انهال عليه بالاسئلة حتى فاض مجرى دموعي ، لم استطع ابقاؤها محبوسة وانا في تلك الحالة وفي ذلك المزاج السيء ، وفي الواقع لم اكن لابكي عليه ، ولكن حادثة رؤيته جعلتني افقد ما تبقى من اعصابي وجعلت مشاعري تفلت من بين ضلوعي لتخرج على هيئة دموع .
رايته كيف يحاول ان ينهض بشكل اسرع ونظرات الحيرة بادية على وجهه ، وما ان شعرت بقبضته تزداد شدة على معصمي ، رفعت راسي ومسحت اثار الدموع ، وحاولت الابتسام .
"هل انت بخير ؟" - سالته .
ولكنه لم يكن ليجيب .
" هل تحتاج الى مساعدة ما ؟" - اساله وابتسامة الحيرة تعلو ملامحي .
ولكن سرعان ما انتفض جسمي لدى سماعي لنبرة غضبه الهائجة " قلت اذهبِ ، الم اقل ذلك ؟ ، انا لا احتاج الى مساعدتك ، ابتعدِ عني فوراً "
صراخه وغضبه زادا من رغبتي في البكاء ، بدات الدموع تتجمع في جفوني ، ادرت راسي ، وحاولت افلات معصمي من بين يده السجينة ، ولكنه ما زال كان مصمما على الامساك به وبشدة ، نظرت له بعد انقضاء ثوانٍ في المحاولة ، دموعي ما زالت محبوسة " اتركني" ، قلتها من بين اسناني ، ترك معصمي بسرعة وكان افعى لسعته ، نظرت الى اغراضي المبعثرة بجانبي ، تلطخ زيي الابيض بالاتربة الرطبة التي علقت به وابت الرحيل مكونة بقع بنية داكنة ، تاففت من بين دموعي وانا ما زلت ابحث عن ما ان كان هناك اي اغراض مبعثرة اخرى ، وذهبت عنه مسرعة .

فوضى الفانيلياWhere stories live. Discover now