"الجزء الرابع"

517 21 0
                                    


توقف يوسف وامل في مكان عالٍ يطل على احد شوارع المدينة المزدحمة بالسيارات .
راى يوسف كيف هي مغمضة اعينها ، سامحة لهمسات الهواء الساخنة تداعب وجهها ، هو يعلم بانها تحاول ارجاع دموعها الى مكانها وعدم فيضانها ،كان يراقبها منذ مدة وهو يعلم انها لا تشعر بخير بتاتاً ، وهي تمتلك مزاجاً حاداً ، حيث اي موقف صغير قد يؤثر عليها .
مد يده باتجاه ذقنها ملاحظاً خط الدماء الرفيع ، كانت يده على بعد مليمترات من وجهها ، الا انه استوقفها بعد استيقاظه من سرحانه ، وتنهد بقوة ، والتفت الى المكان التي تنظر اليه .
يوسف"بصوت هادئ" : لماذا تفعلين هذا بي ؟ ، او حتى كيف تفعلين هذا بي ؟
- فتحت امل اعينها والتفتت اليه لثوانٍ واعادت نظرها الى الامام .-
امل"والرجفة تصاحب صوتها الشاحب" : ما الذي تقصده ، لم استطع فهمك ؟ .
التفت لها يوسف : عندما اشعر بغضب تحولينه الى هدوء وسكينة ، وعندما اشعر بالم تشغلين بالي عنه ، وعندما لا اشعر تجعلينني امتلا بفرح لا اعلم من اين قد اتى، كما هو الحال الان ، كنت غاضبا الى درجة كان فيها من الممكن ان احطم اي شيء كان قد يكون امامي ، لكن بتعابيرك هذه جعلتيني اعلم كم اني ضعيف ، لماذا تحاولين ان تكوني قوية دائما ، وتحاولين حماية الجميع ؟ ، هذا شيء عهدته بك منذ بداية التقاءنا ، حتى عندما اصطدمت بكِ يوم الحادث ، و وضعتك بين ساعدي كنتَ تتفوهين بكلمات اعتذار ، لا اعلم حتى لمَ قد تعتذرين حتى وانتِ على حافة حياتك ؟ من انتِ امل ؟
التفتت له امل وكان وجهها مليء بنظرات عدة ، لكنه في داخلها وبكلماته تلك جعلها تشعر بالهدوء ، وكأنها اول مرة تشعر به منذ بدئها بالتدريب .
امل"بابتسامة دافئة" :  هذه اول مرة احد يقوم بتهدئتي بهذه الطريقة حيث يقوم بطرح اسئلة تحوي الاجابة والاستفسار معاً ، في الحقيقة لم افهم حرفيا الذي قلته و لا اعلم كيف استطيع فعل كل هذه الامور ، فانا لست بهذه القوة التي تعهدها بي وتتوقعها مني  ، ولكنني شعرت بالذي تحاول قوله ، واعتقد ان مشاعرك التي اردت ايصالها لي ، قد وصلتني تماماً ، "التفتت اليه بابتسامة" اشكرك .
نظر لها بابتسامته الاكثر دفئاً على الاطلاق وعيناه تنظر لها بدفء ، " حتى في هذه المرة غيرت يومي العصبي بابتسامتها الخاطفة هذه " .

بعد هدوء كلاهما ، عادا الى بناء المشفى للعودة الى تدريبهم ، لمحهم دانيال وهم يدخلون سوياً واستطاع ان يستشعر من ملامحمها الهدوء والاطمئنان ، ورآها كيف تبتسم له بدفءٍ لم يعهده بها طيلة فترة مراقبته لها .
تقدم كل منهما الى مكان تدريبه ، وهم دانيال بالتقدم نحوهما .
دانيال : هذا جيدٌ فعلاً ، تهرب اثناء التدريب ، ما الذي تعتقدون انكم تفعلونه ؟
يوسف "ببرود" : اعتقد حتى لو اننا متدربين يحق لنا باخذ استراحة بعد يوم متعب كهذا ، ثم انها لم تتجاوز العشر دقائق .
نظر الى امل ثم تكلم : استراحة ولكن ليس بوقت مليء كهذا ، عودوا الى اماكنكم بسرعة .
عاد كلاهما الى منطقة تدريبهما الخاصة ، وقاما بالعمل حتى انتهاء مناوبة العمل الصباحية ، وبدا الجميع بالاستعداد للمغادرة ، سمع دانيال متدربيه يتفقون على الذهاب الى مكان ما يمكنهم فيه الدراسة قليلا بالاضافة الى تناول الغداء وكان بينهم يوسف وامل بالطبع .
شعر للحظة بانه لو امكنه الذهاب معهم ، في الحقيقة هو لم يستطع العيش حياته الجامعية على هذه الشاكلة ، كان يقضيها بين دراسة ونوم وعمل ، لم يكن لديه احد .
امل ويوسف بخروجهم مع الزملاء استطاعوا تغيير مزاجاتهم المزدحمة بالمشاعر السيئة ، وتحويلها الى مشاعر ايجابية .
عاد الجميع الي بيته بعد يومٍ شعر الجميع بانه مرهق حد الموت ، وحاول الجميع بالقاء تعبهم على السرير ليستعدوا الى اليوم الذي يليه .

كان يومٌ جامعي اخر بدا الجميع يستعد له ، خرجت امل من بيتها وعيناها منتفخة ناعسة تشعر بارهاق ، فهي لم تكتفي بعد من النوم ، وصعدت السيارة متوجهة الى الجامعة .
ترجلت من سيارتها بعد ركنها في احد المواقف مهرولة بعد نظرها لساعة يدها ، لم يتبقَ سوى القليل على بدا محاضرتها ، وهي لا تريد ان تتاخر في الصباح ايضا .
رات باب قاعتها يغلقه احدً ما ، فاسرعت لفتحه لتدخل ، واعتذرت دون ان تنتبه لايٍ كان هو ، حتى سمعت صوته يقول ، "كدتِ ان تتاخري ، لا تقومي باعادة الكرة مرة اخرى" ، شعرت بانها تعلم هذا الصوت لكنها سمعته مراراً وتكراراً بنبرة  غير هذه ، هذه النبرة يملؤها الهدوء ، حتى رفعت راسها وما شعرت بنفسها الا انها تبعد نفسها الى الخلف بضع خطوات تلقائياً ، وبدات نبضاتها بالاضطراب .

فوضى الفانيلياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن