الفصل الخامس : صواب ام خطأ / " الجزء الاول"

372 17 5
                                    



لم تصدق امل ما سمعت ، توقفت برهة عن اصدار اي حركة او صوت وغاصت بافكارها " لعله يمزح اليس كذلك ؟ ، ان لم يكن كذلك ما الذي يريده بحق الله فجاة هكذا ؟" ، قاطع حبل افكارها يوسف : بماذا تفكرين ، انتي ستتزوجينني على اي حال .
- ما الـــ... ما الذي تقـ.. تقصده بحق الله ؟ هل جننت او ضربت على راسك ؟ ما هذا الامر فجاة ؟
- لمَ انتِ متفاجئة هكذا جداً ، انتِ لم تفكري بي بمثل هذه الطريقة ابداً اليس كذلك ؟ ... مممم لكن ما الذي استطيع فعله انا لا استطيع تركك لهذا الاحمق
- مممـــ.. ماذا ؟ انت تريد فقط الزواج مني بسبب دانيال ؟
- وهل هناك سبب اخر ؟
"الدموع تجمعت بعينيها" : هل تحسبني حمقاء ؟ انت و دانيال اهتما بشؤونكما الخاصة دون ادخالي بينكما ، انا لن اسمح لكما بذلك ، وفعلا يوسف انا .. انا لم اتوقع منك ان تفعل بي هكذا ، لم اصبحت معي هكذا ؟
- وكيف توقعتِ مني ان اعاملك عندما اجدك بهذا الحال ؟ "اجابها بسخرية"
 - واي حال هو هذا ؟ ماذا بي وما بحالي هذا ، هااا ؟ "بنبرة عالية"
- انتِ ودانيال .

لم تجبه امل لان دموعها بدات بالسقوط دون اذن منها ، فالتفت مبتعدة عنه وتوجهت الى سيارتها دون ان تستمع لاي كلمة اخرى منه وتوجهت الى منزلها وما ان اغلقت الباب على نفسها بدات تبكي وتنوح الماً ، لم تتوقع ابداً ان يعاملها يوسف بمثل هذه الرخاصة ابداً ، لقد جرحت مشاعرها كلياً ، لم تستوعب فكرة انها تتزوج من اجل ارضاء نزوةُ فوزٍ لاجل شخص ما ، وما هو الا يوسف ، الذي لطالما احترمته واعجبت به لعفويته وطيبته .

لم تستطع ان تذهب الى عملها ليومين متتالين حيث انها اصيبت بحمى شديدة اثر توترها وضغطها النفسي فقامت باخذ اجازة مفتوحة  مستعجلة لتهدئ من روعها قليلا .
استمرت اسبوع على هذه الحالة حتى اتصل بها دانيال
- ماذا امل ؟ الم تتعافي بعد ؟ انت تجعلينني اقلق هكذا ، هل آتي للزيارة اليوم
- لا ، لا باس اصبحت بخير الان وسابدا العمل غداً في المناوبة الليلية ، لذا لا تقلق .
- حقاً ؟ من الجيد سماع ذلك ، كنت قلقاً عليكِ طيلة هذا الاسبوع
- لا تقلق اصبحت بخير الان ، اذاً .. اراك لاحقاً .
- اوه حسناً اراكِ لاحقاً .

اغلقت امل مكالمتها مع دانيال وعادت الى تناول الطعام بشراهة .
- ههههه على رسلك امل ، لن يسرق احد الطعام من امامك لذا لاتقلقي . "يحدثها وليد"
- أحقاً ؟ ، لقد ظننت انك عدت لسرقة طعامي فقط .
- مااذاا ؟ ، انتِ لئيمة معي فعلاً ..... خذِ .. خذِ تناولي كل هذا .
- آآه جيد ، ساتناوله كله ، فانا بحاجة للطاقة .

بعد مرور يومها هذا ، استعدت في مساء اليوم التالي لخوض حرباً لا تسطيع الخسارة فيها بتاتاً ، خرجت من منزلها وهي مستعدة على اكمل وجه لتواجه من يريد تحطميها .
عند وصولها الى المستشفى سارعت الى تبديل ملابسها عند رؤيتها  حالة الفوضى التي بها المستشفى وبدات بعملها .
اما بالنسبة الى يوسف ، فلمحها اثناء تجواله باحثاً عنها ، فهو الاخر لم يفوت فرصة تواجده في نفس مناوبتها عندما استعلم عن امورها ، اقترب الى حيث توجد وشدها من معصمها دون ان ينبس ببنت شفة مبتعدين عن جميع الفوضى التي حولهم وصعدا الى السطح ، رات امل ان دانيال ايضا على السطح ولكن لم تعلم لماذا .
- اوه دانيال ! هل انتظرت طويلاً .. اعتذر اعتذر ، تاخرت لاتي بامل " دفعها بقوة الى حيث يوجد دانيال لتكون بالمنتصف بينهما"
- لمَ انتِ هنا ؟ ، هل اذاكِ مرة اخرى ؟
همت امل بسؤاله هي الاخرى الا ان يوسف قاطعهم بسخرية : اوووه ، عصفوري الحب لا تقلقا ، ستفترقان الان وللابد ايضاَ .
- الن تتوقف عن مثل هذه التصرفات الطفولية يوسف ؟ الى متى تريد البقاء طفلاً ، كف عن مثل هذه الاقوال واجعل امل تذهب لنصفي امورنا بيننا فقط رجلاً لرجل ."اجابه دانيال بغضب"
- اوه للاسف انا لا استطيع هذه المرة ،حل مشكلة اليوم يحتاج عزيزتي امل ، اليس كذلك امل ؟ ... لحظة ، ام لم تخبريه بعد ؟
التفتت امل الى دانيال وملامح البؤس ظاهرة عليها ، فهي توصلت الى ما الذي يريد فعله يوسف ، اما دانيال فالقى نظرة عليها وسالها : ما الذي يتحدث عنه امل ؟ ما الذي فعله بكِ ؟
- نحن سنتزوج .
التفت دانيال بدهشة الى يوسف محركاً راسه نفياً عن قدرته على التصديق .
- ما ... الذي .. تقصده ؟
يوسف : "بنبرة منخفضة" اوه لماذا كلاكما لديكما نفس التعبير ، "بنبرة اعلى" نعم انه كما سمعت تماماً س ن ت ز و ج .. سنتزوج .
التفت دانيال الى امل فقامت بالرد على يوسف بنبرة غاضبة : ولكنني لم اوافق ولن اوافق بتاتاً كف عن التفوه بمثل هذه الترهات ، وابعدني عن مشاكلك وامورك الجنونية .
- لن تستطيعي الحلم بذلك عزيزتي بتاتاً ، ما الذي استطيع فعله ان احببتك هكذا ؟
شعر يوسف بلكمة اخترقت ذقنه وقامت بتكسير اسنانه وجهت اليه من دانيال بعد ان دفعه ارضاً ثم انهال عليه بالضرب بقوة ، لم تستطع امل ان تبعدهما عن بعضهما فجلست على الارض تنتحب بخوف .
- هل انت مجنون ؟ ان اقدمت على فعل مثل هذه الامور ساقتلك تماماً ."قال دانيال بحدة"
استقام دانيال بعد ان توقف عن ضرب يوسف وتوجه الى حيث توجد امل فامسكها من معصمها وسحبها الى مكان لا يوجد به احد .

- ما الذي يحصل امل ؟ هل ما سمعته صحيح ؟ اخبريني بحق الله ما الذي يحصل ؟
قامت امل بسرد الموقف على مسامع دانيال وبدات ملامح الغضب تعتري تفاصيل وجهه ، دهشته من يوسف فاقت توقعاته وحطمت الرقم القياسي ، هم دانيال بالتوجه الى يوسف الا ان امل استوقفته .
- رجاءاً لا تقم بفعل اي امر ، ففي النهاية سيقلب الامر على راسي انا ... في الحقيقة لا اعلم لمَ يوسف يكرهك الى هذه الدرجة ولمَ يريد فعل ذلك بي ليكسر شوكتك انت ولكن انا حقاً لا اعلم ان كنت الذي اراه امامي هو يوسف الذي اعتدت على التحدث معه ومصادقته ، ولكن هل هنالك علاقة بينك وبين يوسف ؟
"اجابها بتوتر" : لا ، لا ابداً وما هي العلاقة التي ستكون بيننا ؟ لا تقلقي ساحاول حل الامر واخراجك من بيننا .
- لا انا ارجوك ، ساتفاهم معه بنفسي فانا لا اريد لغضبه بان يزداد اكثر من هذا.

استسلم دانيال لاصرار امل قلقاً عليها ، هو يعلم بان يوسف لن يبقى هادئاً ، وخائفاً من الذي سيفعله يوسف ، فدهشته به فاقت توقعاتها .
بعد ان انهت امل من مناوبتها ، تلقت مكالمة صادرة من يوسف ، اخذت نفساً عميقاً واجابت عليه بما تحمله من هدوء .
- ان كنتِ انتهيتِ ، توجهي الى المقهى الخاص بالمستشفى ."اخبرها بهدوء"
"متناسية هدوءه المفاجئ" : حسناً ، ساتي الان .

