"الجزء الثالث"

324 11 4
                                    

"دانيال"

بعد مرور ما يقارب الاسبوعين على مغادرة يوسف كندا وتركي لوحدي مع الوالدة ، حاولت اقناعها بالعودة معي الى موطننا الام ، وها نحن ذا بالطائرة ننتظر بفارغ الصبر وصولنا على ارض الوطن .
- لماذا لا تريد ان تستقر في كندا ؟ ."سالتني امي"
- انا مرتاح  في المكان الذي اعمل به ، ولا نية لي في الوقت الحالي بان انقل مكان عملي ، لتستقري انتِ معنا هنا ، ليس لديك احد هناك .
- نعم بالفعل ، لكنني اعتدت على العيش هناك .
- لن يحدث الا خيراً ان شاء الله ، ولكن لنفكر بالامر حينما ياتي وقته المناسب .

لن انكر ان علاقتي بوالدتي افضل مما كنت اتوقع ، انها تحاول تعويضي بشتّى الطرق عمّا فاتني من حنانها ، ولكنني علمت ايضاً بانها تكن بعض الكره والالم اتجاه اخوتها و والدها الذين حرموها مني طيلة هذا الوقت لسبب لا يجب ان يصنف كسبب ، فاشعر بالاسى للحالة التي وصلت امي بها بسبب .
وصلت الطائرة بعد انتظار قد طال ، اسرعت بانهاء معاملات الوصول واخذت الحقائب وخرجت انا و الوالدة الى صالة الانتظار لنرى يوسف وامل ينتظراننا على احرّ من الجمل ، وما ان اصطادتنا امل من بين الجموع حتى هرولت الينا وتبعها يوسف .
- الحمدلله على سلامتكما ."تحدثت امل مبتسمة"
- اهلاً بنيتي امل ، اليس كذلك ؟ .
- نعم انا هي امل ."وانقضت على امي تحضنها"
- كيف كانت سفرتكما ."سال يوسف"
- بخير ولكن كما تعلم طويلة جداً ."اجبته"
- وانا خير عالم بهذا ، المهم انكما وصلتما بالسلامة .

تولّ يوسف القيادة متوجهاً بنا الى منزله بعد اصرار كبير منه ومن امل ، جلست بجانبه وجلست امل بجانب والدتي في الخلف ، دارت بيننا الكثير من الاحاديث واخذت امي بالتعرف على امل ، الشعور بأُلفة العائلة كان له اثر مريح في نفسي لم اشعر به منذ زمن طويل .
- ها قد وصلنا واخيراً ."تحدث يوسف بحماس"
- تفضلي خالة اروى ، ويوسف ستساعده في نقل الحقائب اليس كذلك ؟ .
- اوه نعم بالطبع . 

ادخلني يوسف الى الغرفة التي جلست فيها قبل ان نغادر الى كندا ، فاستغللت فرصة خروجه وتوجهت لاخذ حمام سريع .
خرجت من الغرفة الى الصالة فوجدت امي هي الاخرى متوجهة اليها .
- لم تقبل بمساعدتي لها في تحضير العشاء ."قالت امي"
- تلك هي طبيعتها ، لا تقبل مساعدة احد او حتى تجهده .
- انها لطيفة ، اتعلم ؟
- مممم .
- ماذا ؟ 
- لا شيء ، انها لطيفة نعم .
- هيّا هيّا الى المائدة ، تم تجهيز كل شيء ."تعالى صوت يوسف من المطبخ بحماس"

توجهت انا وامي الى المطبخ وجلسنا حول المائدة ، كانت مليئة باطعمة مختلفة الانواع واغلبها المفضل لدي .
- اتعبت نفسك واجهدتها يا بنيتي .
- لا ابداً ، لا تعلمين كم كنت متحمسة للقائك .
- انتِ حسنة اللسان ولبقة للغاية .
- في الواقع يا خالة ، انها لا تعلم كيف تجامل ، لذا ما تقوله صحيح ، لا تعلمين ماذا فعلت بي عندما تاكد زمن مجيئكما ."رد يوسف"
- شكراً لك امل .
- ابداً يا خالة .

تناولنا العشاء واحاديث متنوعة تتناقل بيننا ، ولم يكفي العشاء بل قدمت لنا امل التحلية .
- لستُ من قمت بعمل التحلية ، طلبت من يوسف شرائها من مطعم قد تناولناه هناك واردت منكما ان تجرباها ايضاً .
- انها شهية ومنعشة ." اخبرتها امي"
- بالهناء والعافية .

استمر جلوسنا معاً حتى كاد الليل ان ينتصف ، فانهت امل السهرة باجبارنا على الراحة من مشقة السفر ، وبالفعل توجه كل منا الى غرفته واخذ النوم مني مأخذه .