توجهت امل الى حيث اخبرها يوسف فوجدته جالساً على احد الطاولات يرتشف قهوته ونظراته باردة لا تدل على اي شيء ، تقدمت منه وسحبت كرسياً وجلست.
- ما الامر ؟ اخبرني .
- لنتحدث عن زواجنا و نقوم بتحـــ...
"مقاطعة" : يوسف انا ارجوك توقف عن التطرق لهذا الامر ، انا قد تعبت فعلاً كيف من الممكن ان نتزوج و الموقف بيننا هكذا قبل الزواج ، انا ارجوك لتتوقف عن هذا الامر وعد الى يوسف الذي كنت اعهده ارجوك .
- بل سنتزوج والا.... "رفع نظره الى عينيها" سيتدمر دانيال "اجابها بحدة"
-- وما دخل دانيال بهذا الموضوع ، وما ذنبي به ؟ ، ارجوك توقف عن هذا
- ان كنت ستصدقين ام لا ، ان لم نتزوج انا اعدك بان دانيال سيتدمر كلياً ويصل الى حافية الهاوية .
- كف عن هذه الترهات يوسف .
استقامت من مجلسها هامة بالذهاب ، الا ان استوقفها صوت يوسف .
- اقراي هذه الاوراق قبل ذهابك .
اخذت امل الاوراق وبدات تقرا ، بعد وهلة فتحت اعينها على اوسعهما وصدرت شهقة منها دلت على صمتها ورددت " هذا غير صحيح ، غير صحيح بتاتاً " ، ثم نقلت نظراتها الى يوسف مستنكرة " هذا غير صحيح كيف لك ان تفعل هذا ؟ "
- اخبرتك منذ قليل ، انني استطيع تدميره كلياً ، هذ الاوراق التي بين يديك تثبت ان العملية التي قام بها منذ سنتين لضحية حادث السير والتي سُجِن فيها مرافق الضحية لطعنك هي خطؤه بالكامل ، مممم ومن الممكن ان تتسبب هذه الاوراق بسحب مزاولته وسجنه ربما لخمس او سبع سنوات ممم لا استطيع التذكر .
- كيف لك ان تفعل هذا ؟ لماذا ؟ ارجوك توقف .
- اذاً لنتزوج .
عندما لم يجد منها جواباً بعد مضي دقائق ، اعتدل من جلسته ومر من جانبها هاماً بالذهاب بعد ان اخبرها بانه سيمنحها بعض الوقت للتفكير وتركها محطمة عاجزة عن التفكير او القيام باي شيء ، لم تتوقع ان يوسف قد يفعل مثل هذه الامور .

"امل"

مرت ثلاثة ايام بعد ان اخبرني يوسف بانه سيدمر دانيال ان لم اتزوجه ، افكاري مشتتة طيلة الوقت ، لم اتناول وجبة هانئة منذ ايام ، افكار تأخذني لضفة وتنقلني اخرى للضفة المعاكسة ، لا استطيع اخذ كلام يوسف باستهتار ، يوسف الجديد من الممكن ان يفعل اي شيء ، وفي المقابل انا لا استطيع الاقدام على امر قد يضر بدانيال ، تلك الاوراق قد تدمر مستقبله كلياً ، ولن يتسطيع العودة لمزاولة المهنة مهما فعل ، انا محبطة منذ عدة ايام ، حيث انني اتجنبه في كثير من الاوقات لعدم قدرتي على لقاء عيني بعينيه ، انا اعلم بانه سيستطيع سحب جميع افكاري ما ان تلتقي اعيننا ، وانا لا يجب ان اسمح بهذا الامر بتاتاً ، ان علم دانيال بالامر بالتاكيد ستحصل مشكلة كبيرة وسيمنعني من مساعدته ، ومن الممكن ان يتهور ويقوم بالتخلي عن حياته من اجل ان يخلصني من يوسف .

استوقني هاتفي عن استكمال عملي معلناً صدور رسالة من يوسف ، فتحتها ، " هل قررتِ ام ماذا ؟ لا يجب عليكِ ان تأخذي الكثير من الوقت ." ، اخذت  نفساً عميقاً وارسلت رداً اليه " بلى قررت ، متى ما شئت لنلتقي " ، وعزمتُ على القيام بما سيريح قلبي فقط .

ما هي الا نصف ساعة حتى رايت يوسف يتوجه ناحيتي وانا عند قسم الاستقبال .
- متى تنتهين ؟
- ما زال الوقت مبكراً على انتهاء نوبتي ، لمَ لم تخبرني بقدومك اولاً ، ساحاول اخذ استراحة انتظر .

"يوسف"

بقيت طيلة المدة التي امهلتها الى امل متوتراً قلقاً من رفضها لي ، اعلم بانني اسأت معاملتها في الآونة الاخيرة ، ولكنها هي من كانت تجبرني على القيام بذلك ، علاقتها مع دانيال لم تكد تترك عقلي وقلبي الا وتكتسحهما ثانية ، لا استطيع التخلي عنها مهما حصل وخسارتها لدانيال .
عندما وصلتني رسالة من امل تخبرني فيها انها قررت توجهت اليها مسرعاً ، متشوقاً لسماع قرارها وقلقاٌ في الوقت ذاته .
جلست انتظرها على احد كراسي باحات المشفى الخارجية ولمحتها تقترب باتجاهي ، ومع كل خطوة تتخذها باتجاهي قلبي يتراقص على تناغم اوتار القلق والخوف .
- لقد انتظرت طويلاً ، اعتذر ."حدثتني برسمية"
- لا باس ، اذا هاتِ ما عندك .
- لنتزوج يوسف .





فوضى الفانيلياWhere stories live. Discover now