"يوسف"

بسبب تقسيم الغرف الجديد ، اصبح لكل من الخالة اروى ودانيال غرف منفردة ، فتبقت غرفة اصبحت لي ولامل ، انها ثاني مرة نجتمع فيها في نفس الغرفة منذ زواجنا بعد مبيتي في منزل والديها ، ولكنها الاولى حتماً في مشاركتنا للسرير ذاته .
- سأنام انا على الارض واترك لكِ السرير لتستطيعي النوم ."اخبرت امل وانا اعد منامي الارضي"
- مممم لا بأس ، سيكون النوم على الارض مزعجاً لك ، تستطيع النوم على السرير ."اجابتني بتردد وتوتر"
- حقاَ ؟ ."سالتها بفرحة"
- مممم .

صعدت الى السرير بسرعة قبل ان تغير من رايها ، لم اتوقع منها ان تطلب مني النوم على السرير ، فنحن اثناء اعداد الغرف لم نتطرق لهذا الامر بتاتاً ، حيث انه يسبب الحرج لكلانا .
صعدت هي الاخرى الى السرير ، واحتلت الطريف البعيد جداً مني منه ، قلقت بان تقع ، حيث بانه يبان لي بانها ليست على السرير بتاتاً .
- امل ، ان كنت ازعجك استطيع النوم على الارض .
- لا ابداً ، انا معتادة على النوم هكذا ، لذا لا تقلق ونم .
وبالفعل ما مرّ سوى دقائق حتى غططت انا بالنوم من التعب .

"امل"

دقات قلبي تكاد تفجر اضلاعي ، انها المرة الاولى لي بالنوم بجانب رجل ، على الرغم من انه زوجي ، ولكنني اجد الامر في غاية الغرابة ، فاخذت اقصى حافة السرير واعطيته ظهري حتى اخفف من شدة توتري .
مرّ الوقت ببطء وانا احاول الهدوء لانام ، لكنني لم اشعر بنفسي سقطت بالنوم الا بعد ساعات طوال ربما .
استيقظت على صوت يوسف وهو يحثني على النهوض .
- امل ... امل هيّا ، ان الخالة اروى قد حضرت الفطور بالفعل .
- ماذا ؟ "نهضت بفزع"
- نعم ، لذا هيّا .

نهضت بسرعة مفزوعة ، لم ارد منها ان تحضر لنا الفطور واتعاب نفسها ، اصابني الحرج منها ، كيف كنت نائمة براحة وهي تحضر لنا الفطور .
- صباح الخير ."تحدثت بحرج"
- صباح الخيرات ."ردت عليّ الخالة بابتسامة"
- اعتذر منك بشدة ، لم يكن عليك ان تفعلي ذلك .
- لا ابداً ، لا باس يا بنيتي ، اعلم بانك متعبة ومرهقة ، لذا لا باس ، ونحن لن نكون ضيوفاً بعد الان ان اردتم لنا الاقامة هنا .
- بالطبع لستم بضيوف ، فالمنزل منزلكم .
- حفظك الله يا امل .
- وادامك الله فوق رؤسنا يا خالة .

تناولنا الافطار كما تسري العادة ، وتشاركنا بالاحاديث بعدها ، ولكن في فترة الظهيرة استأذنت منهم جميعاً ، حيث كان لدي مناوبة مسائية اجبارية ، ولم يصلح تبديل الجداول بيني وبين اي طبيب اخر .
- اذاً استأذنكم الان ، رغم انني خجلة من ذهابي ، ولكنه رغماً عني .
- لا بأس رافقتك السلامة عزيزتي .
- يوسف ، اقترب قليلاً .
اخبرت يوسف بان يلحقني عند الباب لاحدثه بانفراد .
- لا تنسَ باخذهم لتناول الغداء ، وخذهم للتجول ان استطاعوا ذلك ، لا تجعلهم يشعرون بالملل ، واعتذر لهم بالنيابة مني ، حسناً .
- حسناً حسناً لا تقلقي ، اعلم ما الذي عليّ فعله ، ثم انهم يعلمون ظروف عملنا لذا اعملي براحة ولا تشغلي بالك بأيّ شيء .
- حسناً ، ساذهب الان .
- رافقتك السلامة .

توجهت بعد ذلك الى مقر عملي العزيز ، المستشفى ، وبمجرد دخولي بدأت بعملية جراحية لكبير في السن يعاني من جلطة دماغية ، ولم اقوَ على التحرك بعد انتهائها .

فوضى الفانيلياOnde as histórias ganham vida. Descobre agora